مصطفى مُنِيغْ
أمد/ جمهورية مصر العربية قادم دورها متى راودت إسرائيل رغبة تكرار في “رفح” ما نفذته من هجومات شرسة واعتداءات مستفزة لكل القيم الإنسانية في “خان يونس” ، هناك نواقيس تحذيرات جديَّة تقرع مسامع “بنيمين نتنياهو” ومَن معه حزباً سياسياً وحكومة موسَّعة وجيش دفاع وكل مَن في لبه مِن أوهامٍ تُوسوس ، إذ القضية بلغت الحد الأقصى من الغضب الشعبي العالمي ولن تقبل لمثل الأفعال الإجرامية المزيد من التَّكديس ، أو أن يعتريها ما يشملها مفهوم التَّدليس ، لتمرير هدف لا أحد يستطيع الجهر بقبوله أو استعمال الهمس ، منتهاه القذف بأكثر من مليون فلسطيني (كدفعة أولى) داخل “سيناء” المصرية كحدث فضيع مهما كانت وسائله المُستعملة يظلّ محرّماً ظاهرياً وجوهرياً و ليس بالمرموز بل بالملموس ، إذ لا مجال لإخفاء جزء من شعب يُساق بالقهر والقوَّة خارج أرضه في اتجاه أرض غيره مهما كانت حامية له من أي بأس . لقد رفضت مصر كل العروض الموجَّهة لإقناعها بالسماح لذلك من طرف إسرائيل وولية أمرها الولايات المتحدة الأمريكية وآخرين يحاولون طمس أسمائهم مؤقتا ، تلك العروض المبطَّنة بأثمان مادية مُغرية للغاية تسبق ضغوط الترهيب ، ومع ذلك استمرَّ الرّفض كميزة تحافظ على سمعة مصر وكرامتها والتحكُّم في مصير سيادتها بما تملك من قدرات لا يمكن لأحد مهما بلغ تجاوزها تحت أي ظرف كان ، الذين تصوَّروا أن مصر ربما للخروج من ضائقتها الاقتصادية قد تساهم في وضع تسامح محدود لولوج أعداد من الفلسطينيين تحت مسميات إنسانية أكثرها تناقضا للحقيقة ما يدخل في إطار اللجوء المؤقت رحمة وشفقة على ألاف الأطفال والمسنين والنساء المُطارَدين من لدن التشرُّد والحرمان من الحقوق الطبيعية لبني البشر وعاملَي الجوع والمرض ، من يفكرون في ذلك بالقطع لا يعرفون مصر ولا كيفية خروجها من أي أزمة مهما قابلتها مستعصية شديدة التأثير والخطورة ، الأمثلة أكثر من حصرها في واقعة ما ، إذ لمصر طاقة من الصبر طالما اشتكي الصبر للصبر منها فكان الرَّد الدائم استمرارية الصبر كأسلوب تعامل ناجع لا مردَّ له ، إذ التعقُّل شيمة العقلاء الأكثر تمكناً من تقنيات التدبير المحكم لما يعترض طريق مسؤولياتهم الجسيمة في الحفاظ على سلامة وأمن أكبر دولة عربية لأطيب وأشرف شعب ، المستحِق التباهي والفخر عن جدارة مُؤكَّدة بانجازاته كواضع أُولى بوادر التحضُّر ، والمساهم حتى الآن المساهمة الفعالة في الصيانة المتينة للقيَمِ السَّمحة ، ومنها الوفاء للعروبة والتمسُّك بلغة الضاد وشق سبل التطور والتقدم بها قبل سواها ، إذن لتبحث إسرائيل ومن يساندها عن لعبة تلعبها بعيدا عن أرض مصر حتى لا تعجِّل بما لن ترضاه يوقفها لا محالة عند معرفة نفسها المعرفة الصحيحة الجاعلة منها ترضخ للحل الوحيد الكفيل بنجاتها إن أرادت المُضي كدولة آمنة ، أن تمنح للفلسطينيين استقلالهم الكامل غير المنقوص ليؤسسوا دولتهم على أرضهم بحدود مُعترف بها واختيار لحكم يسودها دون تدخل من أحد ، وأية أمور أو مؤامرات أو حروب أو فتن تتَّخذها إسرائيل تعاكس بها ذاك الحل الوحيد ، إنما تلقي بكيانها يومه وغداً وكلّ حين في بؤر جحيم لن تصمد في مواجهته طويلاً ، وحتى الولايات المتحدة الأمريكية الملازمة لهذه الدولة – المُشكلة ، لن تستمر مطبقة ما عمدت على تطبيقه حتى هذا اليوم ووزير خارجيتها يزور المنطقة من جديد ليصل إلى مصر ، ليس للمشاركة في البحث عما يسمى بإطلاق سراح الأسرى من قبضة حماس وحسب ، بل التفاوض الخاص والسري للغاية مع المسؤولين في مصر عسى إسرائيل تحصل على الضوء الأخضر بتنفيد طرد الفلسطينيين صوب سيناء للتخلُّص منهم بغاية الاستيلاء على أرضهم بأبشع الطرق وأرذل التوافقات إن حصل ذلك ، عِلما أن وزير خارجية أمريكا يصبُّ الماء في رمال أرض الكنانة المتمتعة على امتداد سبعة ألاف سنة بنعم الاعتزاز بكرامتها والتشبث بحب أسطوري بأرضها والقدرة على ضمان حقها مهما كان وكيفما كان بالسياسة والليونة تارة والمواجهة الصَّلبة أخرى ، الخارجة منها مهما بلغت حِدَّتها بالنصر والسؤدد واستمرار الحياة بعيدا عن كيد الكائدين وأطماع رواد الاستحواذ ، المعروفين في بعض البلاد.