مسك محمد
أمد/ لا شك أن الإعلام مرآة الشعوب والسوشيال ميديا نبضها، وجسدت الحرب على غزة ملحمة “الصوت والصورة” التي قدمها الإعلام المحلي الفلسطيني خلال الأحداث الدامية للقطاع الجريح منذ السابع من أكتوبر الماضي (تشرين الأول) 2023 حتى يومنا هذا.
الإعلام الحربي يمثل أولوية لدى حماس شأنه شأن العمليات الميدانية والمواجهة العسكرية المباشرة، من خلال توظيفه في الحرب النفسية ضد إسرائيل خلال أحداث ما بعد السابع من أكتوبر ومع دخول الحرب في غزة شهرها الخامس، فسجل مأساة غزة من بين البيوت المهدمة ومن داخل دور الإيواء ومن قلب الخيام والمدارس التي تحتضن مئات الآلاف من النازحين للبحث عن فرصة حياة هادئة بعيدا عن نيران العدو، ليشكل رأي عام عالمي تجاه القضية الفلسطينية.
من بين مانقلته المعالجة الإعلامية لقنوات حماس، “مسلسل بكاء يومي” الذي رصد بالصوت والصورة مئات الأطفال المقتولين على يد إسرائيل وآلاف الجرحى الذين لم يعثروا على مستشفى أو طبيب يخفف آلامهم، كما كانت “السوشيال ميديا” حاضرة بقوة في نقل الأحداث من داخل غزة وهو ما قرب ميدان المعركة الى المشاهد البعيد وجعل الحرب في غزة تستولي على الحصة الأكبر من الأخبار والمستجدات، بعكس الذي حدث في حرب أوكرانيا حيث فقد الحدث جاذبيته للمشاهد والمتابع للإخبار مع مرور الثلاث أشهر الأولى منذ اندلاع الحرب.
ولعل أبرز المنصات الشهيرة في نقل الأحداث قناة “غزة الآن” الإخبارية الشهيرة على التلغرام، حيث تحولت إلى أداة أساسية لنشر ما تقوم به “حماس” في الحرب على غزة، ويبدو أن العناصر التي تقف وراء القناة تشبه وحدة العمليات النفسية التابعة للحركة، حيث تم الكشف عن هذه الوحدة مؤخرًا في مقال نشرته صحيفة “التايمز” البريطانية والتي حذرت بأنه من الممكن أن يؤدي ذلك إلى الإضرار بصورة حماس، من منطلق أن الحركة لا تختلف كثيرا عن أعمال الحركات الارهابية الاخرى على غرار جماعة بوكو حرام في نيجيريا والتي تتخد نفس الإستراتيجية في نشر صور الرهائن وذلك من أجل زيادة الضغط على الجهة المستهدفة .
ثقل قناة “غزة الآن” داخل وخارج قطاع غزة يبدوا واضحا من خلال نسبة التفاعل وعدد المتابعين لها رغم محاولات التضييق المستمرة التي تعرضت لها، ورغم عدم توفر المعلومات حول من يقف وراءها ومن يمول موقعها الإخباري ومن يساهم في نشاطها الخيري ومن يديرها داخل وخارج الأراضي الفلسطينية ، لكن وبما أنها تعتبر مرجعا قويا للأحداث اللحظية على أرض المعركة فلا شك أن المقاومة قد وظفتها لصالح خدمات الإعلام الحربي مستفيدة من صيتها الواسع.
مؤخرا نشر الإعلام الحربي لحماس مثل صفحة “الإعلام العسكري لكتائب الشهيد عز الدين القسام”، وكذلك قناة “غزة الآن” على السوشيال ميديا، مقاطع فيديو جديدة للرهائن الإسرائيليين يتهمون إسرائيل بالتخلي عنهم، وتتخد الحركة من خلال هذه الاستراتيجية اسلوبا هجومي تشن من خلاله الحرب النفسية وهو ما تقوله المخابرات الإسرائيلية حيث تعتبر أن هذه المقاطع جزء من حملة لإثارة الفتنة في إسرائيل وزيادة المطالبة بإنهاء الحرب في غزة.
وبينما تزداد شعبية الإعلام العسكري في غزة كقناة “غزة الآن” التي يتابعها 1.9 مليون على التلغرام، يقوى نفوذ وتأثير “حماس” في صراعها ضد إسرائيل، ولم تكتف المقاومة الفلسطينية بذلك، بل وظفت الإعلام لتعزيز موقفها في الحرب النفسية هذه.
جميع ما سبق، يؤكد أن المقاومة الفلسطينية حققت تفوقا إعلاميا ملحوظا في دحض الصورة النمطية التي روجتها إسرائيل عنها، وواقعيا، نجحت “حماس” في توثيق انتصاراتها على آلة الحرب الإسرائيلية بما يدعمها من وسائل إعلامية.
رغم كل ما تملكه اسرائيل من ماكينة إعلامية وأدوات تأثير تدعم وتساهم في انتشار روايتها في الإعلام الغربي الذي بدوره يؤثر في الرأي العام وهو ما يخفف الضغط على الحكومات التي تدعم اسرائيل، الا أنها عجزت هذه المرة خلافا للمواجهات العسكرية السابقة في تبرير أعمال الإبادة الجماعية في حق المدنيين الفلسطينيين، ولاشك في أن الحرب الإعلامية لها دور كبير في تحديد الجبهة الفائزة في ميادين الرأي العام العالمي.