أمد/
يدخل بنيامين نتنياهو إلى منزله في اليوم الأخير من العام، ينظر إلى زوجته سارة، ويسألها: هل هناك طعام ونبيذ، فتجيبه: يوجد.. دقائق ويكون طعام العشاء جاهزا.
يدخل إلى غرفة المكتب، يأخذ قلمه وأوراق بيضاء ويجلس أمام المدفئة المشتعلة، ويبدأ بكتابة رسالة:
أعزائي قادة حماس وعناصرها، تحية يمينية متطرفة وبعد..
أتوجه إليكم أعزائي في آخر يوم من أيام هذا العام، وأنا وأعضاء اليمين الحاكم في تل أبيب ممتنون لما قمتم به من هجوم عسكري يوم السابع من أكتوبر الماضي، مدركون أن المعركة التي بيننا لن تفسد أهدافنا المشتركة والمتقاطعة باعتماد كل منا على الآخر في وجوده ومستقبله السياسي.
إن يوم السابع من أكتوبر أنقذنا سياسيا من حالة الانقسام التي شهدها المجتمع الإسرائيلي خلال ما كان يسمى بالمظاهرات ضد التعديلات القضائية، والتي كانت من الممكن أن تسقط حكومتي الهشة في حينه، لكن توحد الشارع الإسرائيلي مجددا بسببكم، وأصبح المجتمع الإسرائيلي أكثر تطرفا بحكومة قوية تهدف إلى القضاء على الشعب الفلسطيني، وأقول لكم أن لا تقلقوا اليوم من المظاهرات التي تخرج من قبل أسر المحتجزين لديكم، فهي لا تقلقني.. دولة إسرائيل الديمقراطية تسمح بحرية التعبير والتظاهر.
وبمناسبة الحديث عن المحتجزين، أشكركم لتعاملكم اللطيف والسلس معهم، وأقدر كثيرا ما تقدموه لراحتهم من طعام وشراب وخدمات، لكن أرجوكم لا تعلنوا ذلك.. فلا يعقل أن يكون شعبكم جائعا بحصارنا المستمر، بينما أنتم تمنحون محتجزينا لديكم كل سبل الحياة الرغيدة.
أعزائي اليمين الفلسطيني.. حماس، أدرك حقيقة أنكم ميليشيا مسلحة لا تمتلك القدرات العسكرية لمواجهتنا، لكن أرجو أن تستمروا في تضخيم وتعظيم إمكانياتكم، خاصة الاستمرار في التركيز على الخطاب الإعلامي والسياسي التصعيدي المتشدد، فهو مطيِّتنا في حربنا ضد الشعب الفلسطيني الذي نفتك به دون حسيب أو رقيب، بعد أن امتلأت مخازننا بكافة أنواع الأسلحة والذخائر الأميركية والأوروبية، كما أرجو أن تستمروا في تصوير عملياتكم العسكرية ضدنا، فهي تخدمنا من ناحية الدعم السياسي الدولي الكبير الذي كنا نفتقده ضدكم كونكم حركة تريد القضاء علينا، ومن ناحية أخرى فهو يساعد ويسهم في التخفيف من الغضب الشعبي العربي الذي تراجع، فهذه هي الشعوب العربية، تتحمس في البداية ومن ثم تملّ وتنصرف لحياتها كعادتها.
مجددا، أؤكد أن استمراركم بالقتال يعطينا الذراع في حربنا على الشعب الفلسطيني، وتدمير القطاع بل ومسحه عن بكرة أبيه، لنستطيع التمركز بداخله من خلال قواتنا واحتلال أجزاء منه، والقضاء على فكرة الدولة الفلسطينية في يهودا والسامرة وقطاع غزة والقدس، التي صدع رؤوسنا بها أبومازن.
أعزائي في حماس.. إن بقائي بالحكم وشعبية اليمين خاضعة لحسابات الحرب والصراع، يعتمد على استمرار وجودكم، لذلك أرجو أن تتحصنوا جيدا ضد ضربات طائراتنا ومدفعيتنا، لا نريد موت عناصركم، فطالما صمدتم بالأنفاق التي قمتم ببنائها لأنفسكم.. بقينا نحن في الحكم، أما بالنسبة إلى موت الآلاف من الشعب الفلسطيني فهناك من طرفكم ما يبرر ذلك جيدا، واسمحوا لي أن أبدي إعجابي في مبرراتكم، فهناك منكم من يقارنون أعداد ضحاياكم بضحايا الجزائر ذات المليون والنصف مليون شهيد، وبصراحة يسعدنا أن نخدمكم بذلك.. سنستمر بقتل وإبادة الشعب الفلسطيني.
أحبتي في حماس.. أرجو أيضا إيصال شكري وامتناني العميقين إلى المرشد الإيراني ورؤساء ميليشياته المنتشرة في كل من لبنان واليمن والعراق وسوريا، على دورهم المتقن في خدمتنا، فمازلتُ أسعد – أنا ووزرائي – كلما تذكرت أن دول العالم هبت لمساعدتنا ودعمنا خوفا من هجوم إيراني أو من حزب الله علينا تحت مسمى “حرب الجبهات”، وها هو نجم الحوثي يسطع في سماء الشرق الأوسط، فكما سطع نجم حزب الله ونجمكم.. ساهمنا في سطوع نجم الحوثي وأصبح له دور رائد في حركة الملاحة في البحر الأحمر، لتساعدونا في تمزيق دول الشرق الأوسط.
وأخيرا.. لا أريد أن أطيل عليكم، حتى لا يبرد طعامي الذي لا يجده أغلب الشعب الفلسطيني في القطاع، لكن أعدكم بأن لا تكون رسالتي الأخيرة لكم، استمروا في ما أنتم فيه. لتبقى قواتنا في غزة ونستمر في حربنا ضد الشعب الفلسطيني، وتستمر أهدافنا اليمينية المشتركة، تحية خاصة مني للقائد المتهور الأقرب إلى قلبي يحيى السنوار.
تدخل زوجة نتنياهو سارة تحمل له الطعام والنبيذ، فيقول لها: أشعلي جهاز التلفاز لنشاهد ذلك المحلل العسكري، ونضحك قليلا.