أمد/
من حق شعبنا الفلسطيني المناضل والصابر والصامد في وجه اعتى احتلال واستعمار كلونيالي عنصري اقتلاعي تشهده الإنسانية، أن يفرح بإستمرار صموده فوق ترابه الوطني أولا، وبإستمرار كفاحه ومقاومته الباسلة بشتى الصور والأشكال ثانية، وبكل إنجاز يحققه سياسيا أم قانونيا أم شعبيا أم عسكريا على عدوه المتغطرس ثالثا، هذا العدو الذي ظن لوهلة أنه قادر بما يملكه من ترسانة عسكرية متطورة وأساليب إجرامية قمعية على كسر شوكة شعبنا الفلسطيني والنيل من ثباته وصموده وكفاحه وفرض الإستسلام عليه .. لكن الحقيقة الصادمة لهذا العدو وحلفائه وأعوانه أنه في كل جولة من جولات الصراع بات يخرج منها مكسورا ومهزوما ومأزوما يجر أذيال الخيبة والخسران المادي والمعنوي والاخلاقي، الذي يلحق به وبمستقبله على طريق هزيمته الكاملة وزوال كيانه الغاشم عن كل تراب فلسطين. هكذا يحق للشعب الفلسطيني أن يفرح أيضا في كل جولة يخوضها من جولات الصراع رغم جسامة التضحيات وبطش العدو بالمدنيين العزل إلا من حقهم الأصيل في العيش بأمن وسلام في وطنهم فلسطين، وهو يؤكد صموده وتمسكه بحقوقه في وطنه، ويضرب المثل في الوحدة والكفاح والمقاومة بكل أشكالها وفي كافة الميادين، ويراكم الإنجاز تلو الإنجاز منذ انطلاقة ثورته في 1/1/1965 م مهما كان صغيرا، والإنتصار تلو الإنتصار في معركة تحرر وطنية طويلة الأمد تمتلك كل عناصر الحق والعدالة ومقومات الإنتصار، في حرب شعبية طويلة الأمد بدأها منذ ستة عقود، لابد في نهاية المطاف أن تشل العدو وتفقده أمنه واستقراره وتفقده وظيفته وصوابه، وتجعل منه احتلالا مكلفا وخاسرا، إلى أن ينكفئ ويزول وينتهي هو وكيانه الغاصب والى الأبد. من أجل أن يتواصل سيل هذه الإنتصارات ومراكمة هذه الإنجازات، لابد من تجسيد الوحدة الوطنية الفلسطينية في أبهى صورها، وصيانتها والحفاظ عليها في كل مؤسسات العمل والكفاح الوطني، وانهاء كل أسباب الإنقسام والتشرذم، والعمل على تثمير كافة التضحيات والإنجازات تثميرا سياسيا وقانونيا وواقعيا على أرض الواقع … لقد تجلت وحدة شعبنا ووحدة كفاحه في العديد من محطات الصراع، في الداخل المحتل وفي الخارج رغم تباين ظروفه وأوضاعه في مناطقه المختلفة، إلا انها تكاملت في الوحدة والغاية والهدف في تأكيد حق العودة للاجئين وحق المساواة للمواطنين وحق تقرير المصير وقيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس. لقد كشفت هبة شعبنا في الأرض المحتلة عام 48 الوجه العنصري القبيح للكيان الصهيوني وكشفت فشله في اذابتهم في تفاصيله العنصرية، وأكدت هويتهم الوطنية التي لا تقبل الشك والمساومة والتهميش، وتكاملت مع هبة الشيخ جراح والاقصى والقدس والضفة وغزة لينتظم الشعب الفلسطيني في هبته وانتفاضته الرمضانية المباركة في القدس وفي كل فلسطين في مايو 2021 م، كوحدة واحدة اعادت الصراع مع المحتل إلى جذوره الأساسية، وكشفت هشاشة هذا العدو وفشله. واليوم في مواجهة العدوان الغاشم على شعبنا في قطاع غزة وبقية الأراضي المحتلة في الضفة والقدس، قد اثبتت المقاومة الفلسطينية الباسلة قدرتها على تحدي آلةِ العدو العسكرية بتهديدها المباشر لكافة مدنه ونقاط قوته وشلها، وشل حركته الحياتية اليومية على كل الصعد .. ضاربة في عمقه الإستراتيجي الذي يفتقد لأبسط مقومات الصمود والثبات أمام أي تحدٍ عسكري فعال، كما ألحقت بقواته الغازية الخسائر الكبيرة في المعدات وفي الأرواح. بالتالي فإن ما بعد هذا العدوان الهمجي السافر وهذه الجولة الكبيرة من الصراع ليس كما قبلها، فمن غير المقبول أن تتواصل انتهاكات العدو لمقدساتنا المسيحية والإسلامية وفي مقدمتها الأقصى الشريف، كما يجب أن تتوقف سياسات الإقتلاع والتهجير والتطهير العرقي من الشيخ جراح وغيره من أحياء القدس وبقية مدن الضفة ومن قطاع غزة، ووقف سياسات الضم والتوسع والإستيطان وسياسات الإعتقالات والقتل على الحواجز، والعمل على تحقيق المساواة للمواطنين الفلسطينيين في الأرض المحتلة 48 كمواطنين أصليين في وطنهم وحقهم في الحفاظ على هويتهم الوطنية، ومن غير المقبول والمعقول أن يعود قطاع غزة إلى ما كان عليه قبل هذه الجولة الدامية من حصار مجرم، يجب أن تنتهي الرباعية التي حكمت قطاع غزة (مقاومة، تهدئة، اعمار، حصار) وذلك من خلال توفير الحماية لقطاع غزة وشعبنا في بقية المناطق من أي عدوان وفتح كافة المعابر والمنافذ واقرار طريق آمن يربط قطاع غزة بالمحافظات الشمالية في الضفة، واعادة بناء مطار غزة وبناء ميناء بحري، وأن يشعر المواطن الفلسطيني في قطاع غزة والضفة أنه حر وآمن على نفسه وماله ومستقبله .. يجب أن تفتح هذه الجولة الخطيرة من الصراع افقا سياسيا للشعب الفلسطيني عامة يؤكد على نهاية الإحتلال والإستيطان ويضع الشعب الفلسطيني على طريق العودة والحرية وتقرير المصير والإستقلال. لذا لابد أن تستمر حالة الإشتباك مع العدو من خلال الحراك الشعبي المتواصل في كل المناطق وخاصة في القدس وباقي أنحاء المحافظات الفلسطينية، وأن يستمر النضال السياسي والديبلوماسي والقانوني بفعالية عالية ومتابعة جرائم العدو في المحاكم الدولية وخاصة محكمة الجنايات الدولية، حتى يرضخ العدو لجملة هذه الإستحقاقات والإنجازات. بناء عليه فإننا نؤكد حقيقة لا مراء فيها أن الإنتصار الحقيقي لشعبنا لن يكتمل إلا بتحقيق الوحدة الوطنية وانتزاع الحقوق الوطنية الثابتة للشعب الفلسطيني بدءً من حق العودة وحق المساواة وإنهاء الإحتلال وممارسة حق تقرير المصير إلى حق إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس .. هذا ما يجب أن ينتهي إليه هذا العدوان السافر الذي يتعرض إليه شعب فلسطين في قطاع غزة وفي الضفة والقدس العاصمة، ولذلك على الدول العربية والإسلامية ومعها الدول الصديقة أن تقف الموقف الحازم والصلب من أجل إنهاء الإحتلال وتمكين الشعب الفلسطيني من حقوقه كاملة غير منقوصة.