راسم عبيدات
أمد/ عقد يوم الأحد 28/1/2024 مؤتمر تهويدي في القدس تحت شعار ” التهويد والتهجير يجلبان السلام،ولم يقتصر هذا المؤتمر حضوره على الجماعات والجمعيات الإستيطانية،من رئيس مجلس المستوطنات في الضفة الغربية يوسي دغان ومنظمة “نحالا” الإستيطانية المصنفة كمنظمة إرهابية دولية بدون أمريكا وقوى الغرب الإستعماري،بل كان هناك حضور رسمي على مستوى الحكومة وزراء واعضاء كنيست، منهم 12 وزيراً و 15 عضو كنيست،من امثال بن غفير وزير ما يعرف بالأمن القومي وسموتريتش وزير المالية وميكي زوهر وزير الثقافة ويسرائيل كاتس وزير الخارجية وغيرهم…وهذا المؤتمر الذي وصفه الإعلام العبري بأنه لمجموعة من المهلوسين الراقصين على الدماء،والذي الحق الضرر بسمعة ” اسرائيل” الدولية ،على صعيد ما تسميه شرعية حربها على قطاع غزة، لم يعبر عن وجهة نظر لجماعة معزولة في دولة الإحتلال،بل يعبر عن رؤيا وتوجهات حكومية،وبأن روح الفاشية اليهودية باتت تسيطر حتى على حزب الليكود الذي يصنف كحزب علماني،ولعل هذا يرجع بالأساس الى تفكك وتفتت وتشظي الأحزاب السياسية الكبرى،مفسحة المجال للصهيونية اليهودية التي كانت تعيش على أطراف المشروع الصهيوني،والتي قفزت بشكل كبير،لكي تتبوأ مكانة كبيرة في المجتمع الإسرائيلي وفي أجهزة الأمن والمؤسسة العسكرية والشرطية،وباتت تتحكم في مفاصل العمل السياسي الإسرائيلي والتحكم في الحكومات الإسرائيلية سقوطاً وبقاءً .
ايتمار بن غفير قال في هذا المؤتمر علينا ان نعود الى مجمع “غوش قطيف” الإستيطاني فهناك بيتنا ،في حين رئيس مجلس المستوطنات في الضفة الغربية داغان قال: “لقد ناضلنا معًا لمدة 16 عامًا من أجل تصحيح عار فك الارتباط والترحيل وتهجير المستوطنات”، في إشارة إلى انسحاب إسرائيل من مستوطنات قطاع غزة عام 2005 في عهد رئيس الحكومة الأسبق، أرييل شارون، ضمن خطة أحادية الجانب عرفت آنذاك بفك الارتباط، وشملت أيضا إخلاء 4 مستوطنات شمالي الضفة الغربية…
عقد المؤتمر التهويدي والتهجيري في مدينة القدس ، مضافاً له السعي من قبل حكومة الإحتلال للسيطرة على محور صلاح الدين”فلادلفيا” وإقامة ما يسمى بالمنطقة العازلة، يأتي لترجمة رؤية نتنياهو بشطب الكيانية الفلسطينية لمنع إقامة دولة فلسطينية،كرد على بعض الدعوات الأوروبية الغربية الداعية الى إقامة دولة فلسطينية،وكذلك كشف كذب الإدارة الأمريكية التي تبيع الوهم لشعبنا الفلسطيني عن ما يعرف بحل الدولتين،وهذا المؤتمر التهويدي يتزامن مع الحرب الشاملة التي شنتها امريكا ومعها توابعها من بعض دول الغرب الإستعماري على وكالة الغوث من أجل شطبها وإنهاء خدماتها للوصول الى مشروعها بربط التمويل بالتوطين،بحيث يشمل ذلك تغيير جذري في تعريف من هو لاجىء،بحيث ينحصر فقط في من تبقى من الجيل الأول ،ومن ولد بعد هذا التاريخ لا يكتسب صفة اللجوء،بالإضافة الى التعديل الجوهري في المنهاج التعليمية،وبما يتفق مع روح الرواية اليهودية ،وأمريكا ليست هي المرة الأولى التي تسعى فيها الى وشطب وكالة الغوث واللاجئين “الأونروا”، التي جاءت كرد سياسي وقانوني من المجتمع الدولي على النكبة التي حلت بالشعب الفلسطيني عام 1948 ،وأنشئت بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1949 ،وباشرت عملها في أيار 1951،ففي عهد الرئيس الأمريكي ترامب صاحب مشروع ما عرف ب” صفقة القرن، لتصفية القضية الفلسطيني، اوقف المساهمة الأمريكية في تمويل وكالة الغوث واللاجئين الفلسطينية، لدفع القيادة الفلسطينية،لكي توافق على “صفقة القرن،وتعديل مناهجها التعليمية.
هذا المؤتمر التهويدي يترافق مع مخطط التهجير والتصفية لوكالة الغوث الذي يسعى له الاحتلال وامريكا بحق الشعب الفلسطيني، فوزير خارجية ” إسرائيل” يسرائيل كاتس، في النقاش الذي جرى مع الإتحاد الأوروبي في بروكسل قبل أقل من اسبوعين،حول وقف إطلاق النار في القطاع والسيناريو لما بعد توقف الحرب على قطاع غزة،وبحث إقامة دولة فلسطينية، قال مقترحا إقامة جزيرة صناعية قبالة قطاع غزة يعيش علها شعبنا الفلسطيني،وقال بان وكالة الغوث لن يكون لها دور بعد إنتهاء الحرب العدوانية على قطاع غزة،فهي على حد زعمه تطيل أمد الصراع وتبعد فرص تحقيق السلام، في حين وزير مالية ” إسرائيل” زعيم الصيهونية الدينية سموتريتش، قال معلقاً على قرار محكمة العدل الدولية، بالطلب من دولة الإحتلال تجنب الإبادة الجماعية والتحريض عليها،من يهتمون بمصير قطاع غزة،عليهم الطلب من الدول الأخرى والقيام بمبادرات من أجل إقناعها بإستقبال سكان قطاع غزة ،وهذه الطروحات تلتقي مع اطروحات نتنياهو رئيس الوزراء “الإسرائيلي”،الذي قدم مقترحاً لمجلس الحرب ” الإسرائيلي” لكيفية التعامل مع قطاع غزة خاصة والسلطة الفلسطينية بشكل عام،بعد اليوم التالي لتوقف الحرب على قطاع غزة،حيث يتحدث عن حكم عسكري ” إسرائيلي،يسطر بشكل مؤقت على قطاع غزة،ويتولى إدخال المساعدات الإنسانية الدولية والإشراف على الجانب المدني،وفي المرحلة الثانية، يتولى مسؤولية القطاع قوة دولية متعددة الأطراف منها اقطار عربية مصر والمغرب والإمارات والسعودية والبحرين، ضمن ما يعرف بالتطبيع الإقليمي،ويكون هناك سلطة فلسطينية جديدة، ليست من المقربين من حماس او من حركة فتح،ويكون لإ” إسرائيل” حرية الحركة العسكرية في القطاع،كما الحال في الضفة الغربية،وبعد ان تثبت تلك السلطة جدارتها ونجاحها، من عامين الى أربعة أعوام يوافق نتنياهو على دولة فلسطينية منزوعة السلاح في مناطق السلطة،والمقصود هنا مناطق الف وباء ،والبحث في إمكانية نقل أراضي جديدة اليها، دون اخلاء أي مستوطنة أو بؤرة إستيطانية.
مشاريع الاحتلال لتصفية القضية الفلسطينية من جميع جوانبها لم ولن تتوقف،وهناك من يدعمها ويساندها في ذلك دعك من الإسطوانة المشروخة التي ترددها أمريكا وبعض دول الغرب الإستعماري عن حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته الفلسطينية المستقلة،تلك الدولة التي نسمع عنها منذ ثلاثين عاماً،ولم تمارس او تبذل أمريكا أي جهد جدي وحقيقي لترجمة أقوالها الى أفعال،بل كانت تصطدم بجدار الرفض “الإسرائيلي،،وبدلاً من ممارسة الضغط على ” إسرائيل” لكي تلزم بالقانون الدولي وبقرارات الشرعية الدولية، كانت تمارس الضغط والعقوبات على الطرف الفلسطيني الضعيف،وحتى بعد معركة 7 أكتوبر من العام الماضي،وجدنا أمريكا تجعل من دولة ” إسرائيل” مقياس الشرعية الدولية،وليس فقط إبقائها فوق قرارات الشرعية الدولية،فهي تتحدث فقط عن حق ” إسرائيل” في الدفاع عن نفسها في قلب للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني والإتفاقيات وقرارات الشرعية الدولية، والمعايير المزدوجة والإنتقائية في تطبيقها،مع تحصينها ضد أي قرارات تتخذ بحقها او عقوبات تفرض عليها،وهي اذا ما أرادت الموافقة على دولة فلسطينية،فيجب ان تكون وفق المقاس ” الإسرائيلي” وبما يلبي ويخدم أمنها وتفوقها العسكري في المنطقة،ولذلك هي متفقة تماماً مع الرؤيا ” الإسرائيلية” بمنع تجسيد كيانية فلسطينية تتحول الى دولة فلسطينية على كامل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 وعاصمتها القدس،وضمان حق العودة لللاجئين وفق القرار الأممي (194).
هذا المؤتمر التهويدي والتهجيري في قلب مدينة القدس،يجب أن يجعل البعض الفلسطيني يصحو من غيبوبته السياسية وإنفصاله عن الواقع، بأن أمريكا قادرة على الضغط على دولة الإحتلال من أجل الموافقة على دولة فلسطينية مستقلة، فكلاهما شريك في منع تجسيد هذه الدولة على أرض الواقع،ويضعان اشتراطات تعجيزية من أجل قيامها،فالمخطط والمشروع التهويد والتهجير والضم والطرد والتطهير العرقي مستمر ومتواصل في قطاع غزة والضفة الغربية والقدس والداخل الفلسطيني- 48 – .