هادي زاهر
أمد/ في ظلّ الواقع الّذي نعيشه لا بدّ من أن نُفَكّر بهذا الواقع وموقفنا منه على كافّة الأصعدة، على الصّعيد الأخلاقيّ وعلى صعيد مصلحتنا على المدى القريب والبعيد، وعلى صعيد موقفنا التّاريخيّ البطوليّ كبني معروف ومساهمتنا في التّصدّي لكلّ ظلم وكلّ استعمار! هذا الموقف البطوليّ عبر تاريخنا يجب أن لا نتنازل عنه أمام أيّ واقع! لا سيّما الواقع الّذي فرض علينا في هذه البلاد وانسجمت معه شريحة من بيننا.. ومنهم من ذهب بعيدًا وانتهج سياسة الكاثوليكيّ أكثر من البابا، ترجم ذلك بنصب اليافطات تجمَع بين علم الدّولة وعلم الدّروز، ومثل هذه الخطوة تعبّر عن بساطة متناهيّة يمكن أن تضرّ بنا كمجموعة، كما أنّها لا تجد الموافقة عليها وقد عبّر عن ذلك الشّيخ موفّق طريف وغيره من المشايخ الاجلّاء، إلّا أنّ هناك من يركب رأسه وخاصّة من المرشّحين لرئاسة المجالس المحليّة ظنًا منهم أن هذا الولاء سوف يسهّل عليهم الحصول على الميزانيّات فيما إذا نجحوا في الوصول إلى الكرسي، والحقيقة المنعكسة مباشرة من قبل السّلطات، مغايرة تمامًا لحسابات هؤلاء المندلقين، ترجمت بالمزيد من الاستهتار بنا، إذ أنّ ميزانية الدّولة لم تحتوى على شاقل واحد، وهكذا فنحن لسنا في حساباتهم قطعيًّا فعلى ماذا هذا الاندلاق الرّخيص؟
وقد جاء ذلك قبل الميزانيّة من خلال القوانين العنصريّة الّتي شرّعت مؤخّرا كقانون القوميّة وقانون كامينتس والّذي يغرّم حتّى الجنديّ الّذي خرج إلى الحياة ليبني مستقبله، وعودة إلى الاعلام، إنّ الغباء منقطع النّظير دفع البعض إلى تعليق العلم على الدّبّابة وعلى الحواجز، أمر كهذا ممنوع قانونيًّا!! إلّا أنّ السّلطات تريد أن توحي بأنّ للطّائفة الدّرزيّة دور كبير في عمليّة الإبادة الّتي تمارسها ضدّ شعبنا العربيّ الفلسطينيّ، هذا الإحساس بالانتماء القوميّ الفلسطينيّ يشعر به الكثير من أبناء الطّائفة الدّرزيّة رغم عمليّة التّضليل الّتي مورست من خلال البرامج الدّراسيّة ومنذ صفوف الدّنيا، وهناك من قضّى 10 سنوات داخل سجون الاحتلال بسبب شعوره بالانتماء العربيّ الفلسطينيّ، وكنّا قد ذكرنا عدد منهم بالاسم في مقال سابق وهناك عدد كبير من الشّعراء والكتّاب يبدعون بوحي من هذا الشّعور وهنا اسأل: أين هم من عمليّة التّصدّي للهمج الّذي يصور بأنّ لنا دور كبير في الحرب المجنونة الّتي تقوم بها إسرائيل؟ وأين المثقّفين من عمليّة القيام بالواجب؟! هل يجب أن ندع الأغبياء والهمج يسرحون ويمرحون باسمنا؟ لا سيما وأنّ المجندين المسلمين الّذين يتجندون تطوّعًا أكثر بكثير من الجنود الدّروز الّذين يخضعون للتّجنيد الاجباريّ وهذه حقيقة يجب أن يعرفها الجميع وكنت قد طلبت عدّة مرّات من الرّفيق محمّد بركة رئيس لجنة المتابعة العليا للجماهير العربيّة ومن رئيس اللجنة القطريّة للسّلطات المحليّة، السّيد مضر يونس، بتوجيه نداء للشّباب العرب كي لا يخدموا في جيش الاحتلال ووعدوني بتوجيه مثل هذا النّداء غير انّهم لم يفوا بوعدهم؟!!
وطبعًا المجنّد المسلم أسهل عليه عندما يدافع عن المستوطنين أثناء قلعهم للأشجار وحرق المحاصيل والعدوان على المسجد الأقصى أن يزعوا بأنّهم ينتمون للطّائفة الدّرزيّة، وقد ضبط هؤلاء مرّات عديدة بهذا الجرم.
وفي النّهاية أقول لكلّ من نجحت السّلطات الإسرائيليّة بتضليله بأن يعود إلى أهداف الحركة الصّهيونيّة والّتي تتلخّص بتهجير أهل غزّة ثمّ تهجير سكّان الضّفّة الغربيّة ليأتي الدّور على عرب إسرائيل دون استثناء أحد ومن لا يرى من الغربال اعمى!.