أمد/
جاءت عملية اغتيال الشهيد صالح العاروري نائب رئيس حركة حماس لتزيد من دقة المشهد الأمني في المنطقة ، خاصة وأن هذه العملية سيكون لها بالتأكيد الكثير من الارتدادات الاستراتيجية والسياسية على المنطقة والشرق الأوسط خاصة مع:
1- دخول الحوثيين إلى جبهة القتال وتعرضهم لسفن الشحن في البحر الأحمر
2- سعي الحوثيين الآن إلى الانتقام من اغتيال العاروري
3- سيتمثل هذا الانتقام من جديد في مزيد من التهديد للسلامة البحرية قبالة السواحل اليمنية
4- سيرغب الحوثيين في تقديم الدعم الاستراتيجي والأمني للمقاومة بصورة أكثر هذه المرة خاصة وأن الضربة حاليا وقعت في لبنان وليس في غزة كما كان في السابق
5- تمثل الضربة في لبنان أزمة أمنية قوية لحزب الله الذي كان يحتضن العاروري على أراضيه.
تطورات مهمة
غير أن ما يجري على أرض الواقع من تعرض الحوثيين للسفن التجارية قبالة السواحل اليمنية ، وتهديد ذلك الصريح لحركة الملاحة في البحر الأحمر أدى إلى :
1- تهديد واضح وصريح للاقتصاد المصري الذي يعتمد على قناة السويس
2- ضربة قوية لحركة التجارة العالمية التي تعتمد على القناة كممر بحري لها.
3- اتحاد بعض من دول العالم وعلى رأسها الولايات المتحدة وبريطانيا من أجل توجيه ضربات عسكرية لجماعة الحوثي
4- طرح فكرة تشكيل قوة بحرية دولية استراتيجية لحماية حركة الملاحة في منطقة البحر الأحمر.
وبالطبع ينظر الحوثيين حاليا لمنطقة البحر الأحمر باعتبارها منطقة نفوذ استراتيجي لهم ، الأمر الذي يزيد من خطورة الموقف على الصعيد الاقتصادي حاليا.
الاقتصاد المصري
وقد بات من الواضح وفقا لتصريحات المسؤولين المصريين مدى تضرر قناة السويس من هجمات الحوثيين ، وبحسب رئيس هيئة قناة السويس الفريق أسامة ربيع -في تصريح سابق- فإن مرور السفن عبر القناة يوفر فترة زمنية تتراوح ما بين 9 أيام وأسبوعين للرحلات المتجهة بين آسيا وأوروبا.
من جهتها أفادت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية بمصر الدكتورة هالة السعيد -عبر موقع الوزارة- إبان الإفصاح عن خطة التنمية لعام 2022-2023 أن "قناة السويس يمر من خلالها نحو 10% من إجمالي حركة التجارة العالمية، وما يُقارب 25% من إجمالي حركة البضائع التي تنقل بالحاويات عبر البحر، و100% تقريبًا من إجمالي تجارة الحاويات المنقولة بحرًا من بين آسيا وأوروبا".
ولكن -في ضوء استهداف الحوثيين في البحر الأحمر للسفن الإسرائيلية أو التي تتعامل معها- ثمة تأثيرات سلبية متوقعة على الملاحة بقناة السويس التي تمثل عوائدها أحد أهم روافد النقد الأجنبي لمصر.
تقرير دولي
ويشير تقرير الأونكتاد لعام 2022، والذي جاء تحت عنوان "استعراض النقل البحري" إلى أن التجارة البحرية العالمية عام 2020 تراجعت بنسبة 3.8% جراء جائحة كورونا، إلا أنها عام 2021 ارتفعت مرة أخرى بنسبة 3.2%، وبلغت الشحنات البحرية الإجمالية 11 ألف مليون طن.
ومن المتوقع وبحسب التقرير أن تشهد التجارة البحرية معدل نمو خلال الفترة 2023-2027 بنحو 2.1%، ولكن تهديدات الحوثيين بالبحر الأحمر قد تؤثر على نتائج هذه التوقعات سلبا وفق مراقبين.
وقد تكون القراءة السريعة لآثار عمليات الحوثيين منحصرة في نسبة التجارة العالمية المارة من مضيق باب المندب، والمقدرة بنحو من 10%-12%، ولكن الحقيقة هي أن التداعيات السلبية كثيرة، فمؤخرًا أعلنت الشركة البريطانية للنفط والغاز توقف تسيير ناقلاتها من هذا المضيق.
كما أن تقديرات صندوق النقد الدولي -بتراجع التضخم على مستوى العالم عام 2024- ستكون محل شك، فالصندوق ذهب إلى أن التضخم سيتراجع إلى 4.8%، بعد أن كان 5.9% عام 2023.
ولكن -في ضوء الآثار الناتجة عن عمليات الحوثيين بالبحر الأحمر- يتوقع خبراء أن تزيد تكلفة النقل، وتزيد تكلفة التأمين على البضائع والسفن، مما يعني زيادة أسعار السلع والخدمات، والتأثير المباشر على موجة التضخم بالأسواق العالمية.
الاقتصاد الإسرائيلي
وبطبيعة الحال فإن الاقتصاد الإسرائيلي هو المتضرر الأكبر، حيث تجري الاستهدافات للناقلات المرتبطة بتل أبيب على صعيدي الصادرات والواردات.
وفي ضوء ما ألم بالاقتصاد الإسرائيلي من خسائر تتعلق بقطاعات السياحة وانخفاض متوقع لمعدلات النمو، فإن عمليات الحوثيين بالبحر الأحمر أدت إلى تأثيرات سلبية على عمل الموانئ الإسرائيلية، وأصبح بعضها خاويا تماما من السفن.
إنه واقع يفرض على إسرائيل والمتعاملين معها استخدام وسائل نقل أخرى أو ممرات بحرية بعيدة عن البحر الأحمر، مما يعني زيادة تكلفة التجارة، وسط توقعات بأن تتأثر تجارة إسرائيل الخارجية بشكل عام في ضوء ما أسفرت عنه تداعيات عملية "طوفان الأقصى" التي شنتها المقاومة الفلسطينية.
تقدير استراتيجي
عموما بات واضحا للجميع أن القادم يمكن أن يكون سلبيا وواقعه الاستراتيجي سيء للغاية بالمستقبل ، خاصة مع حساسية منطقة البحر الأحمر اقتصاديا وارتباطها بصورة قوية بالوضع الاقتصادي العالمي والدولي