سليم يونس الزريعي
أمد/ ماذا يرد الفلسطينيون
كما قلنا لا توجد رؤية واحدة مشتركة حتى الآن بين الفلسطينيين ، بل إن كل طرف يحاول أن يبدو وكأنه هو المعني بالحل دون غيره، حماس لأنها هي من فجر التناقض مع الاحتلال عبر عملية طوفان الأقصى، وهي التي في الميدان، والسلطة الني هي حركة فتح وفصائل أخري الواجهة السياسية والدبلوماسية والشرعية لفلسطين في العالم، التي لا يمكن تصور التوجه نحو حل سياسي بعيدا عنها، وأن أي حل سياسي سيكون من خلالها بعد استجابتها للمطالب الأمريكية بإجراء عملية إصلاح ضرورية في بنيتها الذي هو شرط من أجل الذهاب نحو الحل السياسي وصولا للدولة التي تكون بموافقة من الكيان.
موقف حماس والفصائل نعم ولكن ..
مع أن هناك تفاوت بين مواقف الفصائل لكن الموقف المقرر هو موقف حركة حماس، ولما كانت المطالب الإسرائيلية تحاول ممارسة الإعدام السياسي للحركة من خلال الحل فإنه من غير المتوقع أن ترضخ حماس لهذا الابتزاز سواء إسرائيليا أو أمريكياّ، وهي من ثم تحاذر أن تبدو كمن يرفض الصفقة، ولذلك تلجأ للقبول المشروط الذي يمكنها من خلاله أن تبرر موقفها في حال تعطل تنفيذ الصفقة ـ
من ذلك أن زعيم حماس إسماعيل هنية أكد على “انفتاح الحركة على مناقشة أي مبادرات أو أفكار جدية وعملية شريطة أن تفضي إلى وقف شامل للعدوان وتأمين عملية الإيواء لأهلنا وشعبنا”.
لذلك يبدو ربط الموافقة بشرط وقف العدوان في القبول مع الرفض ، أي نعم ولكن، وهناك من يربط مدى استجابة حماس وفقًا للتقارير المتداولة، إلى أن هناك توترا كبيرا داخل حماس بين كبار المسؤولين في قطاع غزة ومن خارجه، مما يعوق تقدم الصفقة. زعيم حماس في غزة، يحيى السنوار، حسب ما ذُكر في صحيفة “وول ستريت جورنال”، يظهر استعداده لقبول مهلة مدتها ستة أسابيع، يرى أنها ستتيح لحماس الوقت لإعادة تجميع صفوفها وتيسير تدفق المساعدات الإنسانية إلى القطاع. بينما يعتقد إسماعيل هنية، الذي يقيم في قطر، أن التفاوض على اتفاق يضمن وقفًا دائمًا لإطلاق النار مع ضمانات دولية أمرا ضروريا، حسب ما نقلته الصحيفة.
كما تطالب حماس بضمانات للاتفاق، مؤكدة رغبتها في أن تؤدي فترات التوقف في الاتفاق، التي ستتم تنفيذها على مراحل، إلى وقف إطلاق نار كامل وإنهاء الحرب.وهناك مطالب إضافية تتعلق باستعادة قطاع غزة وزيادة حجم المساعدات التي ستصل إليه.
الخلاصة
من خلال مواقف الكيان الصهيوني المتشددةـ في غياب الضغط الأمريكي الموضوعي الفعال من غير الممكن توقع اختراق لتنفيذ الصفقة على ضوء مواقف الطرفين المتناقضة، التي لا تشير إلى أفكار تتعلق بحلول وسط في المواقع التي تتحمل ذلك، فمثلا عندما تطالب حماس بضمانات، فهو طلب موضوعي، وكذلك موقفها من انسحاب قوات الاحتلال من غزة نهائيا، لأن بقاءها يعني استمرار الحرب، وهذا الموقف لا يوجد فيه حل وسط، لأن جذر المشكلة هو في الاحتلال وفي تصرف الكيان الصهيوني بمعزل عن أي اتفاقات أو تفاهمات، في حين يصر نتنياهو على موقفه الذي عبر عنه مساء يوم الاثنين4 شباط/ فبراير، خلال اجتماع كتلة حزب الليكود في الكنيست من أن هدف الكيان هو:”تحقيق النصر الكامل على حماس. وتأكيده القضاء على قادة حماس، وهذا سيستغرق وقتا، أشهرا، وليس سنوات”. رفض وقف الحرب يتناقض مع ربط حماس الموافقة على الصفقة بوقف إطلاق النار.
لكن ارتفاع لغة الخطاب الصهيونية والتوجه نحو التشدد، ربما يفسره البعض على أنه انعكاس للوضع الميداني ، في حين أن التقارير تشير أنه رغم كل ما يجري في خانيونس ما تزال حماس تمسك بأوراق اللعبة، لكن من جهة أخرى ربما يفسر فتح معركة رفح من أجل ملاحقة حماس كمؤشر على أن الضغط على حماس يحقق نتائج ملموسة، لكن ذلك لا يعني التسليم لجيش الاحتلال ، قياسا بما يجري في المنطقة الشمالية التي سبق أن ادعى الكيان أنه انتهى من عمليته العسكرية فيها، غير أنه عاد مجددا للعمل فيها بعد أن ثبت أن القضاء على المقاومة في الشمال هو وهم ورغبة إرادوية أكثر منها وقائع موضوعية.
في حين هناك تقديرات تفيد أن حماس بعيدة عن التسليم .مع كل الضغط الذي يقوم به جيش الاحتلال في خانيونس، الذي لم ينجح حتى الآن، في المس بكبار مسؤولي حماس. فيما تبقى عقبة رفح ومحور فيلادلفيا لم تعالج بعد. وهذا يعني إضافة بضعة أشهر قبل أن تنتهي المعركة في غزة.
لكن بعيدا عن كل ذلك يبدو إن العمى الأيديولوجي لدي قادة الكيان يجعلهم يقفزون عن حقيقة أنه ما من حل للصراع دون إقرار واستعداد لمعالجة السبب، وهو أنه ما دام هناك احتلال واستيطان لن يكون هناك استقرار أبدا، وهذا الأمر لا يتعلق بوجود حماس التي التحقت بالعمل الفلسطيني عام 1988فقط، وإنما في المشروع الصهيوني القائم على نفي الوجود الفلسطيني واحتلال أرضه، وتلك هي المشكلة أو مربط الفرس كما يقال.
وليكون السؤال هو: كيف ستعالج الولايات المتحدة هذه التباينات، فيما الكيان غير مستعد داخليا لإجراء صفقة، وهو لن يتمكن من الموافقة على شرط حماس بوقف الحرب الذي يعتبر شرطا لقبولها بالصفقة، وهذا بالطبع قبل الدخول في تفاصيل عملية التبادل المتعلقة بالإفراج عن الأسري الفلسطينيين الذي يشكل تحديا لا يستهان به لحكومة نتنياهو المتطرفة كفيل بتفجيرها؟
إن المشكلة هي في جملة أهداف الحرب الصهيونية على القطاع التي تفتقد إلى الموضوعية من ناحية ربط إسرائيل إنهاء العملية قبل أن تكمل جميع أهدافها:أي القضاء على حماس، وعودة جميع الرهائن في حين أن حماس حالة شعبية وليس جسما مفصولا عن الشعب، ومن ثم يصبح شرط التأكد من أن غزة لن تشكل بعد الآن تهديدا لإسرائيل” مجرد لغو. وهذا يعني أن الكيان سيحتاج إلى مدى مفتوح لتحقيق أهدافه وهي وصفة لاستمرار المجزرة وليس البحث عن حل وفق الصفقة ، وهو أمر لا يمكن التسليم بتحقيقه.
وفي تقديري أنه في ظل هكذا مواقف متناقضةـ يصبح دور أمريكيا هو في البحث عن قواسم مشتركة إذا ما أرادت أن تنجز حلا إذا ما بقىيت حالة الاستعصاء القائمة ، وربما تتحاج استخدام هراوتها الناعمة لدفع الكيان إلى إبرام الصفقة،وقبول الحديث عن حل لإقامة الدولة الفلسطينية؛ ليكون السؤال هل يستطيع الرئيس الأمريكي فعل ذلك؟
إن عدم قدرة أمريكا على لعب الدور المطلوب، كما وعدت قد يفقدها الكثير من ثقلها المعنوي أمام حلفائها في المنطقة، وهو يطرح سؤال استمرار الثقة في فعالية الدور الأمريكي في حل مشكلات المنطقة، بكل التأثيرات والتداعيات المستقبلية لذلك. في وقت روجت الإدارة الأمريكية لهذه الجولة وأنها ستشكل منعطفا ليس في حل مسألة الحرب على غزة وإنما في مسالة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، والتبشير بشرق أوسط جديد يكون الكيان الصهيوني جزءا منه عبر التطبيع مع السعودية.