مأمون هارون رشيد
أمد/ لازال تواتر الأخبار عن نية واستعدادات قوات الاحتلال الإسرائيلي لاقتحام مدينة رفح جنوب قطاع غزة ، والتي نزح إليها أكثر من مليون فلسطيني من شمال ووسط قطاع غزة ، نتيجة العمليات العسكرية الاسرائيلية في تلك المناطق ، وبطلب إسرائيلي من السكان بالنزوح إلى رفح واعتبارها منطقة أمنة حسب ما أعلن عنه الجيش الصهيوني حينها ، رغم عدم توقف القصف عليها طول فترة الحرب ، لازالت تلك الأخبار تحتل عناوين الاخبار ، ولازالت بيانات الرفض والتنديد من الجهات الرسمية والشعبية الدولية تدعو إسرائيل لعدم الإقدام على هكذا خطوة ، لما قد تسببه من كارثة إنسانية لا مثيل لها في العصر الحديث ، نتيجة الكثافة السكانية المتواجدة في رفح والتي هى الأعلى عالمياً حسب كل الجهات المعنية ، حيث ستوقع أي عملية حربيه اسرائيلية آلاف الضحايا بين صفوف المدنيين الفلسطينيين ، إن لم يكن عشرات الآلاف.
إن عملية عسكرية واسعة كما تتحدث عنها الجهات السياسية والعسكرية الإسرائيلية ، بالاضافة إلى إمكانية إيقاعها آلاف الضحايا ، فإنها ستزيد من معاناة مليون وأربعمائة ألف فلسطيني يوجدون الآن في رفح ، ورغم الرفض والتنديد والغضب الدولي الرسمي والشعبي ضد اقدام إسرائيل على مثل هذه الخطوة ، ومحاولة ثنيها إلا أن إسرائيل وعبر تصريحات مسؤوليها تؤكد مضيها في الاستمرار في تنفيذ مخططها لاجتياح رفح ، وان القرار اتخذ وان تتفيذة مسالة وقت ليس إلا ، وخاصة أن نتنياهو رئيس الحكومة الإسرائيلية قد أعطى موافقته على الخطه للجيش لتنفيذها.
أمام هذا الغطرسة والصلف الإسرائيلي والخطر الذي يتهدد الشعب الفلسطيني في رفح ، وما سيوقعه ذلك من نتائج كارثية على الشعب الفلسطيني وقضيته ، وعلى الامه العربيه وأمنها القومي وفي مقدمتها مصر التي تشاطر فلسطين الحدود في منطقة رفح ، والتي ستتأثر بشكل مباشر في حال اندفع المواطنون الفلسطينيون باتجاة اقتحام الحدود هروبا إلى سيناء من القتل الإسرائيلي ، لاشك أن ذلك سيترك تداعيات كبيرة ومباشرة على الأمن القومي المصري ، سواء في حال اضطرارها إلى استقبال مئات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين على أراضيها ، أو من خلال وجود القوات الإسرائيلية على محور فيلادلفيا ، وهو ما لوحت به إسرائيل في أكثر من مناسبة ، وما سيشكله ذلك من انتهاك لاتفاقية كامب ديفيد ، وتهديد لأمن مصر القومي ، بالإضافة إلى إلى حالة استقواء واستفراد ستمارسها اسرائيل لفرض سياساتها وتحقيق مصالحها على حساب الجميع ، أمام هذه التحديات والاستفزازات ماذا تستطيع مصر أن تفعل ، وهل لها أن تواجه هذا الصلف والعدوانية الإسرائيلية المدعومة غربيا وامريكيا.
لقد خاضت مصر كل الحروب العربية مع إسرائيل ، وكان الجيش المصري والشعب المصري دوماً في مقدمة الصفوف والمدافعين عن آلامه ، ونصرة لفلسطين وقضيتها كما القضايا العربية الأخرى ، ولازال دم رجال الجيش المصري الذي سال على الأرض الفلسطينية يخضب ترابها ، ومازال الشعب الفلسطيني يحفظ لمصر جيشنا وشعباً وقيادة بكل العرفان مواقفها ودورها التاريخي في نصرة الشعب الفلسطيني وقضيته ، ليس بمستغرب على مصر هذة التضحيات وهى كبيرة آلامه وزعيمتها وسيفها ودرعها الواقي ، أنه دور الكبار ومسؤوليتهم ، لم تتخلف مصر يوماً عن دورها ولم تتنازل عن مكانتها ، مصر اليوم في مفترق طرق فيما يتعرض له الشعب الفلسطيني من إبادة ، دورها ومكانتها يدعوانها للتدخل الآن لوقف هذه المحرقة بحق الشعب الفلسطيني ، مصر لم تتخلى منذ بداية الحرب عن دورها في دعم الشعب الفلسطيني والعمل والمطالبة بوقف الحرب ، لكن الآن على مصر واجب أن تستخدم كل أدوات قوتها وإمكانياتها وعصاها الغليظة دفاعاً عن أمنها القومي ودفاعا عن القضية الفلسطينية التى هى قضيتها وجزء من أمنها ، بيد مصر أدوات كثيرة ، وهى تمتلك من عوامل القوة ما يفوق كل التقديرات ، وكلها أدوات وعوامل ممكن استخدامها والركون إليها ، أن مجرد التلويح بطرد السفير الاسرائيلي أو تجميد العلاقات أو التلويح بمراجعة أو تجميد كامب ديفيد ووقف التجارة والسياحة والغاز وغيرها من الإجراءات التي ستصيب إسرائيل في مقتل ، وهى الساعية إلى عقد اتفاقات وتطبيع مع بعض الدول لدمجها في فضاء المنطقة ، وهذا سيدفع حلفائها في الغرب وفي الولايات المتحدة الأمريكية إلى التحرك الجدي لوقف المجزرة خشية على مصالحهم في المنطقة ، أن الإدارة الأمريكية التي تسعى لتحقيق اختراق في إدماج اسرائيل في المنطقة من خلال التطبيع مع بعض الدول ذات الثقل لن تقبل باستمرار مخططات نتنياهو التي أصبحت تشكل تهديد لمصالحها في المنطقة وتهديدا لما يسمى بمبدأ بايدن ، خاصه في عام انتخابات صعبة تظهر استطلاعات الرأي تراجعاً لشعبية بايدن نتيجة تأيدة اللامحدود للحرب على غزة ، مصر تستطيع الان اللعب بهذة الاوراق التي تملكها كما تملك الكثير غيرها ، نعرف ما حيك لمصر من مؤامرات ، ونعرف ما تمر به من مشاكل ، وندرك حجم المخاطر التي تواجهها ، لكن أمنها القومي خط احمر يجب عدم التهاون به لما سيشكل ذلك من مخاطر على مستقبل البلاد واجيالها القادمة وسيادتها ، وهذا ما لا تقبل به مصر .
غزة هى بوابه مصر الشرقيه عبر التاريخ وبحكم الجغرافيا ، والتي منها وعبرها عبرت جيوش مصر إلى أرض الشام وما بعدها في أوقات قوتها ومنعتها ، وعبرها جاء الغزاة في أوقات الضعف والفرقة ، هذه البوابة يجب أن تكون قوية معافاة لتحفظ لمصر أمنها ، أنها لحظة الحقيقة لاستعادة عوامل القوة والمنعة وممارسة أبهى صور السيادة والإرادة عبر البوابة الفلسطينية ، لتبقى مصر رائدة وعزيزة وكبيرة الامه ، الشعب الفلسطيني ينتظر موقفكم ونجدتكم ،ومصر لها .