إسراء عبوشي
أمد/ صدر للأديب المقدسي جميل السلحوت، عن أزبكية رام الله للطباعة والنشرعام 2024، كتاب “شقيقي داود-سيرة غيرية” وهو سيرة غيرية عن رجل الأعمال داود السلحوت، شقيق الكاتب، ويقع الكتاب في 200 صفحة من القطع المتوسط.
الشقيق في اللغة هو الأخ من نفس الأب والأمّ، وهو النظير والمثيل، وهو نصف الآخر، شقّ القلب، والسند وحامي الظهر، وشقيق جميل داود هو كل ذلك لهذا استحق هذه السيرة وهذا الجهد، الأخ الذي شدّ عضد إخوته وبذل لأجلهم الجهد والمال والوقت والصحة، وكان عكاز الزمان لوالديه، والأمل لأجيال العائلة القادمة.
يشار إلى أن الأديب السلحوت قد كتب من قبل سيرته الذاتية في كتابين هما “أشواك البراري- طفولتي” و “من بين الصخور- مرحلة عشتها”، كما كتب ” ابن العمّ أبو شكاف-سيرة غيريّة”.
اهتم من خلالهما بتوثيق الأحداث السياسية وإعطاء القارئ نبذة عن الحياة الاجتماعية والظروف المعيشية، وطبيعة الحياة، متجاهلا ذاته وانطباعاته النفسية ودوافعه الشخصية. وقف جميل السلحوت حين كتب سيرته الشخصية كحنظلة شاهدا على العصر، تدور حوله الأيام وهو يسرد ما يراه، بينما في “شقيقي داود-سيرة غيرية” يكتب سيرة عائلية ومادة تتحدث عن التفاصيل بداية من جذور العائلة إلى الأحفاد، ذاكرا الوالد والوالدة والأبناء والبنات وانسباءهم، وإخوته من زوجة والده وزوجة والده، وتعليم ابنه قيس في أمريكا وزواجه من الفتاة التونسية مروة عام 2013م، وزواج داود من تهاني داود عبد العلي جعافرة، وكيف تركها وهي حامل بابنها علاء عام 1995م، إلى أن لحقت به بعد أربعة أعوام ونصف، ثم أنجبت هناء وريام ، وخسارته للهوية الفلسطينية، وقد دعم كل ذلك بالصور، ذاكرا صفات داود وتميزه عن إخوته وأقرانه وطموحه وتواضعه، فقد تفاجأ حين أخبره جميل السلحوت أنه يكتب سيرته، بحجة أنه عاش حياة عادية وأن قصة نجاحه وصعوده في الغربة ووفائه لعائلته شيء عادي، بينما هو مدرسة لبناء الذات والنجاح وتحقيق الطموح، وكل ذلك مع المحافظة على الأخلاق التي بذل أهله جهدهم لتربيته عليها.
ولم تخلُ سيرة داود من ذكر بعض الأحداث السياسية والحياة الاجتماعية. لو أخذنا السيرة الغيرية كرواية فإنها تتمحور العائلة أمّا الأحداث الفرعية فكانت الأمور السياسية والاجتماعية.
لقد تعرفنا على الكاتب جميل السلحوت من خلال سيرة شقيقه داود أكثر من سيرته الشخصية الجزئين “أشواك البراري” و “من بين الصخور”
حمل داود الهمّ باكرا فقد كانت الظروف الاقتصادية والاجتماعية للعائلة صعبة جدا، داود السادس عشر في ترتيب الأبناء، تدرج بالأعمال بداية عمل في الدهان ثم عمل نادلا، بعد أن خضع لدورة تدريبية، ثم عمل في أحد الفنادق وبعد ذلك مسؤول النّوادل إلى عام 1988 بعد ذلك بدأت رحلة عمل أخرى في أمريكا حيث عمل بالتجارة مع أخويه جمال وأبو كمال.
بأسلوب شيق وسرد سلس، وبتسلسل زمني، وترابط محكم، كتب جميل السلحوت عن الظروف البيئية التي أثرت على نشأة داود، في جبل المكبر بالقدس حيث ولد داود في عرب السواحرة عام 1963، وأولى الحال الاقتصادي والاجتماعي والسياسي في تلك الحقبة من الزمن اهتماما، معرجا على العلاقات الأسرية داخل المجتمع البدوي ومركزا على وضع المرأة اجتماعيا وعلميا.
العامل المشترك في نجاحه بالعمل قبل سفره بفلسطين وبعد سفره لأمريكا، هو ذكاؤه وتميّزه وإصراره على النجاح، وقدرته على الإقناع، وثقته بنفسه وبقدراته، لم يكمل تعليمه رغم إصرار شقيقه جميل وحثه على الدراسة؛ ليثبت لجيل الشباب أن الذكاء والقدرات العقلية ليست بامتلاك الشهادة فقط.
لقد تميزت هذه السيرة بأنها مثيرة للاهتمام، ملفتة كقصة نجاح متميزة لإنسان بدأ حياته من الصفر، وكلما أغلق بوجهه باب فتح بابا آخر، بعزيمة وإصرار متفائل .
عاد للوطن بعد أن فتح صالة أفراح، الطفل الذي قام بتربية الأرانب دون رأس مال فقط؛ ليوفر للعائلة وجبة لحم أسبوعية، اليوم يضيء سماء المدينة مع كل عرس، تصدع الأغاني وتعلو الزغاريد، لقد توج مسيرة حياته بصالات التاج الذهبي، مجال عمله اليوم بالأفراح والمناسبات السعيدة، يزداد رزقه كلما فرح الناس.
هي قصة نجاح تستحق أن تحكى وتدوّن.