أمد/
لقد أكدت الثوابت الوطنية للمصالحة التي عرضها الرئيس محمود عباس على فصائل العمل الوطني والاسلامي في إجتماعات العلمين في شهر تموز السابق أنها كانت وما زالت الوصفة الصالحة والراسخة لإنهاء الانقسام الفلسطيني، ليس هذا فقط، وإنما مثلت هذه الثوابت الحصن الحصين للحفاظ على الدم الفلسطيني والاستقرار السياسي. وفي ظل العدوان الاسرائيلي الحالي على قطاع غزة والضفة الغربية تظل هذه الثوابت شاخصةً في الموقف الفلسطيني الموحد لمواجهة الاحتلال وتحقيق الدولة الفلسطينية المستقلة، حيث عادت الى الواجهة للحديث عن ما بعد العدوان. وقد تضمنت المبادرة المصرية مقترحات صريحة لجميع الفصائل إنبثقت عن ثوابت العلمين للانضمام لمنظمة التحرير الفلسطينية على اسس ديقراطية ولتشكيل حكومة وحدة وطنية تشترك فيها جميع الفصائل والتيارات السياسية بما فيها حركتي حماس والجهاد الاسلامي. وتضمنت هذه المبادرة دعوة لتعزيز سيطرة الاجهزة الامنية الفلسطينية على كل المناطق في الضفة والقطاع بالشكل الذي يوحد الأمن والحكم تحت شرعية منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، بحيث يخضع الجميع للبرنامج السياسي لمنظمة التحرير بعيداً عن أي اجندات خارجية. وبحيث تستطيع منظمة التحرير المضي قدماً في بناء مؤسسات الدولة الفلسطينية في الضفة والقطاع.
في الواقع إن معادلة منظمة التحرير لم تكن فقط متضمنة في المبادرة المصرية وإنما تم تضمينها في مقترحات الادارة الامريكية لتسوية الصراع في المنطقة، كما تضمنتها تصريحات الاتحاد الاوروبي والرئيس الفرنسي والعديد من دول العالم. وبدا أن الجميع يردد ما تحدث به الرئيس ابو مازن في إجتماعات العلمين، وهذا إن دل على شي، فإنه يدل على أن موقف القيادة الفلسطينية في التمسك بالثوبات الفلسطينية مثّل ويمثّل الحل الدائم لوقف العدوان الاسرائيلي وتجريم الاحتلال وبناء الدولة الفلسطينية.
بالمقابل، فإن هذا الموقف الفلسطيني والدولي لم يرق للاسرائيليين الذين تحدثوا بشكل صريح عن دعمهم لإنشاء حكم مدني في القطاع على شكل روابط القرى، حيث رفضوا بشدة تولي السلطة الوطنية الفلسطينية إدارة القطاع معتبرين أن حركة فتح هي حركة ارهابية وتعلم أبنائها الكراهية وهذا ما ورد بشكل صريح على لسان نتنياهو. ولم تكن تصريحات بن غفير وسموتريتش بعيدة عن هذا السياق، بل إن الاثنين تحدثا عن تهجير الفلسطينيين من القطاع وإحلال المستوطنين اليهود بدلاً منهم. وفي السياق، فإن مواجهة هذه السياسات الكولينيالية الاسرائيلية التصفوية للقضية الفلسطينية يجب أن تواجه بحزم من جميع الفصائل، وذلك من خلال التمسك بثوابت العمل الوطني في إجتماعات العلمين. إنها بإحتصار الضمانة الأساسية التي ستمكن المنظمة وسلطتها الوطنية من بناء الدولة الفلسطينية وإعادة إعمار غزة وتمكين الشعب الفلسطيني من إختيار ممثليه وبناء دولته. وبعيداً عن هذه المعادلة ستطبق المعادلة الأسوء على الشعب الفلسطيني، إنها معادلة ستؤدي الى تقسيم الوطن الفلسطيني وإنهاء حلم الشعب الفلسطيني في إقامة دولته وتهجير الشعب الفلسطيني وإنتشار الاستيطان. وفي السياق على الشعب الفلسطيني الصامد على أرضه أن يتمسك بممثله الشرعي والوحيد وأن يدرك أن ثوابت العمل الوطني المتضمنة في برامج المنظمة هي طوق النجاة للقضية الفلسطينية في الوقت الذي تتسع فيه حجم المؤامرة والعدوان. وفي النتيجة، إن العدوان الاسرائيلي على غزة والضفة الغربية علّم الجميع دروسا ًمهمة، فالشعب الفلسطيني وفصائله تعلّموا أن المنظمة كانت وستبقى الحصن الحصين للذود عن المشروع الوطني الفلسطيني، وتعلمت الدول الغربية واسرائيل أن فلسطين وطن لم يعد قابلاً للتقسيم ولا لروابط القرى.