2023-12-17 16:20:26
أمد/
كان العراق حامي البوابة الشرقية المنيعة للأمة العربية ومنعةً ورفعةً لهذه الأمة وركيزة من ركائز قوتها ولا يزال كذلك عندما يعود كعهده قوياً معافى إلى هويته وماضيه وحضارته وأمته، وقد وقف العراق في دكتاتورية الشاه ومؤامراته ضد الأمة العربية واراد هدم العراق لتركيع المنطقة، وانتهى صراع الشاه ضد العراق بمساعي جزائرية وبإتفاقية سميت بإتفاقية الجزائر، وبعد استيلاء خميني على السلطة أراد فعل وتكملة ما لم يتمه الشاه بدعم غربي، ولم يكن خميني يريد العراق وحده بل أراد ابتلاع العراق والجزيرة العربية والشام تحت شعار تحرير فلسطين، وطريق تحرير فلسطين يمر عبر كربلاء، ومن هنا بدأ عدوان خميني على العراق وتبديد مقدرات الشعب الإيراني ودماء أبناءه من أجل تحقيق أحلام خميني وتلبية أطماع الغرب، وبعد 8 سنوات حرب مُهلكة للدولتين وشعبيهما اندحر خميني في الحرب وتجرع كأس السم، لكن نظام الملالي المخادع أوقف إطلاق النار مع العراق ولم يوقف الحرب والعداء ضده وأضمر الشر والضغينة للعراق والمنطقة وقد رأى الجميع ذلك في احتلال العراق سنة 2003 وما بعده حيث تمكن الملالي من العراق بدعم غربي، وبعد خسارة العراق توالت الخسائر دولة بعد أخرى وأزمة بعد أخرى، وأطبق فكي الكماشة على العرب بشدة ودخلوا المعصرة، وبدأت عملية العصر التدريجي لهم، فك نظام الملالي التوسعي المتطرف من جهة الشرق وفك الصهاينة وداعميهم على الجهة الأخرى.. والأحداث الجارية شواهد، والقادم اسوأ ما لم نصحو ونواجه الملالي ونغلق صفحة وجودهم التاريخي ونتخلص من صانع الأزمات وصياد الماء العكر هذا القابع في طهران ويحرك ولاته في دول المنطقة.
ملالي إيران وإسرائيل يحاصران العرب سياسياً وجغرافياً وتاريخياً
يعتمد الواقع القائل بأن إيران وإسرائيل يحاصران العرب كفكي كماشة على العديد من العوامل السياسية والجغرافية والتاريخية ويتضح ذلك جلياً أن هناك تدخلاً إيرانياً في الصراعات في المنطقة بقصد توسعي ومن منطلقات توسعية ومفاهيم تاريخية غير سوية يقابلها على الجهة الأخرى احتلال اسرائيلي توسعي لفلسطين وبنفس المنطلقات التي لدى الملالي ولن يكتفي هذا الاحتلال بفلسطين بحسب تصريحاته وتتوافق توجهات كلا الطرفين سواء كان ذلك بالإتفاق أم مصادفة وبين فكي الكماشة العديد من القواسم المشتركة ومنها عامل الإدعاء الديني والنزعة التوسعية والنظرة الاستعلائية على الآخرين.
ويحاصر ملالي إيران وإسرائيل العرب سياسياً وجغرافياً وتاريخياً على النحو التالي:
تاريخياً: يعيش ويتحرك كلا الكيانين نظام الملالي في إيران وسلطات الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين بنزعة الأسمى والأحق بالوجود وتلك نزعة تاريخية حمقاء متعجرفة لا تستند إلى قيم رشيدة، الأمر الذي دفع كليهما إلى انتهاج سلوك وممارسات عدائية ضد العرب منذ فترة طويلة، وقد وضع هذا العداء في وعاء ديني وسياسي غير نقي إذ يدعي كلا الكيانين على نحو متضارب ومناقضٍ لنفسه بأنه نظامٌ ديني على درجة عالية من الوعي السياسي والإقتدار.
سياسياً: بعد فشلهم في كسر العراق في الحرب ونزع قدراته كان المسعى إلى تفتيت العراق من الداخل من خلال خلق ميليشيات ومجموعات سياسية عراقية ودعمها ونسخ مشابهة منها في دول عربية أخرى كمعول هدم أيضاً على غرار حزب الله في لبنان، وتكون تلك الميليشيات والمجموعات الموالية لملالي إيران ذراعا لهم يتمددون من خلاله في المنطقة وأول تلك الأذرع كان حزب الله، وكان الهدف من ذلك تهديد وهدم استقرار هذه الدول ومصالحها وبالتالي نزع قدراتها الأمر الذي يلبي ويتماشى مع مخططات الصهاينة في المنطقة ودون أدنى تكلفة، مما يزيد من نفوذ ملالي إيران في هذه الدول ويضمن لهم وللصهاينة الأدوات اللازمة لابتزاز ومساومة العرب تحت عناوين مختلفة.
جغرافياً: لإيران المعاصرة موقع جغرافي هام يشرف على كافة دول الخليج ويمتلك حدود برية ومائية طويلة وهامة مع العراق الدولة العربية الأهم في نقطة الإنطلاق نحو الهيمنة على المنطقة خاصة بعد احتلاله سنة 2003 ومآل الأمور فيه للملالي قوى عراقية موالية لهم وبالتالي يشكل الملالي فك كماشة عصر من جهة المشرق وتشكل سلطات الاحتلال الإسرائيي في فلسطين الفك الآخر لكماشة العصر تلك، ولدى كلا الكيانين أطماعهما التوسعية جغرافياً الأول يريد التوسع وصولا إلى المغرب على المحيط الأطلسي، والثاني مسكين قنوع يريد التوسع من غرب النيل إلى الفرات فقط أي يريد مصر وفلسطين والأردن وسوريا ولبنان والعراق ومعظم الجزيرة العربية واليمن وكل أرضٍ ذات صلة.
إن أوجه التعاون بين ملالي إيران وكيان إسرائيل قديمة متعددة وعلى عدة مستويات وقائمة حتى اليوم، ولا يغرنكم تلك المناوشات الإعلامية الموجهة لضرب عقول الرأي العام وينتهج كلا الكيانين نهجاً يكاد يكون متفقاً عليه بخلق أزمات موسعة في المنطقة ونشر الفوضى فيها وضرب أمنها وإهلاك مجتمعاتها واستنزاف قدراتها وهذا ما هو قائمٌ اليوم في الكثير من الدول العربية ومن لم يقع منها في قبضتهم لا يزال هدفا لهم، بالإضافة إلى أن ما قد يعلنه الملالي على سبيل المثال من أحكام إعدام بتهمة التجسس لصالح الموساد بتهم مطاطية لا تُقنِع عاقلا تتم بحق معارضين سياسيين لنظام الملالي وبهذه التهمة يقتلون المعارض وسيرته من بعده.
نعم هناك احتمال كبير أن يفكر العرب في كسر فك الكماشة الشرقي المتمثل في توسع ملالي إيران وداعميهم وبالتالي يصبح فك إسرائيل قاصراً سهل السحق، ولابد أن يتخطى الأمر مرحلة التفكير في كسره ذلك لأن الوقت ليس لصالحهم فمن داهم بيت أخاهم يقف على مقربة من أعتاب بيوتهم، ويواجه العرب على هذا الطريق تحديات عديدة منها:
المخطط التوسعي للنظام الإيراني: المخطط الذي يرمي إلى تعزيز نفوذ نظام ولي الفقيه في دول المنطقة كافة بدءا بالعراق وسوريا ولبنان واليمن والأردن والسعودية في مرمى الهدف؛ فماذا بعد ذلك.
الاحتلال الإسرائيلي: الذي يتمثل في استمرار احتلال الأراضي الفلسطينية وانتهاكاته المستمرة لحقوق الشعب الفلسطيني، والعمل على محو شيء إسمه فلسطين تاريخياً، وقضم الأراضي يوما بعد يوم وخلق منافي جديدة للفلسطينيين ثم التفرغ لمشروع إسرائيل الكبرى على نار هائة ومُهلِكة وبدعم غربي، وينتهي كل شيء.
دعم الولايات المتحدة لإسرائيل: الدعم الذي يمنح إسرائيل ميزة عسكرية وسياسية كبيرة تمكنها من الإستمرار في سياساتها العدوانية كسلطة احتلال في المنطقة.
كل هذه التحديات تجعل العرب يشعرون بالتهديد، وتدفعهم إلى التفكير في طرقٍ للرد عليها، وكسر فك الكماشة الشرقي الذي هو ليس أحد الخيارات التي قد يفكرون فيها اليوم وإنما فريضة خلاص لهم، وهناك عدة عوامل تدعم احتمالية تفكير العرب في كسر فك الكماشة الشرقي منها:
تزايد الوعي العربي بالمخاطر التي يشكلها كلا الكيانين ملالي إيران وسلطات الاحتلال الإسرائيلي على أمن المنطقة.
ظهور قيادات عربية جديدة تسعى إلى تعزيز التعاون العربي، ومواجهة التحديات المشتركة.
تراجع النفوذ الأمريكي في المنطقة مما يمنح العرب مزيداً من الإستقلالية في اتخاذ قراراتهم الخاصة.
وبطيبيعة الحال هناك أيضاً بعض التحديات التي قد تواجه العرب إذا قرروا كسر فك الكماشة الشرقي منها:
صعوبة الاتفاق على آلية لتنفيذ هذه السياسة.
المخاطر العسكرية المحتملة وكيفية الاستعداد لها.
ومع ذلك فإن احتمالية تفكير العرب في كسر فك الكماشة الشرقي هو اتجاه إيجابي يعكس رغبة العرب في حماية مصالحهم وتعزيز أمنهم القومي وحماية هويتهم وكرامتهم وتاريخهم.
بعض الخيارات التي قد يفكر فيها العرب لكسر فك الكماشة الشرقي:
وهناك عدد من الأسباب التي تجعل العرب يفتقرون إلى هذا النوع من التكتيك السياسي المناور في مواجهة الملالي وأذرعهم ومنها /
أولاً: وجود انقسامات عميقة بين الدول العربية، وهو ما يجعل من الصعب عليها الاتفاق على موقف مشترك تجاه إيران.
ثانياً: تعاني العديد من الدول العربية من مشاكل داخلية مثل الفساد والفقر وهو ما يقلل من قدرتها على مواجهة التحديات الخارجية.
ثالثاً: تتمتع إيران بدعم روسيا والصين، مما يمنح لها ميزة في المنطقة.
ومع ذلك هناك بعض الجهود التي تبذلها الدول العربية لتعزيز موقفها في مواجهة مؤامرات نظام الملالي على سبيل المثال إنشاء دول مجلس التعاون الخليجي مجلساً دفاعياً مشتركاً، وتعمل على تعزيز تعاونها الأمني مع الولايات المتحدة، كما تسعى الدول العربية إلى إيجاد حل دبلوماسي للنزاع في اليمن الذي هو أحد مصادر التوتر الرئيسية بين نظام الولي الفقيه والعرب.
فيما يلي بعض التكتيكات السياسية التي يمكن أن تساعد العرب في مواجهة إيران وأذرعها:
تعزيز التعاون الأمني والعسكري بين الدول العربية.
دعم الحركات الديمقراطية في الدول الموالية لنظام الملالي الأمر الذي سيؤدي إلى إضعاف النفوذ الإيراني في هذه الدول.
تعزيز العلاقات مع القوى العالمية التي تعارض نفوذ نظام الملالي في المنطقة، ويمكن أن يساعد ذلك الدول العربية على الحصول على الدعم السياسي والعسكري الذي تحتاجه لمواجهة الملالي.
من المهم أن تدرك الدول العربية أن مواجهة ملالي إيران على هذا النحو الحالي لن تكون سهلة، ومع ذلك فإن اتخاذ الإجراءات اللازمة لذلك الآن يمكن أن يساعد في تعزيز موقف العرب في المنطقة وحماية مصالحهم.
وللتذكير: عندما كانت منظمة مجاهدي خلق في العراق كان لمجرد وجودها على الأرض الأثر الكبير في مواجهة نظام الملالي الذي لم تهدأ نوبات جنونه الهستيري وتخبطه السياسي المثير للانتباه إلا بعد خروجهم من العراق والأحداث شواهد على ذلك…؛ واليوم نحن بحاجة فعلية إلى تنشيط الحراك الشعبي المنتفض داخل إيران، وبحاجة إلى تعزيز دور القوى الثورية الناهضة داخل إيران، وبحاجة إلى قوة سياسية منظمة رشيدة كالمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية لنرسم خطوط المستقبل السياسي في إيران والمنطقة معاً.. وتلك رؤية مشروعة ولتكن لنا مخططاتنا لمواجهة مؤامراتهم.
لا أحد يُنكر على العرب مواقفهم الثابتة تجاه القضية الفلسطينية وهذه فريضة عليهم، ولا يمكن للملالي ولا غيرهم المزايدة على ما قدمه العرب من تضحيات صادقة دماء ودعم سياسي ومالي للقضية الفلسطينية ولا زالوا مستمرين في توجههم دون مزايدات.. لكن موقفهم أمام مخططات نظام الملالي لا يزال دون المستوى المطلوب بكثير، وبقوا بدون مخططات استراتيجية لمواجهة خطر الملالي الذين ابتلعوا بحسب قولهم أربعة دول عربية ويستنزفون دولا أخرى؛ والبقية تأتي.
لا يوجد فينا ولا بيننا من يريد الحروب وهي أخر الخيارات إن تطلبت الكرامة ذلك؛ ولكن للحروب اليوم أشكال عدة يمارسها ملالي السوء ضد دول وشعوب المنطقة ومن بينها ما يملكه من أدوات وأذرع وعصابات كلها مُسخَّرة لهدم الدول العربية بالفتنة والسلاح والمخدرات، وبالطبع سيترفع العرب عن بعض تلك الأساليب وهذا أمرٌ مؤكد؛ لكنهم في الوقت ذاته لا يملكون أي تكتيك سياسي مناور على الأرض في مواجهة الملالي وأذرعهم؛ ففي السنوات الأخيرة تمكن ملالي إيران من تعزيز وجودهم في المنطقة العربية من خلال دعم الميليشيات وأنظمة رجعية، وقد أدى ذلك إلى تقويض الاستقرار في المنطقة وخلق مخاوف أمنية لدى الدول العربية.
ختاماً هل سيفكر العرب في كسر فك الكماشة هذا لإبطال مفعول الفك الثاني وتحييده أم هم سعداء بهيمنة بعير طهران على تلهم.