نبيل معروف
أمد/ ان إسرائيل دولة وظيفية انشأها الاستعمار الغربي بقيادة بريطانيا وفرنسا ثم الولايات المتحدة الأميركية لإشعال الصراع في منطقة الشرق الأوسط بحيث يتيح ذلك للغرب ان يتدخل ويفرض هيمنته على المنطقة، وقد حافظ الغرب بقيادة الولايات المتحدة على الصراع محتدما طيلة الخمس وسبعين سنة الماضية وادار الصراع ولم يسمح بحله او حسمه.
لذلك فان إسرائيل تقاتل الشعب الفلسطيني بالوكالة عن الدولة العظمي الولايات المتحدة الأميركية، لإبقاء الصراع مشتعلا للحفاظ على اعلى درجات الهيمنة والسيطرة على المنطقة وخيراتها، وان الحرب الذي تدور رحاها في غزة الان يقاتل الفلسطينيون فيها وبشكل مباشر قوات أمريكية واخري من مختلف الدول الأوروبية إضافة الي الإسرائيليين.
لذلك فمن واجب الدول العربية والإسلامية وأصدقاء فلسطين في العالم ان ينتهزوا فرصة الظروف التي تَمَكَنَ اهل غزة ومقاتلوها من فرضها على الأرض لمنع إسرائيل من تحقيق أهدافها في تصفية القضية الفلسطينية وتهجير أهلها قسرا خارج وطنهم فلسطين، والا فان تمكنت إسرائيل من الانتصار في هذه المعركة، واستنادا الى تصريحات العديد من مسؤوليها فإنها ستتحكم بعد ذلك بتفاصيل الحياة اليومية في كل الدول العربية، ويومها يصدق القائل (اكلت يوم اكل الثور الأبيض).
لذلك وقبل ان يفوت الأوان، يتحتم على الدول العربية وأصدقاء ومناصري الحرية في العالم دعم فلسطين من خلال إجراءين مهمين:
اولهما: التصريح علنا والتحذير بنيتهم استعمال كافة الأوراق التي يملكونها (عمليات التطبيع، قطع العلاقات الدبلوماسية، البترول، المقاطعة، حركة الطيران الإسرائيلي فوق المنطقة، وغيرها)
ثانيهما: المبادرة الى تشكيل لوبي من شخصيات أوروبية وعالمية وخاصة وزراء خارجيه ورؤساء وزراء سابقون إضافة الى شخصيات أخرى سياسية وثقافية وإعلامية وقانونية (وهم كثر) بهدف الضغط مباشرة على الولايات المتحدة الأميركية لدفعها الى تغيير سياستها في الشرق الأوسط والموافقة على حل الصراع بدلا من استمرارها في ادارته كما فعلت خلال السنوات الخمس والسبعين الماضية، وان تتبني تنفيذ حل الدولتين على أساس يضمن الامن لدولة إسرائيل ويضمن ممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه الوطنية والسياسية والإنسانية من خلال إقامته لدولته المستقلة حسب القرارات الدولية على الأراضي الفلسطينية التي احتلت عام ١٩٦٧ وبذلك تتاح الفرصة للشرق الأوسط لينعم بالهدوء والاستقرار ولدوله بالاستقلال الحقيقي.
اما، اذا ارادت الولايات المتحدة ان يستمر الصراع وتستمر هي في إدارته فيتوجب على الدول العربية والشخصيات العالمية المناصرة للسلام في الشرق الأوسط ان يبينوا للولايات المتحدة بان ذلك يعني بالنهاية ان تتحول دولة إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة (فلسطين التاريخية) الى دولة واحدة للشعبين الإسرائيلي والفلسطيني حيث تبدأ معركة المساواة ومناهضة نظام الفصل العنصري الإسرائيلي ( الابرتهايد) وهو ما لا يريده الاميركيون أولا وكذلك الإسرائيليون. لذلك يجب إعطاء الأولوية للمباشرة في تنفيذ حل الدولتين.
من الواضح ان مستقبل المنطقة والصراع فيها متوقف حصرا على القناعة التي تتوصل لها الدولة العميقة في الولايات المتحدة الأميركية والتي تتحرك وفقا لمصالحها، ومن الواضح أيضا واستنادا الى تطورات الصراع في المنطقة بان الإدارة الامريكية لديها خياران لا ثالث لهما وهما:
أولا: الاقتناع بان الظروف قد نضجت لوضع حد للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وبان حل الدولتين هو لصالح استمرار وجود دولة إسرائيل كما هو لصالح الشعب الفلسطيني، وان مستلزمات هذه الاستجابة وضمان نجاحها واضحة، الامر الذي يتطلب من الولايات المتحدة الامريكية أولا وقبل كل شيء ان تعترف بالدولة الفلسطينية حسب قرارات الشرعية الدولية، وان تضع خارطة طريق تُلزم بها إسرائيل بمجموعة من التنازلات، التي تطمئن الشعب الفلسطيني وتشعره بتحقيق إنجازات تدفعه الى الالتفات الي بناء مؤسساته ودولته.
ثانيا: الاستمرار في إدارة الصراع في المنطقة، ولكن حرب غزة وتداعياتها الرسمية والشعبية إقليميا ودوليا، قد تفرض عليها اللجوء الى انتاج أوسلو رقم ٢، أي ان تقدم حلا تجميليا يهدف الى تحسين الحياة اليومية للفلسطينيين دون منحه حقوقه الوطنية والسياسية.
على الأرجح، ان لم تتحرك الدول العربية بالفعالية المطلوبة، وان لم تقف منظمة التحرير الفلسطينية موقفا صلبا وواضحا في رفض أي حل لا ينهي الاحتلال ولا يعترف بالدولة الفلسطينية، فان الحل التجميلي هو القادم، فحذار يا قادة فلسطين ومسؤولي منظمة التحرير الفلسطينية من تكرار فخ أوسلو بعد ان ثبت ان الولايات المتحدة وإسرائيل لا تلتزم بوعود، وبان العالم الغربي لا يستطيع الا ان يسير في ركب أمريكا. وكل ما ستعد به أمريكا لن تلتزم بتنفيذه بعد ان نكون قد سلمنا بندقية المقاتل المقاوم للاحتلال.