أمد/
عندما لا يمكننا أن نستخدم الأسلحة المتاحة بين أيدينا وسواء أكانت هذه الأسلحة تعني الوسائل والأدوات الحربية التي نمتلكها للدفاع عن أنفسنا أم أسلحة المواقف السياسية وما يتبع لها من استخدم القدرات والإمكانات الاقتصادية التي من شأنها إحداث التأثير المنشود على الخصوم، يبرز سلاح المقاطعة الاقتصادية بوصفه أداة حاسمة وسلاحا فتاكا في حال توفر الإرادة الشعبية، وإذا عرفنا أن أهم موقع مواجهةٍ مع تلك الرأسمالية الغربية الداعمة للقوة والظلم هي الأسواق من خلال مقاطعة بضائعهم ومنتجاتهم! فهل ستجدي هذه المقاطعة وننتصر في هذه المواجهة؟
هل سنقتدي بمواقف الشعوب الحرة التي وقفت في وجه مشروع القتل والإبادة الصهيوني والدعم الأمريكي والأوروبي وقاطعوا جميع المنتجات الصهيونية والشركات الداعمة والممولة لقتل وتجويع الأطفال والنساء والأبرياء؟
عندما يقود الغرب والأمريكان الحرب المفروضة على الشعب الفلسطيني بشكل غير مباشر من خلال مباركتهم ودعمهم للصهاينة بالمال والسلاح بهذا الأسلوب المجحف؛ فلا خيار أمامنا سوى ترك بضائعهم تتعفن في المستودعات وعلى الأرفف ونحن بطبيعة الحال سوق مستهلك لمنتجات الغرب والأمريكان بما في ذلك أسلحتهم، سوقنا يستهلك مختلف انتاجهم ويساهم في تنمية أموالهم وتفاقم تخمتهم، ومع ذلك يقتلوننا بأموالنا ويصنعون السلاح لبيعه علينا أو لقتلنا به منذ قرابة 100 عام إلى اليوم، وأما كارثة الكوارث وكبرى الخيبات هي أننا نُشغل مصانعهم بنفطنا واستثماراتنا ليتمادوا في قتلنا وإبادة أهلنا في فلسطين وغزة وبلدان عربية أخرى.. هذا بالإضافة إلى استنزاف أموالنا وتبديدها بطرق متعددة، ومنها افتعال الأزمات بيننا أو دفع تكاليف الحروب التي يقومون بها ودفع تعويضاتها او إعمار ما دمرته آلتهم الحربية التي غالبا ما تترجم عظم جبروتهم.
عندما يصبح سلاح قطع البترول مستحيلا وهو سلاحٌ استراتيجي، وعندما نفقد جميع الخيارات الممكنة الأخرى لأسباب سياسية أو لخلل في بنيتنا الفكرية والعقائدية..، عندها لا تبقى لدينا سوى الخيارات الشعبية وهي أفضل الخيارات وأسرعها وأكثرها حسماً، ولا تحتاج تلك الخيارات قراراً حكومياً ولا تشريعات وقوانين وإنما تحتاج إلى غيرة وحمية ونبل واحترام لذاتنا وجذورنا وعقيدتنا.
ماتت كل الخيارات.. وحتى أن البعض منا ومن حولنا يحاول المزايدة على نكبتنا والتربح عليها، والبعض الآخر يسعى جاهدا إلى قتل الأمل في دواخلنا، والبعض الآخر لا يقول خيراً ولا يخدمنا بصمته، ولم يعد لدينا سوى خيار المقاطعة التامة للمنتجات الصهيونية والأمريكية والأوروبية سواء تلك التي تصنع في أوروبا وأمريكا أو تلك التي تنتجها الشركات والمصانع الأمريكية والأوروبية في الصين وتايوان وسائر البلدان الأسيوية أو حتى في دول عربية لتتوقف مصانعهم ويتعطل انتاجهم وتتراجع الضرائب عن خزائن حكوماتهم وليدركوا من خلال خسائر المقاطعة ورسائلها حجم ما ارتكبوه من إرهاب جرائم وانتهاكات للقوانين والأعراف الدولية بحق المسلمين والعرب وبحق الأبرياء العزل في فلسطين وغزة، ولم يبق أمامنا سوى مواجهة كل رموز الموت والإرهاب في كل أنحاء المعمورة إلا من خلال مقاطعة كاملة لجميع ما ينتجوه، وأن نتنبه إلى رؤوس الأفاعي التي تتاجر بالشعارات وبالدماء الطاهرة لأبناء الشعب الفلسطيني مستخفة بنضاله ساعية إلى سلب مسيرة صموده المباركة، ومن يريد أن يثأر لدماء أدواته وجنوده فليتقدم بذاته إلى الميدان ويُرينا كيف تكون البطولات بعيداً عن الإدعاءات، أو على الأقل يقطعون نفطهم في طهران أو في الدول التي يهيمنون عليها عن الغرب والأمريكان وكل من يدعم الصهاينة في حربهم الإبادية على غزة.
أبناء العروبة والإسلام كل الدوافع توجب علينا مقاطعة منتجات الغرب والأمريكان وكل الداعمين للصهاينة وقد سبقنا إلى ذلك الأحرار في أمريكا وأوروبا وأستراليا نصرة لإنسانيتهم وقيمهم ومبادئهم؛ وإن انقطعت كل تلك الروابط والجذور بيننا وبين أشقائنا في عموم فلسطين وغزة فلنتبع إنسانيتنا ونحن أولى بنصرة قضايانا وقضايا الإنسانية جمعاء طاعة لله ورسوله واتباعا لديننا الإسلامي الحنيف..، أما عن جدوى المقاطعة التي هي وسيلة ناجعة في الضغط على اقتصاديات الدول فهي واجب إنساني وأخلاقي وفريضة دينية ترفعون بها الظلم عن المظلوم علما بأن جدوى المقاطعة فاعل وقد جربتموها عندما تطاول بعض السفهاء في الغرب على عقيدتكم وقد انهكت المقاطعة اقتصادهم وأذلتهم وكانت رسالة قاسية لهم جميعا، وأدنى فوائد تلك المقاطعة هي رسالة ترعبهم ودعما لإنتاجكم وسوقكم الوطني لتعمل مصانعكم وينتج أبناؤكم وتزدهر أسواقكم ويغنكم الله بفضله عمن سواه، وإن لم ننتصر في مواجهات أخرى معهم فلننتصر في مواجهتهم بالمقاطعة بعد أن نعتمد سلاح المقاطعة كثقافة ونهج حياتي يومي.
لك المجد يا غزة.. وعشتم وعاشت فلسطين منصورة أبية.