عائد زقوت
أمد/ لم يترقب الفلسطينيون لقاء موسكو الفصائلي المنعقد بالأمس القريب بشيء من الايجابية، لأن تجربتهم مع لقاءات الفصائل مريرة بطبيعة الحال حيث أنها لم تنجح خلال سبعة عشر عامًا من اللقاءات والحوارات بتقديم ما يُقنع الشارع الفلسطيني بالتصاقها وتماسها مع همومه وتطلعاته السياسية، ليس ذلك فحسب بل ساهمت في ظل اعوجاج بوصلتها في خدمة المشروع التهويدي الاستيطاني وفرض الوصاية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف.
اعتقد البعض أن سخونة الأحداث، وحساسية ما تمر به القضية الفلسطينية واستمرار دائرة الدم في الضفة الغربية وتفاقم الأوضاع الكارثية في غزة وكأنّها جَرَفها الطوفان، إضافة إلى استمرار سياسة الاستيطان، والعمل على تهجير الفلسطينيين في القدس والضفة وغزة؛ يمكنها التأثير على أولئك الزائرين لموسكو، فيسارعوا بالتحلل من عباءة الأنويّة الحزبية مما يتيح لهم اتخاذ اجراءات عملية على قدر تلك السخونة والحساسية.
البيان الصادر عن الفصائل عقب لقاء موسكو جاء استمرارًا لعملية العبث واللّا موضوعية لتعاطي الفصائل مع الحرب الوجودية على الشعب الفلسطيني؛ واستكمالًا لما سبقها من خيبات ونكسات فصائلية في محطات عديدة من مكة 2007 وحتى العلمين 2023؛ لجهة تعزيز الانقسام السياسي الانفصالي الاحلالي، وتكريس احتكار العمل السياسي والنضالي المقاوم في يد الأحزاب والقوى؛ في ظاهرة تبدو كأنّها مسعى نبيل لتحقيق الصالح العام، لكنها تُخفي دوافع وتكتيكات تلاعبية تخدم مصالح القلة الفئوية المتحزبة، وكذلك صادرت حق الشعب في الانتخابات، وعملت على تدمير البنية التحتية للصمود والنضال الكامنة في روح الشباب والمواطنين بشكل عام المتمثلة بإيمانهم المطلق في حقهم التاريخي في وطنهم.
تَجاهُل البيان الصادر لطرح آليات محددة لانعاش العمل السياسي لمواجهة المستجدات والمخاطر السياسية فيما يتعلق بعودة سلطات الاحتلال لرسم المشهد السياسي الفلسطيني، من خلال العودة لاحتلال غزة وخروج حماس من مشهد الحكم فيها؛ والتأخير من قبل المؤسسة الرسمية الفلسطينية في ملء الفراغ الناجم عن ذلك بالإعلان عن الحكومة الجديدة تحت مظلة منظمة التحرير يزيد من فرص نجاح الاحتلال بإنشاء إدارة مدنية بشكل مؤقت أو دائم، تفرض الوصاية على الحركة الوطنية من بوابة المساعدات الإنسانية وإعادة الاعمار.
نتيجة برهانية ؛؛
بات في علم اليقين، بل وعين اليقين أن الأداء الفصائلي المرتهن بالانفعالات الموسمية، وبالعقلية التبريرية الانتمائية، وبالانفصامية عن الواقع على الأرض أو في دهاليز السياسة لا يقل عبئًا من الاحتلال على كواهل الشعب، فلا بد من نقطة نظام.