مسك محمد
أمد/ ألقت الحرب على غزة بظلال سوداء على المستوى المعيشي للفلسطينيين، وتسببت في ركود بل شل الاقتصاد الفلسطيني خاصة بالضفة الغربية التي تعتبر المنطقة شبه الآمنة أو شبه المستقرة، فهناك يعيش المزارعين والحرفيين وعمال الورش والصنايعية ظروفا هي الأسوأ على الإطلاق في القرن الأخير، فما بين نقص الغذاء وقلة فرص العمل وغياب الخدمات وسوء الأوضاع الصحية، تتعمق المأساة يوميا.
واقعيا، عانت الضفة الغربية- التي يعيش فيها حوالي 3 ملايين فلسطيني-، كثيرا بعد أحداث السابع من أكتوبر، فتراجع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 6 بالمئة في الشهور الأولى عام 2024، كما فقد حوالي 32% من أهالي الضفة وظائفهم، وهذا يعادل 276 ألف وظيفة.. فكيف يعيش الأهالي في ظل هذا الركود الاقتصادي ومن أين يأكلون ويمارسون أبسط وسائل الحياة؟!
منظمة العمل الدولية، ذكرت في إحصائية لها، أن نسبة البطالة في الضفة الغربية تأثرا بالحرب على غزة، ارتفعت إلى 30%، بينما كانت النسبة قبل الحرب 14%.. فيبدو أن إسرائيل تمارس سياسة “التفقير والتجويع” للشعب الفلسطيني عامة ولشعبي غزة والضفة العربية خاصة لاستكمال مخططها الخبيث في هدم وقتل كل ما هو فلسطيني ومسح القضية الفلسطينية من الوجود!
يؤكد هذا الحديث، قرار دولة الاحتلال التعجيزي ضد أهالي الضفة الغربية عقب اندلاع الحرب، فلغت 130 ألف تصريح عمل من الفلسطينيين خاصة لسكان الضفة وتركتهم دون دخل، فخسر الآلاف وظائفهم ولم يعد لهم وسائل كثيرة للمعيشة، وأيضا خسر حوالي 160 ألف فلسطيني كانوا يعملون في إسرائيل وفي المستوطنات اليهودية مصادر رزقهم، أو أصبحوا معرضين لخطر فقدانها بسبب إغلاق المعابر الحدودية من الضفة الغربية إلى إسرائيل والمستوطنات، هذا بخلاف القيود المفروضة على وصولهم إلى مراكز عملهم، في ظل الحرب المتصاعدة بين إسرائيل وحماس.. فمن يرضيه هذا سياسة إفقار الفلسطينيين وتجويعهم؟!
ومن ضمن القرارت الإسرائيلية القاسية ضد الشعب الفلسطيني، ما قامت به حكومة الاحتلال من إعادة الآلاف من الفلسطينيين إلى قطاع غزة المحاصر بعد أن أصدرت في السابق 18 ألف تصريح تسمح لسكان غزة بالعبور إلى إسرائيل والضفة الغربية لشغل وظائف في قطاعات مثل الزراعة أو البناء التي تصل رواتبها إلى 10 أضعاف ما يمكن أن يكسبه العامل في القطاع المحاصر، فضيقت على عمال اليومية ولم يضحوا يتمكنون من السفر إلى أماكن عملهم بسبب إغلاق المعابر الحدودية منذ أحداث طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر.
إسرائيل أيضا تسعى لاستقدام عمالة هندية ليحلوا محل 90 ألف فلسطيني يعملون في قطاع البناء، وتجلى هذا في حث الحكومة على اتخاذ خطوات لاستقدام 100 ألف عامل من الهند، فتتفاوض في الوقت الراهن مع الهند وننتظر موافقة الحكومة الإسرائيلية، ويبدو أن هذا القرار هو مقدمة لمزيد من الخنق على سكان أهالي الضفة الغربية، وبمثابة عقوبة على الأفراد وعلى الاقتصاد الفلسطيني الذي يعاني من قيود بروتوكول باريس الاقتصادي ومن تحويل إسرائيل لجزء معتبر من أموال المقاصة.
كل تلك القيود المفروضة على الفلسطينيين في ظل استمرار الحرب المتصاعدة بين إسرائيل وحماس في غزة، تضرب الاقتصاد الفلسطيني في مقتل على الرغم من أنه “ميت إكلينيكيا” ومازال يصارع من أجل البقاء، فتحول إلى اقتصاد هش في ظل سوء الأوضاع، وارتفاع نسبة الفقر في صفوف العمال والأسر وفقدان مصادر الرزق ومواصلة سياسة خنق الشعب الفلسطيني.. فمن يأخذ بيد فلسطين من أسفل مقصلة الاحتلال؟.. وكيف سيكون وضع الاقتصاد الفلسطيني بعد هذه المرحلة؟!