أمد/
تل أبيب: تعتزم إسرائيل فتح "ممر إنساني مباشر" إلى شمال قطاع غزة، نهاية الأسبوع الجاري، فيما أعلن مسؤول إغاثي كبير بالأمم المتحدة، أن المنظمة تختبر طريقاً عسكرياً إسرائيلياً جديداً، لتوصيل المساعدات إلى مئات الآلاف من المدنيين، الذين تقطعت بهم السبل في شمال القطاع.
وأفادت هيئة البث العبرية "مكان" يوم الخميس، بأن إسرائيل تعتزم فتح "ممر إنساني مباشر من داخل إسرائيل إلى شمال قطاع غزة نهاية الأسبوع الجاري، وذلك في أعقاب "ضغوط واتصالات دولية"، لا سيما من الولايات المتحدة، ومصر.
وذكرت الهيئة، أنه "إذا لم تكن هناك تغييرات في اللحظة الأخيرة، فسوف تفتح إسرائيل الممر في الأيام القليلة المقبلة"، مشيرة إلى أن "ممر للمساعدات الإنسانية تم شق طريقه خلال الأسبوعين الماضيين، ومن المتوقع أن ينتهي قريباً".
وأوضحت الهيئة، أن الممر "يخرج من الأراضي الإسرائيلية ويتجه غرباً نحو البحر، ويتولى لواء نحال (أحد ألوية النخبة بالجيش الإسرائيلي) مسؤولية تأمينه"، مشيرة إلى أنه "سيمر بالقرب من جحر الديك في غزة، ومن هناك ستدخل الشاحنات، بعد فحصها في معبر كرم أبو سالم".
في غضون ذلك، قال مسؤولان إسرائيليان لشبكة NBC إن "الجيش يعمل على خطط لفتح معبر جديد إلى القطاع، ستدخل من خلاله المساعدات الإنسانية، لكن الخطط لم يتم الانتهاء منها كليا".
زيارة وفد إسرائيلي أبو ظبي
زار السكرتير العسكري لرئيس وزراء، دولة الاحتلال آفي غيل، أبوظبي يوم الأربعاء، في إطار الجهود الرامية إلى إيجاد حلول للأزمة الإنسانية في قطاع غزة.
وطرحت أثناء المناقشات حلول خلاقة للأزمة، مثل المساعدات الإنسانية عن طريق البحر التي ستصل من دولة الامارات العربية المتحدة.
كما زار منسق نشاطات حكومة دولة الاحتلال في الأرض الفلسطينية، اللواء غسان عليان، إمارة أبو ظبي هو الآخر مؤخراً.
وحسب مصادر إماراتية وإسرائيلية، تحاول إسرائيل حشد جهود أبوظبي لهذه الخطوة. وبموجب الخطة، ستقوم الإمارة بتمويل عشرات الآلاف من مراكز إيواء النازحين في منطقة جنوب وادي غزة.
وذكرت صحيفة فايننشال تايمز الشهر الماضي أن "العلاقات التجارية بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة تخضع للاختبار في ظل الغضب من حرب غزة. ويأمل رجال الأعمال العاملون في الدولة الخليجية أن تتمكن العلاقات التجارية الهشة من النجاة من الصراع".
من جانبه، قال جيمي ماكغولدريك منسق الأمم المتحدة للمساعدات في الأراضي الفلسطينية المحتلة، إن المنظمة تضغط على إسرائيل منذ أسابيع، لاستخدام طريق على السياج الحدودي مع غزة، وإنها تلقت قدراً أكبر من التعاون من إسرائيل في الأسبوع الماضي.
تحركات أممية
وتحذر الأمم المتحدة من أن ما لا يقل عن 576 ألف شخص في غزة، يمثلون ربع السكان، على حافة المجاعة.
وقال ماكغولدريك للصحافيين: "منذ الحادث الذي وقع الأسبوع الماضي، في إشارة إلى "مجزرة المساعدات"، أعتقد أن إسرائيل أدركت بوضوح مدى صعوبة تقديم المساعدة"، مضيفاً أن الأمم المتحدة شهدت "تعاوناً أكبر بكثير من قبل إسرائيل نتيجة لهذا الإدراك".
ولقي أكثر من 100 شخص لقوا حتفهم، الخميس الماضي، برصاص القوات الإسرائيلية في أثناء سعيهم للحصول على مواد غذائية من قافلة مساعدات بالقرب من مدينة غزة، بينما قال الجيش الإسرائيلي إن معظمهم "ماتوا في تدافع".
وتابع: "بمجرد دخولنا غزة، سنُترك بعد ذلك للمضي وحدنا"، مضيفاً أن الأمم المتحدة ستجري تقييماً للطريق الجديد المحتمل، الخميس، للتحقق من حالة الطرق داخل غزة لضمان عدم وجود ذخائر غير منفجرة وتحديد نقاط التوزيع المناسبة للمساعدات".
ويمكن للمساعدات حالياً، أن تصل إلى جنوب قطاع غزة عبر معبر رفح من مصر، ومعبر كرم أبو سالم من إسرائيل.
ولفت ماكغولدريك، إلى أن الخطة تهدف إلى تفتيش قوافل المساعدات عند المعبرين، ثم مرافقتها عبر إسرائيل على طول طريق عسكري إلى قرية "بئيري" الحدودية الإسرائيلية
البر مقابل الجو
وأوضح ماكغولدريك، أن استخدام هذا الطريق للوصول إلى شمال القطاع يتيح لقوافل المساعدات تجنب الطرق المقطوعة، وتردي الوضع الأمني داخل القطاع.
وكان برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة قد علّق تسليم المساعدات إلى شمال القطاع في 20 فبراير الماضي، بسبب مخاوف تتعلّق بالسلامة مع تعرّض قوافله لهجمات من جانب حشود استبد بهم الجوع.
وأضاف ماكغولدريك، أن سبل المساعدات الأخرى، بما في ذلك ميناء "أسدود" الإسرائيلي، وعمليات الإسقاط الجوي من الولايات المتحدة والأردن، "مفيدة لكنها لن تلبي الاحتياجات الكبيرة، وهو ما لا يمكن تحقيقه إلا عن طريق النقل البري".
دعوة لاجتماع أوروبي
من جانبه، قال رئيس الوزراء السويدي أولف كريسترسون يوم الخميس، إن السويد دعت إلى عقد اجتماع مع وزارة الخارجية الإسرائيلية، وعدد من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بالإضافة إلى دول أخرى "لبحث الحاجة الملحة لتحسين آليات وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة".
وكتب كريسترسون على منصة "إكس"، دون تقديم المزيد من التفاصيل "يجب حماية حياة وصحة الأطفال في غزة".
في سياق متصل، دعا رئيس الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر، جاجان تشاباجين، الأربعاء، إلى السماح فوراً بمرور المساعدات الإنسانية إلى غزة بلا عوائق، مؤكداً على أن الوضع هناك يبعث على القلق البالغ.
وقال تشاباجين على منصة "إكس"، "أدعو مجدداً بصفة عاجلة لإدخال المساعدات الإنسانية بشكل سريع، ودون عوائق إلى المحتاجين، وتخفيف هذه المعاناة الإنسانية التي لا يمكن تحملّها".
تعهدات إسرائيلية
في المقابل، قال المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية، إيلون ليفي، الأربعاء، إنه لا توجد حدود لكمية المساعدات التي يمكن أن تدخل غزة، وخاطب المانحين قائلاً: "أرسلوا المساعدات، وسندخلها".
وأخبر ليفي الصحافيين، أن "المعابر الإسرائيلية قادرة على فحص 44 شاحنة مجتمعة في الساعة"، مضيفاً أن "المشكلة هي التوزيع. والأمم المتحدة تعاني في سبيل توزيع المساعدات بالوتيرة التي تسمح بها إسرائيل".
وأشار إلى أن إسرائيل "تعمل على استراتيجيات جديدة بالتعاون مع القطاع الخاص داخل غزة، لتوصيل المساعدات إلى الأشخاص الذين يحتاجون إليها"، وأن أكثر من 12 شاحنة تحمل مواد غذائية توجهت، الأربعاء، إلى شمال غزة بالتنسيق مع إسرائيل.
تأتي هذه التصريحات مع تعالي الأصوات الدولية المطالبة بتحسين وصول المساعدات إلى القطاع وسط تقارير تحذر من مجاعة، وتؤكد وفاة أطفال نتيجة سوء التغذية والجفاف.
وانهارت عملية تسليم المساعدات في القطاع الفلسطيني، ولا يدخل سوى جزء صغير من المواد الغذائية اللازمة، ولا يصل إلا القليل إلى المناطق الشمالية حيث تقول المستشفيات إن الأطفال بدأوا يموتون بسبب سوء التغذية.
وذكرت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) أن ما يقرب من 97 شاحنة في المتوسط تمكنت من دخول غزة يومياً في فبراير الماضي؛ مقارنة بنحو 150 شاحنة يوميا في يناير، وهو أقل بكثير من الهدف البالغ 500 شاحنة يومياً.