2023-12-18 10:51:41
أمد/
لقد سقط تيار اليسار في دولة الكيان الصهيوني سقوطا مدويا في آخر إنتخابات تشريعية ، وهوالتيارالذي صنع عملية السلام مع منظمة التحريرالفلسطينية ، وصعد تيار اليمين ليحكم دولة الكيان ، ويسير بها الي مصيرها المحتوم .
إن المفارقة المثيرة للدهشة ، أن تعرب وسائل الإعلام الأمريكية ، عن قلقها، من صعود اليمين المتطرف لحكم دولة الكيان المحتل ،حيث تعتقد وكالة "أسوشيتد برس" أن حكومة الكيان الجديدة تدفع الكيان المحتل الي صدام وشيك مع أقرب حلفائها ، في مقدمتهم الولايات المتحدة ، والمجتمع اليهودي الأمريكي ، وكذلك تصريح وزيرخارجية الولايات المتحدة "أنتوني بلينكن" الذي أكد بأنه سيحكم على السياسات التي ستنتهجها"هذه الحكومة "وليس علي الأشخاص " ، وخلال فترة وجيزة ، انتهجت ،هذه الحكومة ، سياسات إستطيانية عنصرية ، وهمجية ، أدت الي حدوث عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر الماضي، ولاكن على الرغم من ذلك ، سارعت حكومة الولايات المتحدة ، الي دعم حكومة الكيان اليمينية المتطرفة ، وركزت على ردة الفعل، وتناست الفعل الشنيع ، الذي حذرت هي منه ، منذ وقت مبكر.
في ٣٠ديسمبر عام ٢٠٢٢م ، اليوم التالي، لمنح مجلس نواب العدو "الكنيست "، الثقة لحكومة الإئتلاف اليميني المتطرف في دولة الكيان الغاصب ، وقبيل عملية طوفان الأقصى بحوالي عشرة أشهر ، أعلنت هذه الحكومة التهجير القسري لألف مواطن فلسطيني من قري "مسافريطا" في الضفة الغربية ، بحجة إقامة منطقة إطلاق نار للجيش ؟!
بعد ذلك بفترة وجيزة ، أعلن نتنياهو ، ولأول مرة ، وبعد 55عاما على إحتلال الضفة الغربية ، تجريد الجيش ،من سيطرته الكاملة على العمليات في الضفة، ومنح وزيرالمالية الجديد "بتسئليل سوميترتش "الذي ينتمي الي اليمين الأكثر تطرفا، كافة الصلاحيات المدنية في الضفة الغربية ، والتي تتضمن توسيع الإستيطان في المقام الأول .كما أعلن عن توسيع الإستيطان في الضفة الغربية.
كما قام نتنياهو بتعيين "إيتماربن غفير"وزيرا للآمن الداخلي ، وهوإرهابي ، عنصري ، كان حتى وقت قريب من تعيينه ، يخضع لمراقبة القسم اليهودي لمكافحة الإرهاب بجهاز الأمن العام الصهيوني المسمى (الشين بيت )، حسب ما ذكرت صحيفة "هارتس"،وقد سارع "بن غفير"فور توليه المنصب ، الي إقتحام المسجد الأقصى ،وتدنيسه ، وإستفزاز المسلمين حول العالم .
لقد قامت هذه الحكومة الصهيونية اليمينية الإرهابية المتطرفة، منذ اليوم الأول لتشكيلها ، بممارسة الإرهاب ، والقمع ، والتهجير، وتدنيس المقدسات الإسلامية، وعلى مبدأ(شهد شاهد من أهلها) صرح الجنرال "نيتسان ألون "قائد فرقة الضفة الغربية السابق (من عام ٢٠٠٩ م الي عام ٢٠١٢م)وعلى موجات الراديو، قائلا(إن منح السلطة "لبن غفير"و "سوميترتش" لهو أمر جنوني، إنهما يسعيان لنشر الفوضى في الأراضي الفلسطينية ، على نحو خبيث ، ودون قرار رسمي ، أعتقد أن الحكومة تحاول أن تقودنا الي هذا السيناريو).
لقد قامت حكومة اليمين المتطرف،بزيادة الإعانات الحكومية للمدارس الدينية ، وتقليص المواد الإجبارية مثل العلوم والرياضيات ، كما قامت بتعيين " آفي ماعوز" مسؤولا عن المناهج الدراسية ،وهو عضو كنيست منتخب من اليمين المتطرف .
وتأتي هذه الإجراءات ، ضمن خطة محمومة ومدروسة، لتفخيخ عقول الأطفال اليهود ، وزرع كراهية الآخر فيها، من أجل بناء ، مجتمع مستقبلي إرهابي ، يؤمن بالعنف، وبإبادة المعارضين فى الرأى والعقيدة ، ويمارس ،نصوص التوراة المحرفة التي تقول )فأسمع صوت كلام الرب :- يقول رب الجنود:- إني قد إفتقدت ما عمل عماليق باسرائيل حين وقف له بالطريق عندصعوده من مصر،فالأن اذهب واضرب عماليق ، وحرموا كل ماله ،ولاتعف عنهم ، بل أقتل كل رجل وامرأة،طفلا ورضيعا، بقرا وغنما ، جملا،وحمارا ) .
هذه العقيدة الثيوقراطية لجيش الكيان المحتل، الذي يؤمن بهذه النصوص التوراتية المحرفة ،وبناءا عليها ، يرتكب مذابح الإبادة الجماعية ، كل يوم في حق أبناء غزة، فيقتل النساء ، والأطفال ، والرضع ، وكبار السن ، وكل شيىء تدب فيه الحياة، ويحرق المساكن ،والمستشفيات ، والمباني العامة والخاصة.
ومن أجل الإفلات من العقاب ، وحماية ، القتلة، في جيش الإرهاب الصهيوني،سارعت الأغلبية من اليمين المتطرف في الكنيست الصهيوني ، يإستصدار تشريع بقانون ينص على"عدم جوازإستجواب اي جندي كمشتبه به،وتحصينه ضد اي ملاحقات قضائية،بسبب فعل ارتكبه ،أوأمراصدره ،أثناء أداء واجبه ".
لكى تؤسس دولة ، عليك ، أن تغلف السياسة بالدين ، لقد استوعبت "الحركة الصهيونية " هذه النظرية الإجتماعية ، وجلبت الكثير من اليهود البسطاء من كل أصقاع العالم ، باسم الدين ، وجعلتهم يرتكبون المجازر باسم الدين ، ووصل اليمين المتطرف لحكم دولة الكيان ،باسم الدين ، أما في المنطقة العربية والإسلامية ، يحظر تأسيس اي حزب سياسي، على أساس ديني .
إن الحركة الصهيونية ، ترغب هي فقط في إحتكار ارتباط الدين بالسلطة ،في الشرق ، لإدراكها ، مدى قوة وتأثيرهذا الإرتباط في تحقيق الأهداف وصناعة العروش، الذي قد يطيح بكيانها الهش ، الذي لم يتمكن من الصمود أمام حركات مقاومة شعبية محلية ،.
لذلك لم يكن مستغربا ، أن يشهر مثقفي اليسار في دولة الكيان ، سيوف أقلامهم، للدفاع عن جيشهم الغاصب وهو يمارس التطهير العرقي ، والإبادةالجماعية ، لأصحاب الأرض، في غزة،والضفة الغربية، لقد تبخرت ، كل أكاذيب ، اليسار الصهيوني المعارض ، بعد عملية طوفان الأقصى ، وسقطت الأقنعة ، عنهم ، وعن حكومة واشنطن التي سارعت، لمد يد العون ، للكيان الغاصب ، الذي يعتبروكيلامحوريا لمصالحها ، الجيوسياسية والجيوإستراتيجية في منطقة الشرق الأوسط .
يقول ميخائيل سفارد وهو من قادة اليسارالمعارض في دولة الكيان ،الذي يقدم نفسه ،على انه من أبرزالمدافعين عن حقوق الفلسطينيين (يجب أن تتوقف إستثنائية الغرب لإسرائيل بخصوص جرائم الفصل العنصري ضد الفلسطينيين ) ،بعد طوفان الأقصى، لم نسمع ان ميخائيل سفارد، إستنكر ذبح المدنيين ، والأطفال في غزة، وابتلع مثقفي ، اليسار الصهويني ، ألسنتهم ، بل الكثير ، منهم هاجم ، حركات اليسار حول العالم ، لموقفها المساند لأهل غزة ، ولمطالبتها بوقف فوري ودائم لإطلاق النار.
ان ما كان يروج له قادة اليسار المعارض ،في الكيان المحتل، من دعوات السلام ، ووقف الإستيطان ، والفصل العنصري ، قبيل طوفان الأقصى،لم يكن إلا تكتيكات سياسية ، وتمثيليات سخيفة، بإخراج أمريكي ، غربي ، وبإعتقادي ، أن اليسار المعارض ، واليمين الحاكم ،في دولة الكيان هما وجهان لعملة واحدة ، وإرتكازات متطورة للدولة العميقة للحركة الصهيونية .
في جدلية صراع الحضارات ، تظل هناك لحظات فارقة في خاصرة ماقبل الشروق، وطوفان الأقصى ، لحظة ، من لحظات لاحقة ،غافلت قوى الظلام .وأعلنت البشائر الأولى "لنبوءة الإنتصار".