2023-12-18 10:48:54
أمد/
المثير في أمر هذه الحرب الإسرائيلية العدوانية الفاشية ضد الانسانية من بوابة فلسطين وعبر رئتها الجنوبية أساسًا غزة الإباء والصمود العظيم (وبالطبع بصيغة أخرى من العدوان بالضفة الغربية، وفي فلسطين 48) هو التركيز الغريب المريب على حجم المعاناة والألم بمشاهد الشهداء والتقطيع والدمار داخل بعض الفضائيات (والتطبيقات) العربية الموجهة والمؤدلجة والمضللة، وكأنهم يمارسون الحيل النفسية باستجلاب التفريغ النفسي للمشاهد العربي المتخم بالصور والاجتزاءات، ومخاطبة انفعالاته الهائجة فقط وتعبئتها وتوجيهها عن قصد باتجاه خاطيء عوضًا عن توجيهها للقيام بعمل يومي إيجابي داعم لاخوانهم أجمعين، وداعي للتآزر والتضامن.
في مقابل مشاهد الدمار والتيئيس (ونفسيًا يُسقط في ذهنهم ألا تفعلوا شيئًا فالمقاومة تقوم عنكم بالواجب!؟) تجد النفخ الإلهي بحجم الانتصارات والبطولات اليومية ضد العدو الإسرائيلي! فيعيش المتابع تناقضه بين البكاء أو الدعاء (وربما التلهي وكأنه يشاهد مسلسلًا تركيًا أو عربيًا) مقابل التهليل والتكبير بالنصر العظيم! دون أن يفكر للحظة فقط ماذا لو كان هو مكان الآباء أوالأطفال أو الامهات الفلسطينيات العظيمات في غزة؟ ماذا يفعل؟ وكيف يتصرف؟
إنه ينصرف إنصرافًا كاملا عن حجم الألم والمعاناة للناس حين يجد البطولات والانتصارات فيما يُهيأ له زوال الاحتلال الكلي!؟ فيتسامح نفسيًا بطريقة عجيبة مع عدد الضحايا المدنية وكأنها قربان مطلوب لبقاء المقاتل أو المقاوم أو المناضل!؟ أو كأنه قدرهم المحتوم!
إن آلية النضال والمقاومة مقلوبة، إذ من المفترض أن يقف فيها الفدائي ليفدي شعبه أولًا بصدره وحياته وكل ما يملك ويقف ليحمي أرضه، هو وقيادته السياسية "العظيمة" أمامه وليست خلفه!
والى ذلك فإن القائد السياسي الواعي والحكيم والذي يحترم شعبه ونضاله، أن يراجع نفسه بل ويحاسب نفسه بقسوة قبل أن يحاسبه الله سبحانه وتعالى في كل يوم ليرى حجم الانتصار أوالنجاح أوالخسارة مرتبطة بحجم الضحايا أولًا (أم أن الناس لا يحتسبون من حجم الخسارة العظيم مطلقًا لدى سيادته فهم وقود المعركة العظمى!؟ وعليهم الاستسلام لقدرهم، وما في اليد حيلة!؟).
لكم الاطلاع على ما كتبه من أهل غزة بالجانب الانساني من صرخات د.حكمت المصري وحسن حسين الوالي ود.شيرين الضاني وسعيد الكحلوت ووليد العوض وزينب الغنيمي ود.إبراهيم أبراش ود.ناصر الصوير هذه الأيام حالكة السواد على شعبنا العظيم وليس قيادته، وليرجع لما كان قد فعله وكتبه الأديب الشهيد رفعت العرعير وغيره الكثير، وليتخيل نفسه هناك وماذا يفعل ويقول؟
إن على القائد "العظيم" داخل المعركة أو خارجها حين يراجع نفسه ويرى حجم النتائج الكارثية مقارنة بالمخطط، وما كان متوقعًا منه أن يعيد النظر وجوبًا، ويتخلى عن أحلام زهوه وعظمته في نومه ويقظته، ولا يحلم بالانتصار على أشلاء شعبه بتاتًا في بلد العصر الحجري.
على القائد "العظيم" أن يدرك ويفهم حجم خطأ الحسابات الذي قد يكون وقع به في ظل فهم المتغيرات والمستجدات الداهمة، واختلاف المعطيات مع تتابع الاحداث والضحايا من الأهل.
إن المعطى الانساني فوق رقبة كل قائد "عظيم" أو ليس له من العظمة شيء! إن لم يفهم ذلك سابقًا فعليه أن يفهمه الآن. وإن لم يفهم مقولة الخالد ياسر عرفات أن الشعب أكبر (وأعظم) من قيادته، فليشرب هو فقط من ماء بحر غزة العظيم، لأن دمار قطاع غزة، و مئات الآلاف من الشهداء والأسرى والجرحي والآمال والأحلام المفقودة ليست سوى لعنة في وجه هذا أو ذاك القائد "العظيم".
إن لم تكن أي عملية أو حرب أو مقاومة أو ثورة أو كفاح من أجل البلد من أجل فلسطين، من أجل أهل فلسطين فلمن هي؟ هل هي لمشروع حزب أم لتنظيف أيديولوجية، ام لحُكم أم تسيّد شخصي! أم فقط لنصرخ أن المقاومة أو الثورة أو القادة "العظام" بخير؟! بينما شلال الدم لا يتوقف، ولا يفعل شيئًا لوقفه.
بئست القيادة وبئس التفكير وخسر البيع، وعاشت فلسطين وعاشت الجماهيرالعظيمة.