واشنطن: غادر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الشرق الأوسط يوم الخميس، وسط انقسامات علنية بين الولايات المتحدة وإسرائيل، ربما هي الأسوأ منذ بدء الحرب الإسرائيلية على غزة قبل نحو 4 أشهر، فيما اعتبرت وكالة “أسوشيتد برس” أن بلينكن تلقى “صفعة افتراضية” على وجهه من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وأرجعت الوكالة السبب إلى قول نتنياهو إن “الحرب ستستمر حتى تنتصر إسرائيل تماماً”، وما بدا أنه يرفض رد “حماس” على خطة وقف إطلاق النار المقترحة.
وتشهد العلاقات بين إسرائيل وحليفتها الرئيسية الولايات المتحدة بعض التوتر منذ أشهر، لكن رفض نتنياهو العلني لخطة تقول واشنطن إن لها وجاهتها على الأقل كنقطة انطلاق لمزيد من المفاوضات، سلّط الضوء على الانقسام.
وفي ختام جولة شملت 4 دول في الشرق الأوسط، وهي الخامسة له إلى المنطقة منذ بدء الحرب، قال بلينكن ومسؤولون أميركيون آخرون إنهم ما زالوا متفائلين بإمكانية إحراز تقدم في أهدافهم الرئيسية المتمثلة في تحسين الظروف الإنسانية للمدنيين الفلسطينيين، وتأمين إطلاق سراح المحتجزين لدى حماس، والاستعداد لغزة ما بعد الحرب، ومنع الحرب من الانتشار.
تحسينات محدودة
واعتبر مسؤولون، أن تفاؤل بلينكن يستند إلى أول 4 جولات له بعد 7 أكتوبر في الشرق الأوسط. ولم تسفر أي من هذه الزيارات عن نجاحات فورية ملحوظة، لكنها جلبت “تحسينات محدودة”، ولكنها هامة في إيصال المساعدات الإنسانية، ووقف إطلاق النار لمدة أسبوع في نوفمبر الماضي، والذي أطلق بموجبه سراح عشرات المحتجزين.
وقال بلينكن عن الرد الذي قدمته حماس على اقتراح الهدنة وإطلاق سراح المحتجزين الذي أيدته الشهر الماضي مصر وقطر والولايات المتحدة وإسرائيل نفسها: “من الواضح أن هناك أشياء أرسلتها حماس غير مجدية على الإطلاق”.
وأوضح بلينكن في ساعة متأخرة الأربعاء: “لكن في الوقت نفسه، نرى فرصة لمواصلة السعي إلى اتفاق. وهذه الأمور دائماً ما تكون مفاوضات. إنها ليست كضغطة زر. إنها لا تأتي بنعم أو لا. يكون هناك دائما تفاوض وتبادل للآراء”.
لكن قبل وقت قصير من حديث بلينكن، استهدف نتنياهو بشكل مباشر رد “حماس”، واصفاً إياه بأنه “وهمي”، وتعهد بأن إسرائيل ستقاتل لتحقيق “نصر مطلق” على الحركة المسلحة، بغض النظر عن أي شيء.
معضلة بلينكن
ومما يضاعف من معضلة بلينكن، بدا أن نتنياهو يرفض مخاوف الولايات المتحدة وغيرها بشأن توسيع العمليات العسكرية الإسرائيلية في جنوب غزة، وخاصة في رفح، المنطقة الواقعة على الحدود المصرية، والتي فر إليها أكثر من مليون فلسطيني.
وقال بلينكن: “في جميع زياراتي السابقة هنا، وكل يوم تقريباً بينها، ضغطنا على إسرائيل بطرق ملموسة لتعزيز حماية المدنيين، للحصول على المزيد من المساعدة لأولئك الذين يحتاجون إليها. وعلى مدى الأشهر الأربعة الماضية، اتخذت إسرائيل خطوات مهمة للقيام بذلك”.
وأضاف: “وبعد هذا، لا تزال الخسائر اليومية الناجمة عن استمرار عملياتها العسكرية في إلحاق الضرر بالمدنيين الأبرياء مرتفعة للغاية”.
ودعا نتنياهو أيضاً إلى تفكيك وكالة “أونروا”، الموزع الرئيسي للمساعدات الدولية لغزة، بعدما زعمت إسرائيل أن عشرات من موظفيها شاركوا في هجوم “حماس”، في السابع من أكتوبر الماضي.
وعلَّقت الولايات المتحدة ودول مانحة أخرى المساعدات الجديدة للأونروا في انتظار الانتهاء من تحقيق الأمم المتحدة في هذه المزاعم، لكن بلينكن قال مع ذلك إن “دور الوكالة حاسم في إدخال الإمدادات الإنسانية التي تشتد الحاجة إليها إلى غزة”.
حماية المدنيين
وطلب بلينكن من نتنياهو والإسرائيليين “عدم السماح للانتقام بتحديد استمرار استجابتهم”.
وقال بلينكن: “تم تجريد الإسرائيليين من إنسانيتهم بأبشع طريقة في 7 أكتوبر. وتم تجريد الأسرى من إنسانيتهم كل يوم منذ ذلك الحين. لكن هذا لا يمكن أن يكون ترخيصاً لتجريد الآخرين من إنسانيتهم”، بحسب وصفه.
ووصل بلينكن إلى إسرائيل بعد ساعات فقط من استلام اقتراح “حماس” رداً على اتفاق وقف إطلاق النار الإطاري الذي طُرِح في أواخر الشهر الماضي. ويتضمن هذا الاقتراح خطة من 3 مراحل لتهدئة الصراع.
وفي قطر، قال كل من رئيس الوزراء القطري وبلينكن إن الاقتراح واعد كنقطة انطلاق لمزيد من المفاوضات.