أمد/
ما زالت معركة المواجهة بين قوات المستعمرة وبين قوات المقاومة مستمرة، لا يستطيع أياً من الطرفين أن يدعي أنه حقق الانتصار، لا قوات المستعمرة بكل أسلحتها المتفوقة تستطيع الادعاء بعد احتلالها واجتياحها لمناطق قطاع غزة أن تقول أنها قضت على المقاومة وشلت فعاليتها، أو أنها حققت إنجازات ملموسة أثرت على أداء فعاليات المقاومة ومبادراتها.
ولا المقاومة ببسالتها وتكتيكاتها الذكية ومفاجآتها واستمرارية ضرباتها الموجعة، تستطيع من خلالها الادعاء أنها حققت الانتصار، والهزيمة للعدو الفاشي الهمجي الذي تمكن من توجيه ضربات مؤذية للشعب الفلسطيني على كامل قطاع غزة من قتل عشرات الآلاف من المدنيين، وتدمير وقصف عشرات الآلاف من الأبنية والمنشآت المدنية.
المعركة ما زالت متواصلة، مفتوحة على الاحتمالين: الأول أن تكون المستعمرة قد تورطت في عملية الاجتياح وستدفع ثمن ذلك بخسائرها الملموسة، وستُهزم كما حصل مع شارون على أثر الانتفاضة الثانية بين عامي 2000 و2005، واضطر إلى الرحيل عن قطاع غزة بعد فكفكة المستوطنات وإزالة قواعد جيش الاحتلال.
مفردات ووسائل ومظاهر وتصريحات قادة المستعمرة بدأت تتغير من هدف إبادة واجتثاث حركة حماس والمقاومة إلى تقليص ذلك بالحديث عن ضرب قدرات حماس وجعلها غير قادرة على توجيه الأذى والمس بالإسرائيليين، وعدم تمكنها من تكرار مفاجأة "طوفان الأقصى" يوم 7 تشرين أول أكتوبر.
وبالتالي تكتفي المستعمرة لاحقاً بما حققت من تدمير وقتل، بعد سلسلة الاخفاقات التي واجهتها، وفشلها في هدفي: 1- تصفية واعتقال واستسلام قيادات حماس والجهاد والمقاومة، 2- إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين، واللجوء مرة أخرى إلى الخيار الأصعب، وهو التهدئة وتبادل الأسرى، على ما فيها من مرارة الهزيمة والإخفاق والفشل، وحديث نتنياهو أن المفاوضات غير العلنية التي قال عنها أنه لا يستطيع الإفصاح عن مضامينها لهي دلالة على إنكساره وتراجعه.
والاحتمال الثاني أن المستعمرة ستحقق الانتصار وتستطيع من خلال تفوقها العسكري والتسليحي وزج بقوات أكبر من تحقيق توجيه ضربات موجعة لجسم المقاومة وإسكات فعالياتها وعدم قدرتها على استنزاف قوات الاحتلال، وهي نتيجة لا تعطي المؤشرات والدلائل والمعطيات والخسائر اليومية أنها يمكن أن تتحقق، ولذلك، ما زالت المعركة متواصلة بين طرفي الصراع: بين قوات الاحتلال وقوات المقاومة.
مبادرات واشنطن وغيرها، مجرد اقتراحات استباقية لمعركة لم تنته بعد، ولا يوجد ما يؤشر أن أحدهما حقق الانتصار على الآخر لهذا الوقت، والتخمينات الأميركية دالة على فشل حكومة المستعمرة وأدواتها من تحقيق ما سعت إليه، ولذلك هي تبحث عن وسائل وقنوات ومبادرات استباقية بهدف إنزال المستعمرة عن علوة شجرتها، وتطرف برنامجها، وضيق خياراتها، ولهذا تسعى واشنطن إلى استباق الحدث، نحو عدم هزيمة المستعمرة، لأن فشل المستعمرة وهزيمتهما، هزيمة لواشنطن كحليف مقرب، بعد أن وفرت لها الغطاء السياسي مع البلدان الأوروبية الأربعة: بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا، واحتياجاتها التسليحية، تحت غطاء وحجة "حق إسرائيل للدفاع عن نفسها" وبعد أن أحرجتهم المستعمرة بفشلها واخفاقها، وبعد المجازر الهمجية الاجرامية التي قارفتها علناً بحق المدنيين الفلسطينيين.
رفض فصائل المقاومة للاقتراحات الأميركية والعربية، رفض صائب دال على امتلاكها القدرة على الصمود والمقاومة وقدرتها على استمرارية توجيه ضربات موجعة للعدو، وفهمها لمضامين هذه المبادرات أنها تساعد المستعمرة للخروج من المأزق الذي وقعت فيه.
خطوات واشنطن وغيرها، استباقية لمصلحة المستعمرة إذا لم تتضمن وقف إطلاق النار ووقف الهجوم والعدوان والحرب الإسرائيلية القذرة ضد الشعب الفلسطيني وخاصة في قطاع غزة.