ألاء ماجد
أمد/ لم تكن خشونة العيش جديدة علينا في قطاع غزة، ولكننا الآن نكتشف أبعادا جديدة للبؤس والحزن والخذلان، إننا نفعل الآن ما لم نكن تصور من قبل أننا سنفعله، إننا ننحدر بسرعة الى حيث لا يبقى غير غريزة البقاء بأي ثمن أو ما يطلق عليه صراع البقاء، وهذا حال جميع سكان القطاع، وفي الوقت الذي يحتاج فيه الغزيين بمن يطبطب عليهم ويوقف المذابح الإسرائيلية المستمرة بحقهم، نجد أن حركة حماس تماطل في الرد على مبادرة باريس الأمريكية الإسرائيلية القطرية المصرية التي قد توقف الحرب بعضا من الوقت، ولم تقدم ردا حاسما حتى اللحظة، بحجة أنها تدرس المبادرة بما يخدم مصالح شعبها، وكأن الشعب في فسحة من وقته، ومعه متسع كثير لتدرس الحركة خيارات، لتتفاوض وكأنها المنتصر في حرب الإبادة الذي تعرض له الشعب الفلسطيني ومازال، رغم الدمار الهائل، وعدد الشهداء غير المسبوق في تاريخ القضية الفلسطينية، ومحاولات التهجير التي يتعرض لها الشعب.
بكل الأشكال والصور وعلى كل جنب يموت الشعب في غزة، من القنابل والصواريخ، البرد والجوع والخوف، وها نحن نموت اليوم بالتعب والخذلان من حركة حماس التي أثبتت للمرة المليون أنها ليست قريبة بما فيه الكفاية من شعبها الذي ضحى كثيرا وأريقت دماؤه بشكل لم يسبق له مثيل منذ النكبة الفلسطينية عام 48.
ان وقف اطلاق النار من عدمه لا يعني ابدا العودة لربع الحياة الآدمية، سنعود بلا كهرباء ولا شبكات مياه وصرف صحي ولا منازل ولا شوارع أو مشافي ومدارس وجامعات ومؤسسات تشغيلية خاصة ورياض أطفال، ومن يُكتب له النجاة وعدم الموت في هذه الحرب، سيكون فردا في مجتمع مطرب نفسيا ومحاط بعشرات الآلاف من المبتورين والمشوهين والأيتام والأرامل والمشاكل الاجتماعية ما بعد النزوح، الحروب القادمة مع الحياة هي حروب الحقيقة وهي التحدي الذي لن نعيشه لنرى آخره، لقد سقطنا من علو شاهق جدا، لقد كانت حرب إبادة منظمة وناجحة، وياليت حماس تعي ذلك جيدا خصوصا في هذه الفترة الحرجة، بعد مرور أربعة أشهر على حرب اللاشيء.
بالأمس فقط، ارتفع صوت الناس في قطاع غزة تهليلا وتكبيرا، فرحا بما أعلنته وزارة الخارجية القطرية عن موافقة إسرائيلية على وقف اطلاق النار، وموافقة مبدئية من حماس أيضا على المبادرة الفرنسية، بما يكشف بشكل جلي وواضح، تعطش الشعب الفلسطيني لأي متنفس من الوقت لتتوقف حياة الحرب والقتل والدمار ولو لفترة معينة، أو حتى سماع خبر يعطيه أملا بانتهاء الحرب وتسكير هذه الصفحة التي بدأت منذ السابع من أكتوبر الماضي بدون سبب أو اهداف استراتيجية، سوى الخراب والدمار الذي حل على الشعب المكلوم في القطاع.
وبينما تسكت قلوب سكان القطاع المحاصر والمُجوّع وحدها عندما يعلوا رأسها غبار التعب والفقد والحسرة على عمر يُسرق من أمامه، ويُهدى للسارقين، أصحاب البطش الشديد، يصمت المواطن الغزي مع اشتداد الحنين للبيت القريب البعيد والشوارع واللهفة والخذلان، سلام علينا في غزة وعلى كل القلوب التي يأكل البرد والخذلان أطرافها، ولا سامح الله من استطاع أن يوقف هذه المذابح ولم يفعل!! فلتتوقف الحرب وليعاد الاعمار، وليعود شعبنا ليعيش كباقي شعوب العالم، دون النظر الى “المكاسب الفئوية” لهذه الحرب الشعواء..أوقفوا الحرب فورا.