مهند محمود شوقي
أمد/ على القاصي والداني ما تعرض له الكورد في إقليم كوردستان من حملات نفي وتهجير وقتل جماعي أبتدأت منذ أن تشكلت حدود العراق أو رسمت بالأحرى بعد عام ١٩٢١ ومنها إلى اتفاقية سيڤر التي فرضت على الكورد وتضع اسمهم عاليا في صفحات التاريخ تحت عنوان النضال لنيل الحقوق ومنها إلى تلك الثورات وفق تواريخها ابتداءا من ايلول وگولان وما سبقها وما تبعها من ثورات عبرت عن سخط كوردي إزاء قضيته التي شتتها حكومات العراق عابثة وجابهها الصمود لأبناء الجبل على مر مراحل التاريخ.
ذلك التاريخ من النضال لم يكن سهلا فدماء آلاف الشهداء والمغيبين و المرحلين قسرا ما يزال صداه يأن في كل بيت كوردي فقد أسرته بالكامل أو فقدت أسرته من كان معها ذات يوم سواء أن اخذنا الحديث عن الانفال أو أن تحدثنا عن حلبچة أو أن سرنا بأتجاه مدينة بارزان وما لحق ابنائها من مآسي لم تسنثني منهم أحدا .
اذا ذلك الشعور عن الكورد وفق المعاناة كان كفيلا بأن يجعل من إقليم كوردستان ملاذا امنا للجميع على أقل تقدير لما عاناه الكورد شعورا واحساسا طويلا بالمظلومية لينعكس إيجابا نحو من يبحث عن الأمان حيث إقليم كوردستان وهذا ما أكده الرئيس مسعود بارزاني في أكثر من محفل ومناسبة بأننا نحن الكورد عانينا ما عانينا ونشعر بما يتعرض اليه الآخرون من باب الاحساس بذات المعاناة التي مرت علينا ذات يوم .
ابتدأت موجات النزوح صوب إقليم كوردستان منذ أن حكمت أعراف الديكتاتورية سلطة العراق ولعل اغلب قادة العراق الجديد يتذكرون ذات يوم أنهم اتخذوا من إقليم كوردستان ملاذا لهم و لعوائلهم هربا من بطش النظام السابق ولعل الحال لم يختلف حتى في زمن الديمقراطية بعد عام ٢٠٠٣ الذي تاسست نواته الاولى تحت عنوان الشراكة ! بنظام دستوري وتجاهل لبعض بنوده !
عموما استهل العراقيون رحلتهم نحو النزوح إلى إقليم كوردستان بعد عام ٢٠٠٦ وكان الأساس من الهروب بحثا عن الأمان المفقود ! أو التهديد المحتمل في حالة البقاء ولكم في التاريخ القريب احداث تناولتها وسائل الإعلام حينها تحت عناوين عديدة اغتيالات وتفجيرات و أسابيع دامية شهدتها مدن العراق دون استثناء من العاصمة بغداد والى الجنوب … والحال يستمر حتى عام ٢٠١٤ بعد أن اقتحم الإرهاب ثلث العراق لنشهد موجة نزوح أخرى من الموصل وسهل نينوى والانبار وصلاح الدين عدت الأكبر حينها وايضا صوب إقليم كوردستان لتصل اعداد النازحين في ذلك الوقت ما يقارب المليوني نازح بحسب الإحصاءات الدولية وهي الأدق بلغة الحسابات .
الحال تشابه مع ما تعرض له الإخوة السوريين الذين لجأوا إلى إقليم كوردستان بحثا عن الأمان المفقود في مدنهم وقراهم .
ماتزال حتى اللحظة مخيمات النازحين واللاجئين إلى إقليم كوردستان متوزعة مابين اربيل ودهوك والسليمانية بواقع مايقارب ال (٣٦) مخيما يضم حتى لحظة كتابة المقال هذا أكثر من ٩٠٠ الف نازح و لاجئ … جميعهم اختاروا البقاء الأمن حتى الآن خوفا من العودة تحت وقع التهديد والوعيد .
مايثير الغرابة والدهشة أن لدينا وزارة عراقية تحت عنوان الهجرة والمهجرين وأن عليها أن تلتزم بمبادئ العمل على الاقل بواقع المسؤولية المناطة لها وعليها من واجبات إنسانية تخولها أن تقوم بتقديم المساعدات لجميع النازحين واللاجئين بلا استثناء إلا أنها حتى اللحظة هذه وعلى لسان عدد من المنظمات العاملة في إقليم كوردستان لم تخصص اي مبالغ مالية لتلك العوائل النازحة … وان حكومة إقليم كوردستان وعلى الرغم من الظروف الاقتصادية التي مازالت تبحث عن حلول مع بغداد التزمت بدورها بتوفير مايقارب ال٨٥٠ مليون دولار سنويا تغطية لحاجات تلك العوائل النازحة و اللاجئة إلى مخيمات إقليم كوردستان بدافع انساني وواجب بإحساس المعاناة التي مرت على الكورد ذات يوم .
وعلى الرغم من كل ما ذكر صار إقليم كوردستان المثال الأسمى للتعايش والسلام بين الجميع من دون تفرقة ولا تمييز لا بل صار محط أنظار الباحث عن التشتيت لهذا السلام الذي رسمته قيادة اقليم كوردستان ووضعته فعلا و واقعا لا يقبل التفسير ولا التغيير … تحت عنوان الحقوق للجميع والسلام بين الجميع .