سليم يونس الزريعي
أمد/ في الجانب الصهيوني يبدو الصخب والتناقض في التعامل مع اتفاق الإطار ورد حماس. ذاك أن هناك مستويان من التعاطي مع اتفاق الإطار ورد حماس ، الأول رد الكيان كمؤسسة والثاني عبر عنه رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو.
وقد نقل الكيان لكل من القاهرة والدوحة، جوابه على ردّ حماس، بأن أبدى استعداده للدخول في مفاوضات على أساس المقترح الذي تم وضعه في باريس. لكنه رفض “جزءا كبيرا” من مطالب الحركة.
وقد أوضح للوسطاء أنه، وخلافا لمطلب حماس، لن يوافق على انسحاب قوات الجيش الإسرائيلي من “الممرّ” جنوب مدينة غزة، والذي يقسّم قطاع غزة إلى قسمين.
ولن يوافق الكيان على عودة السكان إلى شمالي القطاع، وفق التقرير الذي أشار إلى أنه بالرغم من ذلك؛ أبدت تل أبيب استعدادها لدراسة انسحاب قوات الجيش الإسرائيلي من “مراكز المدن” في قطاع غزة.
وأبلغ الوسطاء إنه يعارض طلب حماس إضافة عبارة “بشكل دائم” على أحد بنود مقترح باريس الذي ينصّ على إجراء مفاوضات غير مباشرة بشأن العودة إلى “الهدوء (بشكل دائم)”، في المرحلة الأولى من الصفقة.
كما أنه غير مستعدة لأن تناقش، في إطار مفاوضات صفقة الرهائن المحتملة، رفع الحصار عن غزة. وأكدت تل أبيب للوسطاء أن “مفتاح” إطلاق سراح الأسرى الذي قدمته حماس في جوابها غير مقبول. كما ذكرت إسرائيل أن القائمة الطويلة من المطالب المرفقة في ردّ حماس، مثل الالتزامات المتعلقة بالمسجد الأقصى، أو في ما يتعلق بأوضاع الأسرى في سجون الاحتلال، غير مقبولة ولا علاقة لها بالصفقة التي يمكن أن يتمّ التوصّل إليها.
فيما قال نتنياهو إن “جنودنا الأبطال يقاتلون حالياً في خان يونس، معقل حماس الأساسي. لقد أمرنا قوات الدفاع الإسرائيلية بتحضير عملية في رفح، وكذلك في مخيمين (للنازحين)، آخر المعاقل المتبقية لحماس”.
وأكد أن “النصر في متناول اليد. هذا الأمر لا يمكن قياسه بأعوام وعقود، إنه مسألة أشهر”.
وتابع أن “مواصلة الضغط العسكري هو شرط أساسي لتحرير الرهائن. إن الرضوخ لمطالب حماس الوهمية (…) لن يؤدي إلى تحرير الرهائن وسيؤدي أيضاً إلى مجزرة أخرى وإلى كارثة بالنسبة إلى دولة إسرائيل لن يقبل بها أي من مواطنيها”.
موقف واشنطن
وفيما يتعلق بموقف واشنطن ، فإنه بخلاف الكيان الصهيوني، فقد عبر مسؤولون أميركيون عن تفاؤل حذر بشأن الاقتراح الأخير الذي قدمته حركة حماس لوقف إطلاق النار في قطاع غزة.
وقال وزير الخارجية الأمريكي، إن الولايات المتحدة تراجع رد حماس “الآن”، مضيفا: “سأتحدث مع الحكومة الإسرائيلية غدًا”.
وكرر أن الاقتراح الذي تم تقديمه لحماس كان “جديا”، وأنه “لا يهدف إلى مجرد تكرار الاتفاق السابق، بل توسيعه”.
وقال بلينكن: “لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به، لكننا ما زلنا نعتقد أن التوصل إلى اتفاق ممكن، بل وضروري بالفعل. وسنواصل العمل بلا هوادة لتحقيق ذلك”.
فيما صرح مسؤول كبير في الإدارة الأميركية، الأحد11/2/2024، أنه حصل “تقدم حقيقي” في مفاوضات الأسرى خلال الأسابيع القليلة الماضية.
وأضاف المسؤول لوكالة “رويترز” أن التوصل إلى إطار اتفاق لإطلاق سراح المحتجزين “تم إلى حد بعيد”، لكنه استدرك “لا تزال هناك فجوات بحاجة إلى سدها”.
ولفت المسؤول الأميركي الكبير إلى أن الولايات المتحدة على اتصال منتظم مع المصريين بشأن رفح، وذكر أن هناك “تقدماً حقيقياً” حصل خلال الأسابيع القليلة الماضية بشأن إطار اتفاق لإطلاق سراح المحتجزين.
خلاصة
وأخيرا يمكن التقدير أنه في ظل ارتفاع لغة الخطاب من قبل الكيان الصهيوني التي تشير إلى أن مقترح حركة حماس غير مقبول ،ـ وإن لم تغلق الباب أمام المفوضات حتى لا تبدو أمام العالم أنها السبب في استمرار المحرقة، لكنها في الوقت نفسه تواصل محاولة إفراغ رد الفصائل الفلسطينية من محتواه من خلال الضغط بالنار من جانب ومفاقمة الأزمة الإنسانية من جانب آخر ، ليأتي التهديد باجتياح رفح ليشكل أعلى درجات الضغط المزدوج، العسكري والإنساني، بالإعلان عن عملية عسكرية في رفح لملاحقة ما سماه أخر معاقل حماس في المدينة المكتظة بالنازحين، وهي العملية التي تواجه معارضة شديدة من واشنطن، كونها وصفة لنسف محاولات البحث عن مخرج يجنب القطاع مزيدا من الدمار والموت، ويبقى على فرص تحرير الرهائن أحياء.
ولذلك حضّ بايدن نتنياهو خلال الاتصال على عدم شن عملية عسكرية برية في رفح بجنوب قطاع غزة “من دون خطة ذات مصداقية وقابلة للتنفيذ” لحماية المدنيين، في حين تحذر دول عدة من “كارثة إنسانية” إذا ما شُن الهجوم على المدينة المكتظة.
وهذا يعني أن الجولة لم تحقق ما كانت تعول عليه واشنطن وفي نفس الوقت تكشف ما بدا تباينا بين الولايات المتحدة و الكيان ـ الذي لن تمكنه من الحصول عبر المفاوضات، بما عجزت عن تحقيقه آلته العسكرية ومحرقته.