مأمون هارون رشيد
أمد/ أكثر من مائة وأربعين يوما وقطاع غزة مازال يتعرض لمحرقة طالت البشر والشجر والحجر ، تجاوز عدد الضحايا حتى الآن مائة وعشرين ألف ضحية بين شهيد وجريح ومفقود ، وأكثر من سبعين في المائة من قطاع غزة قد دمر ، لم تسلم منازل المواطنين ولا المستشفيات ولا المدارس ودور العبادة من مساجد وكنائس ، ولا البنى التحتية من القصف والتدمير ، لم تبق جرافات الاحتلال على شجرة أو ثمرة إلا واقتلعها ، كل شيء في غزة تعرض للقصف والتدمير ، ومن لم يمت من القصف يموت من الجوع والبرد والمرض ، خيام في كل مكان ، موت في كل زاوية ، ومازال الموقف العربي الرسمي والشعبي لم يبرح مكانه ، أقصى فعل له أما بيان تنديد أو شجب أو إدانة ، وأقصى موقف شعبي ممكن أن ترصدة مظاهرة هنا او هناك يتم قمعها في أغلب الأحيان ، الموقف العربي باهت وخجول وضعيف ومخزي ،او هو عاجز عن احداث فعل يفرض به وقفا إجباريا لإطلاق النار على قطاع غزة.
لكن المحزن حقا أمام هول هذه الكارثة التي لحقت بالشعب الفلسطيني وقضيته هو استمرار حماس ومتحدثيها بادعاء النصر والحاقهم هزيمة استراتيجية بالعدو ، لكنهم لم يفسروا لنا فهمهم وتعريفهم للنصر والهزيمة ، لا أعرف عن أي نصر يتحدثون وقد تجاوز عدد الضحايا المائة وعشرون الف ضحية ، لا أفهم عن أي نصر يتحدثون وقد دمر قطاع غزة ، ويحتاج إلى عشرات السنين لإعادة اعمارة إن توفرت الموارد ، وذلك حسب خبراء دوليين ، لا أفهم كيف انتصرنا وقد صنعنا جيلا كاملاً من اليتامى والثكالى والأرامل والمعاقين ، لا أفهم كيف انتصرنا ونحن نشاهد دبابات الاحتلال وجنودة وقد أعادوا احتلال القطاع ، بل إن ساستهم ومستوطنوهم يريدون إعادة الاستيطان في القطاع ، هذا طبعا عدى عن خطط التهجير التي لازالت مخاطرها قائمة حتى اللحظة ، فهل هذا هو النصر وهل تلك هى الهزيمة ، كنت أود من السيد اسامه حمدان القائد المظفر ، كنت أود أن يشرح لنا عن معطياتة التي على أساسها قال لنا ( أن العدو متردد حتى اللحظة في شن عملية برفح لأن كل ما قام به من عمليات في غزة لم يحقق نتائج) ، هل كان العدو يريد تحقيق أهداف أكثر من ذلك ؟ لم يبق فقط إلا التهجير ؟ هل هذا ما تقصدة يا سيد حمدان ؟ وها أنت تستحثه لاستكمال تحقيق أهدافه حين تقول إنه متردد في شن عملية على رفح وكأنك تدعوة لشن هذه العملية حتى يستكمل تحقيق أهدافه ، عندها ستطل علينا أنت وغيرك من المنتصرين على شاكلتك لتوجيه الاتهامات والتخوين ، وتكيل الشتائم إرضاء لاسيادك في قم والضاحية ، ثم تتحدث عن محور المقاومة والنصر القادم.
حين أجاب وزير الخارجية المصري سامح شكري عن سؤال لعملية الموساد ، وزيرة خارجية الاحتلال السابقة تسفي ليفني ، احتج البعض وكال الاتهامات ضد الوزير ، حتى أن بعض الكتاب المصرين التي تأخذهم الحميه انجر في هذا السجال منتقدا الوزير شكري ، منهم عبدالله السيناوي وحسن نافعه ، الوزير كان في إجابته كان يسأل ليفني ، أليس أنتم من اوجدتم حماس لتكون بديلا لمنظمة التحرير الفلسطينية ؟ أليس أنتم من مولتم حماس ؟ أليس أنتم من نقلتم الأموال لحماس ؟ من غذى وأبقى الانقسام ؟ من أفشل قيام الدولة الفلسطينية ؟ لم يخطئ الوزير سامح شكري ، لقد وضع إصبعه على الجرح فأوجعكم ، فقد أسقط الأقنعة عن الوجوه الكالحة .
يصيبني الغثيان كلما ظهرت صورة لهذا الاسامه حمدان ، المتخم حتى التفزر ، فيحضرني كلما رأيته قول مظفر النواب ،،،
من باع فلسطين واثرى بالله
سوى قائمة الشحاذين على عتبات الحكام
ومائدة الدول الكبرى ؟
من باع فلسطين سوى الثوار الكتبة ؟
وهذا الثوري المتخم بالصدف البحري ببيروت
تكرش حتى عاد بلا رقبه
وحتى النصر القادم ، عليك أن تخجل من دموع واهات نساء وأطفال غزة ، أن تحترم عذاباتهم وارتعاد أطفالهم من القصف والبرد ، من مناظرهم وهم يأكلون الحشائش ويبحثون في روث الحيوانات عن حبه قمح ، عليك أن تخجل وتذهب لبيتك الدافيء ، وفراشك الوثير ، وتختفي بصورتك احتراماً لدماء تسببتم بسفكها وشهداء سقطوا ظناً أنهم يدافعون عن القدس وليس إرضاء لاسيادك في قم والضاحية وانتقاما لسليماني وغيرة .