تهاني المدهون
أمد/ مر 150 يوم، ولاتزال الحرب الجائرة مستمرة بحق أهلنا في قطاع غزة، راح ضحيتها أكثر من مائة الف ما بين شهيد وجريح ومفقود معظمهم من النساء والاطفال والمسنين، وهجّر الإحتلال الإسرائيلي أكثر من مليون وسبعمائة الف مواطن من بيوتهم، ودمر ما يتجاوز ال 65.000 وحدة سكنية، وتفنن في ممارسة سياسة التجويع الممنهج، وحطم كل مكان يحمي النازحين ويأويهم، حتى مدارس الوكالة والمستشفيات التي احتموا بها قصفوها، كما ولم يسلم الباحثون عن الطحين من فظائع الاحتلال المجرم، ورأى العالم بأسره مجزرة الطحين حين قتل الاحتلال 124 نازحاً دفعةً واحدةً، وعادوا أشلاء مصفوفين على عربة يجرها حمار بدلا من ان يعودوا بما يقوت ابنائهم، حيث عمل الاحتلال من خلال تمرير هذه المساعدات، ودعا المهاجرين الجوعى ومن ثم قام بقصفهم دون رحمة.
مارس الاحتلال كل سلوك مشين، ولم تردعه قوانين ولااتفاقيات، ولا مجتمع دولي، وكأنهم في نادي للمقامرة، يقامرون بحياة الناس ويتناوبون على قتلهم، احدهم يقول ما رأيكم اليوم بأن نبدأ المقامرة بمن يرتدي جاكيت اسود والاخر يقول فلنبدأ من تلك المرأه التي تحمل الطفل بيديها، وثالثهم يقول انا اقتل الطفل وانت تقتل المرأة، وهذا ما يحدث في غزة يوميا من قبل محتل غاشم كاره لكل حياة. صورالقتل والسلب والنهب والترويع باتت في كل مكان في غزة، ارادوا قتل الانسانية ومعها كل مقومات الحياة، في خطة محكمة لاجبار الناس على الهجرة القسرية أوالطوعية خلال الحرب وما بعد الحرب، وهناك من يهاجم نتنياهو الذي لاتوجد لديه خطة لليوم التالي للحرب، والاخير لن يتحدث عن خطة، نتنياهو يريد تدمير غزة وعدم الابقاء على مقومات الحياة وحرقها تمهيدا لصورة غزة بلا بشر، من خلال قتل اكبر عدد ممكن وتهجير من تبقى، هذا اليوم الاخير الذي يسبق انهاء الحرب على غزة في رأس نتنياهو.
نتنياهو ومجلس الحرب وكل من يدعمه سعداء بما يقومون به، وسوميترتش وبن غفير يعتقدون انهم يحققون احلامهم هذه الايام من خلال تصعيد اعلى درجات القمع عبر تحريض المستوطنين في الضفة الغربية لترويع المدنيين والحاق الأذى بهم واعدامهم ميدانيا بمثابة الجائزة الكبرى لهم، ويرون ان هذا البطش وهو مفتاح جنتهم، ظانين انهم ناجون بفعلتهم.
نتنياهو وحكومته الفاشية جعلوا إسرائيل، وللمرة الأولى منذ قيامها في عام 1948، مطلوبة للمثول أمام محكمة العدل الدولية، وما يمكن ان تتخذه من قرارات قادمة حين توجه لهم تهم ارتكاب جرائم إبادة جماعية بسبب مجازرهم الشنيعة، وحتى اللحظة لازال غرورهم يمنعهم من التوقف ولو للحظة امام مشهد فضائحهم التي رآها العالم اجمع، اليوم أصبحت إسرائيل مكشوفة، وما أخفاه وستره أسلافهم واحاطوه بالسرمدية الوهمية على مدار عقود من الزمن ليكسبوا تعاطف العالم اجمع، وما بنوه على مدار اكثر من سبعين عاما انهار منذ الايام الاولى للعدوان الغاشم على غزة. واسودت وجوههم، ووجوه حلفائهم ومؤيديهم الذين بدأوا يشعرون بالخطر على مستقبلهم السياسي، وادركوا ان نتنياهو طار بهم ليسقطوا في الهاوية، وبدأت شعوبهم بمسائلتهم واحراجهم في كل مكان، وهذا ما جعل امريكا تقوم بتخفيف لهجتها اتجاه حرب غزة وبدأ بايدن بالبحث عن قارب للنجاة، ولذلك رتبت الادارة الامريكية لزيارة غانتس في واشنطن، وما تبعه من تصريحات لنائبة الرئيس الامريكي كاميلا هارتس حين قالت يجب ان تتوقف الحرب الآن، وهي نفس امريكا التي دعمت نتنياهوا من بداية الحرب بشكل لامتناهي، ومع كل زيارة لبلينكن كان العالم يشاهد دعمه لاسرائيل بل واعطائها الضوء الاخضر لانجاز مهمتها بالسرعة الممكنة، بدءأ من قصف مستشفى المعمداني الى مستشفى الرنتيسي، ومجمع الشفاء الطبي ومجمع ناصر الطبي،…الخ، والغريب أنها الان تريد الهدنة ولا تزال ترفض التصويت لايقاف الحرب في مجلس الأمن، وهي ذاتها الآن التي تحاول إنجاح المفاوضات قبل حلول شهر رمضان، وتريد تحقيق هدنة، وتهدئة الاوضاع بالضفة، والقدس حتى انها بدأت بالاشارة الى شعائر رمضان في الأقصى، كل ذلك جاء بسبب تراجع نسبة مؤيدي بايدن باستطلاعات الرأي، خاصة لدى أوساط الشباب من الحزب الديمقراطي. بالتالي اصبح بايدن يشعر ان حكومة نتنياهو اصبحت حملا ثقيلا، واتضح لهم كذب نتنياهو، وغرقوا معه في حرب غزة ولم يعودوا يروا لها نهاية، لأن نتنياهو يريدها حربا لانهاية لها حتى ولو امتدت الى حرب عالمية، تحت سياسة أنا والطوفان من بعدي. بل وذهب نتنياهو الى ما هو أبعد من ذلك حينما اعتبر أن ما تقوم به امريكا وحلفائهم هو حق وواجب من طرفهم جميعا لإسرائيل. والآن، وبعد أن بدأت الحرب تطول، الكثير من الدول التي أيدت العدوان على شعبنا بدأت تتراجع تحت ضغط شعوبها، يبقى السؤال مطروحا: متى يأخذ بايدن قراره ويطلب من دولة الاحتلال وقف الحرب حماية لإسرائيل من جنون نتنياهو.