حمادة فراعنة
أمد/ ثلاثة أسباب جعلت الإدارة الأميركية، مرغمة على تغيير مفرداتها في التعامل مع طرفي مأساة قطاع غزة وتداعياتها:
أولاً: التطرف الإسرائيلي ضد المدنيين وممارسة القتل والقصف والتدمير، سبب حرجاً لإدارة بايدن أمام أنفسهم، وأمام العالم، وأمام الشعب الأميركي، وأمام الحلفاء الأوروبيين، لأنهم شكلوا غطاء للاجرام الإسرائيلي وقدموا له كل وسائل الدعم.
ثانياً: معاناة الفلسطينيين غير المسبوقة وحجم تعرضهم للأذى والموت، المتعمد المقصود من قبل قوات المستعمرة الإسرائيلية.
ثالثاً: احتجاجات المواطنين الأميركيين من العرب والمسلمين، وقرارهم بعدم استقبال إدارة لجنة الحزب الديمقراطي الانتخابية، في عدة ولايات، مما يُبشر بنتائج سلبية على معركة الرئيس بايدن الانتخابية في شهر تشربن الثاني نوفمبر 2024، بسبب انحيازه ودعمه لمعركة المستعمرة ضد الفلسطينيين مع بداية الهجوم الإسرائيلي.
السيناتور ديك دوربين من الحزب الديمقراطي قال:
«إن احتجاج العرب والمسلمين الأميركيين على سياسة الرئيس بايدن مشروعة»، «يجب أن تكون هناك خطة لإنهاء الحرب» رغم أن سياسة نتنياهو «لا تعطي الكثير من الأمل» كما قال.
ووصف عضو مجلس الشيوخ الأميركي دوربين الأزمة الإنسانية في غزة على أنها «سابقة تاريخية يجب عدم تجاهلها»، وأن «التقارير الواردة عن موت الأطفال جوعاً مروعة ويجب أن تُعيدنا إلى رشدنا».
تصريحات واضحة من سيناتور ينتمي لحزب الرئيس، وهذه سبب أهميتها، وتزداد أهمية تصريحات نائب الرئيس كاملا هاريس بقولها: «إن ما نراه يومياً في قطاع غزة مدمر، ويجب وقف إطلاق النار على الفور» وقالت «إن كثيراً من الفلسطينيين الأبرياء قُتلوا، وأن الذين يبحثون عن مساعدات في غزة قوبلوا بالأعيرة النارية والفوضى» وتقصد بذلك مذبحتي شارع الرشيد، ومحاذاة المستشفى الكويتي.
نتنياهو لا مصلحة له، لا بوقف إطلاق النار، ولا في تبادل الأسرى، وكلتاهما تعبير عن الفشل والاخفاق، ولهذا يُراهن على معركة رفح لعلها تحقق له إنجازاً، تعويضاً عن فشله ومعه المؤسستان العسكرية والأمنية في عملية أكتوبر، وإخفاقه في تحقيق أي من الأهداف التي وضعها عبر الاجتياح لقطاع غزة.
الفلسطينيون دفعوا أثماناً باهظة، ولكنهم حققوا إنجازاً إستراتيجياً سيقبضون نتائجه مستقبلاً، بالانحيازات الأوروبية لصالحهم، وخسارة المستعمرة لمكانتها «المقدسة» لدى الأوروبيين، الذين هم من صنعوا المستعمرة على أرض فلسطين، وبشكل خاص من قبل بريطانيا وفرنسا وألمانيا، وها هي قيادات هذه البلدان الثلاثة تتراجع عن دعمها للمستعمرة علناً، بعد أن شاركت بصياغة البيان الخماسي مرتين مع الولايات المتحدة، تحت قاعدة تضليلية تقول «حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها»، وها هم قادتها يتحدثون عن ضرورة وقف إطلاق النار، وضرورة تزويد قطاع غزة باحتياجاتها، بل ذهبوا إلى البعد السياسي، عبر تصريحاتهم الدالة على توجههم للإقرار والاعتراف بالدولة الفلسطينية.