أمد/
لا منة ولا فضل في مواقفكم، فإن كانت لنا هوية وجذور وفي عروقنا دماء عربية، وإذا كان الإسلام نعمة وفضل علينا فالموقف تجاه فلسطين هنا فرض واجب، وبقايا الكرامة على أرض فلسطين فإما أن تُهدُر بالخذلان وإما أن تصان بالتضحية والعطاء.
المشهد في فلسطين وغزة مدوٍ صادم.. وجبروت الجبابرة مُنكسر، ومواقف الأشراف تسبقهم.. تركض أمامهم ويلاحقونها فخراً وفرض واجب، وعباد الرحمن الحرة تلهج بالحق على فطرتها باسم فلسطين والإنسانية الحقيقية.. تلهج بالحق على فطرتها النقية التي فطرها الله عليها.. وأما البعض منا فقد فاته مقدمة الركب، ولا زال الركبُ لفلسطين مُتصلُ.
يلاحق الهاشميون المشهد وأقاموا الدنيا واقعدوها وكسروا الجماجم وسكبوا الحقيقة في رؤوس أصحاب الوجوه المتعددة المتقلبة دعاة الموت.. دعاة الدم؛ الكل مُكسراً ومنحنيا خجلاً أمام منطق الهاشميين منطق الحق والتضحية والفداء.
لله درك فلسطينُ فرزت الغث عن السمين.. لله درك غزة هاشم ما أطهر دمائك.. ما أقدس دماء أطفالك عند القوي العزيز.. فلسطين الحق أبية منتصرة الله ناصرها وأطفال غزة فداها.. أطفال غزة فداك فلسطينُ.. وكلنا فداك يا قدس، وتراب غزة الإباء غزة الهواشم طاهر يحتضن قرابين الفدا.. وملائكة الرحمن تزفهم إلى رب العرش بارئهم.. طوبى لهم.. طوبى للأرض التي حملتهم والتراب الذي يأوي أبدانهم..
طوبى لأرضك فلسطين ومن عليها..
طوبى لأنفسٍ كريمةٍ ما بخلت وما خنعت وما خذلت..
ويا ويل نفسٍ أتتها سفينة غزة ولم تركبِ..
قلوبُنا طُهرٌ فنبكيك فلسطين..
نبكيك والدمع منا على الخدين مدرارُ..
نبكيك يا أرض الأجداد أرض كنعان..
نبكي الأهل والمجد والتاريخ وقرة الأعين..
نبكي أطلال غزة فوق الأطهارِ قائمة..
نبكي من سبقونا في الشهادةِ إلى المجد.
أكثر من 75 عاماً من الاحتلال و الظلم والبغي والاستبداد، إضافة إلى الباطل الذي اتبعه العالم الجاهل بمؤسساته الرجعية التي تكيل بمليون بمكيال وتعيش بألف وجه، خمسة وسبعون عاماً ننادي ونتكلم بالحق والحقيقة وهذا المجتمع الدولي البائس لا يسمع ولا يدرك ولا يعقل ولا يريد ذلك أيضاً، ولم يكن آخر نداء بعيدا عن يومنا هذا، وقد كان ذلك في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة من خلال خطاب جلالة الملك عبدالله الثاني ملك المملكة الأردنية الهاشمية الخطاب الذي وصفه الجميع بالجريء الصريح والمباشر ذلك لأنه كان خطاب الحق والحقيقة التي تغافل عنها المجتمع الدولي الذي يعلن عن رغبته بالسلام ويدعم قاتلي السلام في الوقت نفسه سياسيا وماليا وعسكريا، أما نحن فقد كنا الطرف الوحيد الذي يحترم هذه المسماة بـ الشرعية الدولية، واليوم يتبين لنا أنها شرعية فاقدة الشرعية والأهلية عندما يتعلق الأمر بالدول الضعيفة أو بدولٍ خارج المحور الرئيسي لتلك الشرعية.
أذِن الله سبحانه وتعالى للمظلوم بالدفاع عن نفسه ومظلومية الشعب الفلسطيني منذ أكثر من مئة عام منذ زمن الاحتلال البريطاني الذي بلانا بهذه الوحوش الإرهابية التي تحتل أراضينا وتتطاول علينا، وعندما ندافع عن أنفسنا تتحرك ماكينة الغرب الإعلامية لتنعتنا بالإرهاب، وهم الإرهاب نفسه إذ يمولون المعتدي المحتل ليقتل الأطفال والنساء والمسنين والأبرياء ويبيد الحرث والنسل وهم يصفقون له وبعضهم يدعو إلى عدم إيقاف آلة القتل والموت والآخر يقول قتل 4000 طفل ليس كافياً، والآخر يقول اقتلوهم جميعا ولا تتركوا منهم أحداً، أما المسلمين المخلصين لدينهم وربهم فلا يقتلون طفلا ولا إمرأة ولا مسناً ولا أسيراً في حرب، ولا يقطعون شجرة ولا يُهلكون الحرث والنسل، المسلمون بقيمهم يلتزمون بالقيم والأعراف والقوانين الدولية التي أيضاً تُجيز لهم مقاومة الاحتلال ولا يحق للمُحتل الدفاع عن نفسه إذ لا شرعية له، وكل الشرعية لصاحب الأرض وله كافة الخيارات في الدفاع عن نفسه خاصة عندما يرى المجتمع الدولي إلى جانب المحتل يدعمه ويتستر عليه ويتغاضى عن قبحه وجرائمه..، وعندما يكون الإذن من الله سبحانه وتعالى وبما أمر فإن نصره حتمي (وأن الله على نصرهم لقدير).
لقد فضحت جرائم الإبادة الجماعية في فلسطين وغزة حقيقة العالم الذي نعيشه وكشفت معادن البعض من العرب المتخاذلين والمسلمين المتخاذلين الغادرين؛ لقد سقطت الأقنعة وكشف تضارب الأقوال والأفعال النقاب عن حقائق تجار الشعارات والخطابات تجار القضية الفلسطينية ومنهم أولئك القابعين في طهران وبيروت وغيرها الذين تخلوا عن عهودهم وذلك بطبعهم وما ذلك بجديد عليهم، وقد ظن المخدوعين مما كانوا يسمعونهم أنهم سيحرقون الأرض ومن عليها وسيضحون من أجل الأقصى لكن الأقصى أكبر مما يعتقدون وأقدس، ولم يطلب منهم أحداً بفعل شيء لم يقروه هم على أنفسهم إذ رفعوا شعاراً أكبر منهم وبالتالي لم يتمكنوا من الوفاء به وفضحتهم ألسنتهم وفضحهم الغرب وفضح نفسه، ورغم جراحها ها هي غزة منتصرة وستصبح منتصرة والله على نصرها لقدير.
معركتنا كبيرة ومتشعبة ودولنا وشعوبنا مهددة من عدوين إرهابيين أحدهما ملالي طهران الذين يحتلون أربعة دول عربية ويتخذون من الإسلام بالباطل شعارا.. الإسلام الذي إن صدق في الإنتماء إليه لتجنب الفتن وإثارة الحروب والنعارات الطائفية واحترم الجوار أو على الأقل إتقى الله في شعبه وفي أبنائنا الذين لم يسلموا من الميليشيات وتجار المخدرات الموالين له، والعدو الآخر يحتل فلسطين ويضطهد شعبها ويبيد غزة ويشرد أهلها، ويعادي العرب والمسلمين.
في الأردن نقوم بواجباتنا القومية والدينية على أكمل وجه حتى وإن كان بنا خصاصة هذا طبعنا وهذا موقفنا.. ونحن ملِكاً وحكومةً وشعباً على موقفٍ واحد وكلمة رجل واحد لا نزاود على أحد ولا نقبل بمزايدة أحدٍ علينا ولن ندخر عزيزاً من أجل فلسطين.. ملكنا وولي عهدنا وضباطنا وجنودنا ووزراؤنا وأطباؤنا ومواطنونا الجميع في الميدان وقيادتنا في مقدمة الصفوف.
أما على الصعيد الدولي والإقليمي فهذا هو الموقف الذي رأيتموه.. وما حك جلدك إلا ظفرك!!! فكيف سيكون غدنا وكيف نقرأ المشهد.
النائبة د.زينب البدول – رئيسة لجنة المرأة والشؤون الأسرية النيابية / الأردن