أمد/ استمرار سلطات الاحتلال في ارتكاب مزيد من جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية بحق أبناء شعبنا في قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس في ظل استمرار إفلاتها من العقاب والردع، بات يعمق فشل المجتمع الدولي والمحاكم الدولية المختصة ويضرب أية مصداقية للعدالة الدولية، ويفقدها أية قيمة عملية .
الاحتلال يستبيح حياة الفلسطينيين وأرواحهم ويسمح لنفسه بقتلهم بدم بارد، على سمع العالم وبصره، ومؤسساته القائمة على حماية الحق في الحياة، ويمعن في الدم الفلسطيني، ويحكم على المواطنين بالإعدام، وكأنهم حسب سياسته وثقافته لا يستحقون الحياة .
ما يجري انعكاسا واضحا لإنكار المؤسسة الإسرائيلية الرسمية وأذرعها المختلفة لوجودهم وحقهم في الحياة، في ثقافة استعمارية إحلالية وعنصرية باتت تسيطر على مراكز صنع القرار في دولة الاحتلال وأن جرائم القتل بالجملة في قطاع غزة، وقصف المنازل فوق رؤوس ساكنيها من المدنيين الذين أغلبهم من النساء والأطفال، أو قتلهم بالتجويع والتعطيش، والإعدامات البشعة بحق المدنيين هناك، وفي الضفة الغربية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، بما في ذلك الإعدامات المتواصلة للمعتقلين، والتي كان آخرها جريمة قتل الأسير ثائر أبو عصب من قلقيلية، على يد 19 سجاناً، جميعها إثباتات قوية على طبيعة التعامل الإسرائيلي الرسمي مع الفلسطينيين، سواء بعقلية انتقامية أو استعمارية عنصرية متواصلة .
جريمة قصف طيران الاحتلال لجمعية الشبان المسيحية، الذي أدى إلى إيقاع عشرات الضحايا بين شهداء ومصابين تشكل جريمة حرب ضمن مسلسل الجرائم التي يرتكبها الاحتلال وان استهداف قناصة جنود الاحتلال للنازحين في كنيسة العائلة المقدسة، ما أدى إلى استشهاد سيدة وابنتها وإصابة عدد من النازحين بينهم حالات خطرة، كما استهدفت دبابات الاحتلال دير راهبات الأم تريزا (مرسلات المحبة) الذي يأوي أكثر من 54 شخصا من ذوي الإعاقة، وهو داخل أسوار الكنيسة وتم تدمير خزان الوقود والمولد الكهربائي، ما اضطر ذوو الإعاقة لمغادرة البيت وحال دون وصولهم إلى أجهزة التنفس التي يحتاجها بعضهم للبقاء على قيد الحياة، كما تم تدمير الألواح الشمسية وخزانات المياة التابعة للدير .
جيش الاحتلال يستهدف كل شيء في قطاع غزة بما في ذلك الكنائس والمؤسسات الاجتماعية التابعة لها وأن مواصلة الاحتلال استهداف المستشفى المعمداني وتدمير أجزاء من الكنيسة في داخله وحصار محيط كنيستي الروم الارثوذكس واللاتين في حي الزيتون تشكل نمازج لجرائم الحرب التي يرتكبها جيش الاحتلال في غزة .
دولة الاحتلال لا تقوم بأية تحقيقات جدية في هذه الجرائم والمجازر، وإن قامت ببعضها المؤسسة العسكرية، فإنها سرعان ما تخفي الأدلة، وتثبت براءة دولة الاحتلال وأجهزتها وعناصرها من تلك الجرائم، أو تلجأ إلى اتخاذ إجراءات مخففة بحق المجرمين لامتصاص ردود الفعل الدولية، والإيحاء بأن لديها قانونا أو نظام عدالة مزعوما، كما لجأت إلى احتجاز عدد من السجانين المتهمين بقتل الأسير أبو عصب، واستجوبتهم، وأطلقت سراحهم في النهاية.
مجازر الاحتلال وجرائمه بأشكالها المختلفة باتت تكشف حقيقة الاحتلال وسقوطه الأخلاقي وأن قرار قتل الفلسطيني يثبت أن ما تسمى منظومة القضاء والمحاكم في إسرائيل هي جزء لا يتجزأ من منظومة الاحتلال نفسها، الأمر الذي يتطلب تدخلا عاجلا من الجنائية الدولية والمحاكم الوطنية المختصة في الدول، ويستدعي تحركا دوليا قانونيا وأخلاقيا ليس فقط لوضع حد لهذه الجرائم، وإنما أيضا لمحاسبة مرتكبيها ومن يقف خلفهم .