مصطفى محمود
أمد/ أكثر من 25 ألف شهيد وعشرات الآلاف من المصابين بغزة ومازالت الحصيلة في تزايد مفزع بين الحينة والأخرى، فما زالت دولة الاحتلال الإسرائيلي تمارس بيدها “هولوكوست” جديد ضد أصحاب الأرض، على الرغم من أنها الضحية الوحيدة لواحدة من أبشع جرائم التاريخ.
لكن يبدو أن إسرائيل لن ترفع يدها عن مواصلة السياسة النازية في حق شعب فلسطين، وما زاد الأمر سوءا هو صمت المجتمع الدولي والدول الأوربية العظمى عن اتخاذ إجراء يخضع إسرائيل للقوانين الدولية والأعراف الإنسانية برفع يدها عن غزة وإنهاء سلسلة المذابح اليومية، بل والجلوس على مائدة المفاوضات من أجل الاعتراف بدولة فلسطين وترك المساحة لأبناء شعب كنعان في بناء البيت الفلسطيني وإعادة ترتيبه.
ما سبق ليس إلا طموح فلسطيني ترفض دولة الاحتلال الإسرائيلي الحديث عنه إعلاميا وهذا أضعف الإيمان، من أجل تفويت أي فرصة من قبل الفلسطينيين للتشبث بأمل بناء الدولة وإعادة جزء من أراضيها إليهم والعيش في أمان واستقرار تحت راية الوطن.
عندما نتحدث عن الخراب الإسرائيلي بيد الاحتلال العابث في قطاع غزة، لا نجد إلا دماء في كل مكان فحصيلة شهداء ومصابي الحرب وكذلك قصف المستشفيات والمدارس ودور الإيواء خير دليل على أن الاحتلال لا يريد سلاما بل يريد الخراب والاستعمار وممارسة مزيد من مذابح الهولوكوست على أرض فلسطين.
ومن بين آثار الخراب والدمار، تخريب إسرائيل للإسكان في غزة، حيث تشير إحصائيات فلسطينية إلى أن ما يزيد عن 3300 وحدة سكنية متضررة، منها 120 وحدة تضررت كليا، و120 وحدة تضررت جزئيا غير صالحة للسكن، وباقي الوحدات تضررت جزئيا، وتبلغ القيمة التقديرية لإعادة إعمار أو إصلاح هذه الأضرار قرابة 10 ملايين دولار.. فمن يعيد بناء غزة؟
ووفقا لحديث وكيل وزارة الأشغال العامة والإسكان الفلسطيني د. جواد الأغا، فإن هناك 1980 حالة هدم كلي لم يعاد إعمارها حتى اللحظة منذ عدوان 2008 حتى 2023، بإجمالي 97.5 مليون دولار، وأكثر من 90 ألف حالة هدم جزئي لا زالت عالقة حتى اللحظة لم يعاد ترميمها، بإجمالي يتجاوز 108 مليون دولار، فمن الواضح أن حصيلة إعمار غزة تحتاج إلى ملايين الدولارات ولكن من يريد إعادة بنائها أو ترميمها؟
ربما يتحمل الجميع تكاليف جهود إعادة الإعمار الضخمة اللازمة لإصلاح الأضرار الناجمة عن الصراع، وهذه رغم كونها معضلة كبيرة إلا أنها مصلحة وطنية ضرورية في ظل أن من المتوقع أن تكون تكلفة إعادة بناء غزة فلكية، فمع تحول المستشفيات والمدارس وأحياء بأكملها إلى أنقاض، فمن المرجح أن تصل تكلفة إعادة الإعمار إلى مليارات الدولارات. فلقد ترك الصراع في غزة المجتمع الدولي منقسماً حول مسألة تمويل جهود إعادة الإعمار.
وفي حين تعهدت بعض البلدان والمنظمات بتقديم المساعدات المالية، فإن البعض الآخر متردد في الانخراط فيما يعتبرونه وضعا مشحون سياسيا، وقد وقع على عاتق الدول العربية دفع فاتورة إعادة إعمار غزة، باعتبارهم أقرب جيران الصراع، فلديهم مصلحة راسخة وهي شيوع السلام والاستقرار ووضع حدا للصراعات.
ورغم هذا السيناريو التفاؤلي في إعادة الإعمار، إلا أن العدوان الإسرائيلي على فلسطين يجعل أي محاولة للمصالحة اقتراحاً صعباً وخطيراً، وعلى الرغم من التحديات، فمن المهم أن يجتمع المجتمع الدولي من أجل تلك القضية الملحة وتوفير المساعدات المالية لمساعدة غزة على إعادة البناء والتعافي، بعد أن ترك الصراع في غزة أثراً مدمراً على حياة الشعب الغزاوي
وأخيرا، من المهم أن يتشارك الجميع في إنهاء الحرب على غزة، باعتبارها أهم قضايا المنطقة والعالم برمته في ظل اشتعال المنطقة إثر الحرب على غزة.. فيبدو أن شيوع السلام وحل الدولتين وإعادة بناء فلسطين هو الحل!