أمد/
الحرب لم تنتهي بل مستمرة وستأخذ شكل آخر
سابقا ومنذ اول اسبوع للعدوان على شعبنا واهلنا في قطاع غزة تحدثت في فضائية "الغد" بالتفصيل عن الأهداف غير المعلنة ومن ضمنها المنطقة العازلة التي تخطط إسرائيل لإقامتها في شمال وشرق غزة وفي محور فلادلفيا وكرم ابو سالم، وفصلت من حيث مساحتها وعمقها وإخلاء سكانها بالقوة، وقلت ان هذه الخطة تندرج في سياق ومفهوم السيطرة الامنية على قطاع غزة، وبما يؤدي إلى تحويل بقية جغرافيا القطاع لمنطقة "ب" من جهة، ومن جهة اخرى العمل على مفهوم الهجرة الطوعية بعد فشل القسرية نتيجة للصمود الاسطوري لشعبنا وللمواقف الإقليمية والدولية الرافضة لذلك، وهذا ياتي ايضا بعد التفاهمات الإسرائيلية القبرصية حول الممر البري
إسرائيل بعد هذا الدمار والإبادة وعدم القدرة على توجيه ضربة قاضية للمقاومة ونتيجة لضغوطات الميدان والضغوطات الامريكية والدولية، والهزيمة الإستراتيجية الكبرى وخسارتها للرأي العام العالمي والامريكي خاصة، وجدت ان إستمرار القتال عبر العمليات الجراحية والموسعة بجغرافيا محددة افضل لها، فالإنجاز العسكري بالنقاط بعد التدمير الكبير الذي أحدثوه في قطاع غزة هو الأهم لأن هناك إستعصاء في الميدان للإنجاز بالضربة القاضية
إعادة التموضع والذهاب للمرحلة الثالثة يوفر لِ "نتنياهو" إستمرار المعركة وبالتالي إستمرار إئتلافه وحكومته وهذا اقصى ما يطمح له، ويوفر ايضا أرضية للرد الموسع في حالة قيام المقاومة بإستهداف المنطقة العازلة او إطلاق الصواريخ للداخل الإسرائيلي
المعركة طويلة كما قال رئيس حركة حماس في قطاع غزة القائد أبو إبراهيم السنوار، ويبدو أن مفاعيل هذه الحرب بعد الذهاب للتموضع الجديد كجزء من المرحلة الثالثة سيؤدي لتخفيف التصعيد على مستوى المنطقة، مما يترك قطاع غزة وحيدا ليس فقط في المقاومة ولكن بدون اي خطة سياسية تؤدي لتحقيق نتائج بحجم وعظم التضحيات التي تم تقديمها، حتى لو كان ذلك وفق خطة متدرجة ولكن على اساس خارطة طريق شاملة معرف نهايتها.
لذلك أعتقد ان المطلوب الآن وبشكل عاجل العمل على:
أولا- ضرورة التصالح الفلسطيني الفلسطيني وعلى اساس برنامج الحد الأدنى وإستمرار مقاومة الإحتلال وحصرها في المناطق المحتلة، وإعطاء الفرصة للقيادة السياسية التي تشمل الجميع بطريقة او بأخرى للعمل على المطالبة بتنفيذ قرارات الشرعية الدولية لتفويت اي فرصة للإحتلال للإبقاء على الإنقسام
ثانيا- تشكيل حكومة تكنوقراط متفق عليها واساسها الربط بين الضفة وغزة وتقديم خدمات ومساعدات وبما يمنع مفهوم الهجرة الطوعية، ووضع المجتمع الدولي امام مسؤولياته الإنسانية بصمته على ما قامت به إسرائيل من تدمير وتطهير إثني
ثالثا- يجب الآن الحديث عن المستقبل وترك اي تقييمات لما بعد التوافق على كل شيء، وهذا يتطلب من القوى والفصاءل والنخب الصدق في توجهها الوطني في العمل على تحقيق نتائج تحاكي حجم الشهداء وحجم التدمير، أي أن ادوات المرحلة السابقة والمجربة بحاجة لتغيير، فلا يستطيع من يعمل على الهدم ان يقوم بعملية البناء.
أخيرا، يجب التعامل مع خطط الإحتلال في قطاع غزة على انها جزء لا يتجزأ من المعركة وليس بإعتبارها إنهزام، فما لم يتم تحقيقه في ما أسموه المناورة البرية الكبيرة لا يزال قاءما في خطة المنطقة العازلة والعمليات الدقيقة والجراحية، أي ان الهدف هو السيطرة الأمنية على قطاع غزة واستمرار إستخدام القوة النارية في ضرب المقاومة، فكل ما يجري لا يتم وفقا لمفاوضات بين طرفين وإنما يتم من جانب واحد، وهذا وحده يؤكد على أن العدوان مستمر ولن يتوقف
الشيء الوحيد الذي قد يكون فيه آمال هو ان الإنقسام الداخلي في إسرائيل سيعود للعلن وسنبدأ نرى كثافة التحركات الجماهيرية التي تضغط في موضوع تبادل الاسرى وفي المطالبة في اسقاط حكومة نتنياهو والذهاب لإنتخابات مبكرة، وسيؤدي ذلك لإنخفاض الدعم الغربي، بل سنبدأ نرى مبادرات تطالب بحل جذري للصراع الفلسطيني الإسرائيلي وعلى اساس الدولتين، وهذا يستدعي إنهاء شيء إسمه الإنقسام كرامة بالحد الأدنى للشهداء وعظم التضحيات التي دفع ثمنها بالاساس الاطفال، لذلك نقول للمحللين السياسيين لا تستعجلوا الإنتصار.