علاء مطر
أمد/ يقول “فيكتور هوغو” في رواية البؤساء معبرا عن التعب والألم: “ثمة لحظات تكون فيها الروح جاثية على ركبتيها مهما كان وضع الجسد”، ولا أجد أصدق من هذا الوصف للتعبير عما يحصل في غزة بعد قرابة الخمسة شهور من الحرب الإسرائيلية على القطاع.
هنا في غزة.. حيث اللاحياة يبحث الجميع عن الحياة رغم القتل والتدمير والتجويع تبقى غزة على مدار التاريخ كاشفة لكل المؤامرات، بدءا من حالة الخذلان التي يتعرض لها المدنيين وصولا إلى احتكار التجار وليس انتهاء بمحاولة تحويل القطاع إلى “مقديشو” العاصمة الصومالية بكل ما فيها من فوضى وحرب العصابات.
في هذه الحرب، حاولت آلة القتل الإسرائيلية استهداف عناصر الشرطة أثناء تأمينها شاحنات المساعدات، لإثارة الفوضى، وإتاحة المجال للعصابات بالتحكم بكل شيء الأمر الذي جعل الباب مفتوحا أمام تجار الحروب بالتحكم بالأسعار التي أصبحت خيالية وفوق طاقة المواطن الغلبان دون أي رقابة من أي جهة رسمية، لتشبه الى حد كبير العاصمة الصومالية.
أمام هذه الصورة الظاهرة أمام جميع سكان القطاع حتى هذه اللحظة على الأقل، لا شيء يبدو مستبعدا، خاصة بعد تحذير الإدارة الأمريكية من مقديشو 2، ومطالبتها إسرائيل بعدم استهداف رجال شرطة حماس، إلا أن الأمر لم يتغير كثيرا، ليجعل الباب مفتوحا هل لحركة حماس يد في حالة الفوضى التي يعيشها القطاع بخصوص المساعدات أم أنها بالفعل تخشى أن يتم استهداف عناصر الشرطة مرة أخرى؟
وفي هذا السؤال مشروعية خاصة بعد أن ظهرت بعض العائلات في مدينة غزة وهي تترصد لشاحنات المساعدات، أو اللجان الشعبية “مجهولة الأفراد” التي خرجت في جنوب القطاع في محاولة إعادة الأسعار إلى ما كانت عليه قبل احتكار التجار وإن لم يتغير أي شي حتى اليوم.
ولكي تغلق وتبطل حكومة حماس كل التكهنات عليها أن تنشر قواتها ورجال أمنها في الطرقات والأسواق التي تشهد مئات المشادات والمشاكل يوميا، ولتؤمن المساعدات من اللصوص والعصابات، ولتوقف تغول تجار الحروب على الناس الذين يعيشون كابوس بعد السابع من أكتوبر الماضي.
وعند الحديث عن التكهنات التي تنتشر في الشارع الغزي، لا يتوجب علينا أن نخون بعضنا وأن نلقي التهم ونوزع الوطنية على الآخرين لمجرد أن الصق السيناريو المرعب بحماس خاصة بعد أن أصبحت خارج المعادلة الدولية لمخططات اليوم التالي للحرب، في محاولة منها لإثبات أنها الحاكمة الراسمة للقطاع، وأن غزة بدونها ستصبح مقديشو 2، وإلا وجدت الحلول الآنية ولو كان مجرد محاولات لضبط الأسواق وإيصال المساعدات إلى الجميع.