أمد/
تتواصل الحرب على غزة دون رحمة بكبير أو صغير، وأكثر الخاسرين في هذا الصراع البشع، هم أطفال غزة، فكانوا وقود حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل، بل يقتلون ويتيتمون ويشردون وينزحون بل ويفقدون أطرافهم ويصابون بالعجز الجسدي والتشوهات والأمراض النفسية والهلاوس التي تدمر الطفولة وتزيد أوجاع الصغار من فرط الرعب المنتشر حولهم.
لايزال أطفال فلسطين يدفعون ثمن الحرب الدائرة أضعاف مضاعفة، فنحن عندما نتابع أحداث الحرب نبكي الصغير والكبير غير أن هذا الشعور لا يمثل ذرة واحدة مما يعيشه الأطفال، فالكثير من الإعجاب أشعر به تجاه "صغار فلسطين" الذي علمتهم الحرب أن يكون رجال في أجساد أطفال.
واقعيا، تأذي أطفال غزة كثيرا بسبب الاشتباكات اليومية العنيفة بين إسرائيل وحماس، فتهدم بيوتهم ويقتل أبويهم أو أحدهما أو أشقائهم، ويصابون في القصف اليومي حتى أنهم لا يجدون مستشفى تطيب جراحهم أو تكسن أوجاعهم.
حتى الآن، تستهدف إسرائيل أطفال غزة كعدوها الأول، فهي لا تريد أن يكون هناك مستقبلا داخل القطاع بل وعلى أرض فلسطين برمتها، فتقتل المستقبل المتمثل في الصغار حتى لا يكون هناك مدافعون عن الأرض بعد استمرارها في عملية الإبادة الجماعية التي تريد أن تمحو بها شعب فلسطين والقضية الفلسطينية من الوجود.
بالنظر لحصيلة ضحايا الحرب على غزة، نجد أن هناك حوالي 7 آلاف طفل شهيد وكذلك آلاف جرحى ومفقودين تحت الأنفاض أو جثثا متفحمة في الشوارع، فلماذا يصر الاحتلال على قتل الطفولة بدم بارد؟!
المخيمات أيضا ودور الإيواء تشهد كوارث كثيرة في حق أطفال غزة، فهناك تفتك الأمراض الجسدية بالصغار بينما تقتل الأمراض النفسية الحياة في أعينهم كل يوم.
الحرب أيضا تركت لهم آثار صدمات نفسية في وقت لا يسمعون فيه سوى صوت القصف وطعم الرعب وطلقات النيران ولا يرون فيه سوى الدبابات التي تدخل على أي منطقة فتدكها دكا بمن فيها بلا رحمة أو شفقة لكبير كان أو صغير!
هذه الأحداث القاسية لا شيء أما طفل بترت أطرافه وكسرت جمجته أو يعيش بنصف جسد في ظل أنه لا يعرف ما ذنبه في كل هذا العذاب اليومي الذي لا يتوقف، ولكن هل تقتل الحرب الإسرائيلية صمود الصغار ؟!
واقعيا، من المستحيل أن تقتل الحرب الحلم الفلسطيني الكبير في وطت مستقر وبناء مجتمعي سليم، على الرغم من سوء الأوضاع الحالية وغياب الخدمات الصحية وإغلاق المدارس وتحولها إلى دور إيواء، فقد يتحول كل هذا الركام إلى وقود لبناء المستقبل والوطن من جديد.
جرلح أطفال فلسطين مازالت تتجدد يوميا، فهم غير مدركين ماذا يحدث لهم، ولكن من أبسط حقوقهم العيش بأمان وتناول غذاء ومياه نظيفة والعلاج والذهاب إلى المدرسة.. فأصبح كل هذا دربا من دروب المستحيل لأطفال في ظل الصمت العالمي تجاه المذابح اليومية المرتكبة على أرض غزة وحقوق الصغار المعذبون هناك.
ربما يتم الاتفاق على هدنة قريب تسكن أوجاع الصغار، بعد أن تحولت غزة إلى أصعب مكان لعيش الأطفال خاصة وأن أمراض سوء التغذية والسل والأمراض التنفسية الناتجة عن أسلحة إسرائيل التي تهدد 1.1 مليون طفل في القطاع، ولكن يبدو أن الحرب لن تتوقف، فتشتد وتستعر لكنها لا تخمد أبدا.
غير أن هذه الظروف الصعبة والمأساوية خلفت من أطفال غزة أبطالا ومناضلين، فهم ليست لديهم فرصة لينعموا بالطفولة، إنما يحملون ما هو أقوى وهو محاربة العدو الذي اغتصب الأرض وهتك العرض واستباح دماء الصغير والكبير..
فإلى متى سيحرم الأطفال في غزة من عيش حياتها الطبيعية؟!