أمد/ بعد شهرين ونصف الشهر على العملية العسكرية التي شنتها حركة حماس على غلاف غزة، حيث قتلت قرابة 1200 إسرائيليا، واختطفت 239 آخرون، شرعت إسرائيل بدعم أمريكي وأوروبي غير مسبوق للقضاء على حماس دون رقيب أو مساءلة عن الكيفية والوقت والآلية التي سيعمل بها الجيش الإسرائيلي لضمان عدم تكرار ما حدث في السابع من أكتوبر.
قرابة المئة ألف ضحية بين شهيد وجريح ومفقود حصيلة اليوم الخامس والسبعين للحرب، والتي ضربت فيها إسرائيل جميع الأماكن في غزة، حتى التي تحدثت عنها أنها آمنة وطالبت المدنيين بالذهاب إليها.
وبالرغم من حالة الغضب الشعبي التي جابت شوارع العواصم العربية والأوروبية والأمريكية احتجاجا على قتل المدنيين الفلسطينيين والمطالبة بوقف إطلاق النار، إلا أن الجيش الإسرائيلي مستمر في عمليته العسكرية للإفراج عن المختطفين والقضاء على “حماس” حسب ما تقول الحكومة في إسرائيل.
“100 ألف ضحية”، وراء كل رقم قصة وحكاية، تجعل من أي طرف في الصراع إذا ما تكبد هذه الخسارة في أرواح مواطنيه، يتوقف في البحث عن مصلحته الخاصة والالتفاف إلى المصلحة العامة للمواطنين الذين باتوا لا يمتلكون حتى رفاهية الاختيار لا للصمود ولا للبقاء.
ومع إعلان إسرائيل دخول الحرب المرحلة الثانية، وتوسيع رقعة الاجتياح البري من المحور الجنوبي للقطاع خاصة في مدينة خانيونس، والتي كانت تؤوي النازحين من الشمال، وقع العديد من الجنود الإسرائيليين في كمائن للمقاومة الفلسطينية، لتتخذ بدورها إسرائيل سياسة الأرض المحروقة بالتدمير وارتكاب المجازر ودفن الأحياء واستهداف المستشفيات ومراكز الإيواء، لتحقيق هدفها خاصة بعد أن فشلت في إيجاد قواعد عسكرية واضحة للفصائل المقاومة في غزة.
وإذا أردنا أن نضع تفسيرا لذلك، نجد أن الأمور واضحة كوضوح الشمس بأن قيادة الفصائل العسكرية مكنت نفسها ووضعت الخطط المحكمة لقياداتها دون الاكتراث للمدنيين حيث صرحت قيادة حماس سابقا بأن مهمة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين “أونروا” حماية المدنيين.
في حين لا تعير إسرائيل أي اهتمام للعائق البشري المكتظ إن جاز التعبير، فهي تواصل القتل والتدمير غير آبهة بالبشر أو الحجر أو حتى الرأي العام العالمي، الأمر الذي دفع المواطنين إلى التذمر من حماس، وطريقة إدارتها للحرب من خلال وضعهم وقود لأي عملية تقوم بها الحركة ضد إسرائيل.
والمتصفح لوسائل التواصل الاجتماعي، لا يجد صعوبة في كشف حالة الغليان والغضب التي تعم الغزيين بسبب ما يحصل لهم، حيث لا يستطيعون توفير الطعام أو مياه الشرب أو المأوي خاصة مع دخول فصل الشتاء وغرق خيام النازحين بمياه الأمطار.
وعلى سبيل المثال لا الحصر، نجد تدوينات لمواطنين يعيشون تحت القصف، يريدون من حماس الاستسلام أو حتى تسليم المختطفين والقبول بوقف إطلاق النار في محاولة للبحث عن أنفسهم ولملمة جراحهم وبدء حياة بعيدة عن أحزاب تبحث فقط عن مصالحها الخاصة، ويعيش قيادتها وأبناؤهم في فنادق تركيا وقطر.
وبعيدا عن كل ما تحدثنا فيه سابقا، والذي يؤكد أن حماس انتهت في حسابات ما بعد حرب غزة وذلك حسب الشواهد الإقليمية والدولية، بالإضافة إلى فقدانها الحاضنة الشعبية في القطاع والتي تطالب بحياة كريمة تحت شعار “بدنا نعيش”، تجردت حماس من مكاسبها التي حققتها على الأرض منذ تأسيسها، وعادت إلى المربع الأول بسبب رؤيتها الضيقة لاحتماليات رد الفعل الإسرائيلي على هجوم السابع من أكتوبر الماضي.