أمد/ تل أبيب: ظهر الانقسام الحاد في حكومة الحرب الإسرائيلية إلى العلن، بعدما دعا قائد الجيش السابق غادي آيزنكوت، إلى إجراء انتخابات في غضون أشهر، متهماً الحكومة بأنها “ليست صادقة مع الشعب” بشأن الحرب على غزة.
وأظهرت تصريحات آيزنكوت الذي يقول إنه يثق برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، تزايد الانقسام بشأن أسئلة مهمة مثل كيفية تأمين عودة الرهائن الذين تحتجزهم حركة “حماس”، والتخطيط لما بعد الحرب، وفقاً لصحيفة “فاينانشال تايمز”.
وقال آيزنكوت، وهو وزير وسطي ومراقب في حكومة الحرب، في مقابلة نشرتها الصحيفة يوم الخميس: “من الضروري، في غضون أشهر، إعادة الناخب الإسرائيلي إلى صناديق الاقتراع وإجراء الانتخابات من أجل تجديد الثقة؛ لأنه في الوقت الحالي لا توجد ثقة”.
وبالإضافة إلى ترديد دعوة المعارضة الإسرائيلية بإجراء انتخابات مبكرة، شدد آيزنكوت على أنه “يجب أن نقول بشجاعة إنه من المستحيل إعادة الرهائن أحياء في المستقبل القريب دون اتفاق (مع حماس)”، داعياً إلى “النظر في وقف القتال لفترة زمنية طويلة كجزء من أي اتفاق من هذا القبيل”.
“بيع الأوهام”
وقال القائد العسكري السابق الذي لقي ابنه جندي الاحتياط (25 عاماً) حتفه في معركة بقطاع غزة، الشهر الماضي، إن إطلاق سراح الرهائن يجب أن يكون أولوية قصوى، لكن ذلك لن يتحقق من خلال القوة العسكرية وحدها، وأي شخص يقول خلاف ذلك “يبيع الأوهام” للجمهور.
ويبدو أن التغيير السياسي مستبعد على المدى القريب في ظل استمرار الحرب على غزة.
وتعهد نتنياهو بمواصلة الحرب حتى تحقيق النصر الكامل على “حماس”، مع تحذير كبار مسؤولي الأمن من أن القتال سيستمر في عام 2024، لكن هناك دلائل من داخل حكومة نتنياهو على أن البعض يتنافس على خلافة نتنياهو، بحسب “رويترز”.
وانضم آيزنكوت وحزبه “الوحدة الوطنية” بقيادة بيني غانتس، إلى ائتلاف نتنياهو الحاكم، كجزء من حكومة الحرب بعد هجوم “حماس” في 7 أكتوبر الماضي.
وغانتس ونتنياهو عضوان كاملان في حكومة الحرب إلى جانب وزير الجيش يوآف غالانت من حزب “الليكود” الحاكم الذي يتزعمه نتنياهو.
ويتحدث نتنياهو وغالانت “بالكاد”، وفقاً لما نقلته الصحيفة عن 3 أشخاص على دراية بعلاقتهما، فيما توقفت المؤتمرات الصحافية المشتركة بين القائدين مع جانتس، وكانت تعقد خلال الشهور الأولى من الحرب.
ورداً على سؤال بشأن العلاقات مع نتنياهو، قال مكتب غالانت، إنه “يركز على ضمان أمن دولة إسرائيل”، معتبراً أن “الوحدة في مجتمع إسرائيل، وحكومتها ضرورية لانتصارنا في هذه الحرب”.
توقعات بانسحاب من الحكومة
وأوضحت صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية، أن غانتس وآيزنكوت في خلافات مع غالانت ونتنياهو اللذين يعتبران أن استمرار الضغط العسكري هو المفتاح للتغلب على “حماس”، وتأمين إطلاق سراح الرهائن، مشيرةً إلى أنه مع عدم إحراز تقدم بشأن الرهائن، فربما تجبر هذه المسألة غانتس وآيزنكوت على الانسحاب من الحكومة.
وكان غانتس أكد في 10 يناير الجاري، أن حكومة الحرب مستمرة حتى تحقيق الأهداف الأساسية للحرب، وهي “تحرير المخطوفين، وتفكيك البنية التحتية لحركة (حماس)، وتغيير الواقع في قطاع غزة لسنوات قادمة”.
ويزداد التدهور في العلاقات حدة؛ بسبب دعوات العديد من الإسرائيليين للتوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الرهائن، حتى على حساب وقف الحرب وهي دعوات رفضها نتنياهو، وغالانت بشكل قاطع.
واحتجزت “حماس” نحو 240 رهينة خلال هجوم أكتوبر الماضي، أفرج عن أكثر من 100 شخص خلال وقف مؤقت لإطلاق النار في أواخر نوفمبر، بينما لا يزال 136 شخصاً محتجزين، كما يعتقد أن ما يقرب من 30 شخصاً لقوا حتفهم في الأسر، وفق التقديرات الإسرائيلية المعلنة.
ومن نقاط الخلاف المهمة الأخرى عدم وجود خطة لغزة بعد الحرب، على الرغم من مطالب التخطيط من قبل الإدارة الأميركية والحكومات العربية والمؤسسة الأمنية الإسرائيلية.
Split in Israel’s war leadership breaks into the open due to policy differences and personal animosities. Gadi Eisenkot calls for elections and says government is not being truthful with the public.
War in the war cabinet. Me + @JamesShotter for @FT https://t.co/SfugZLiumd
— Neri Zilber (@NeriZilber) January 19, 2024
ويقول مسؤولون ومحللون إسرائيليون وأميركيون، إن المخاوف السياسية الداخلية، منعت نتنياهو من مناقشة القضية، وانضم غالانت إلى الانتقادات، الاثنين الماضي، وانتقد نتنياهو بشكل غير مباشر بسبب “تردده السياسي”، على حد وصفه.
ويرفض حلفاء رئيس الوزراء اليمينيون المتطرفون في الائتلاف، أي دور للسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية في غزة بعد الحرب.
وتعمل الدول العربية على مبادرة لضمان وقف إطلاق النار، وإطلاق سراح الرهائن، في إطار خطة أوسع نطاقاً يمكن أن تشمل تطبيع العلاقات مع إسرائيل إذا وافقت على خطوات “لا رجعة فيها” نحو إقامة دولة فلسطينية.
ورفض نتنياهو مثل هذه الخطة، الخميس الماضي، قائلاً إنه يعارض بشكل ثابت دولة فلسطينية، وأن إسرائيل ستحتفظ بـ”السيطرة الأمنية على كل الأراضي” المخصصة لها.
وأضاف: “قلت هذه الحقيقة لأصدقائنا الأميركيين، وكذلك عرقلت محاولة فرض واقع يمكن أن يؤثر على أمن إسرائيل. يجب على رئيس الوزراء أن يكون قادراً على قول لا، حتى لأفضل أصدقائنا”.
وبشكل منفصل عن المبادرة العربية، حاولت قطر ومصر لأسابيع التوسط في اتفاق بين إسرائيل و”حماس” لوقف الحرب لتأمين الإفراج عن الرهائن والعمل نحو وقف دائم لإطلاق النار.