أمد/
واشنطن: نشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” تقريراً أعدّه ستيفن كالن قال فيه إن عمليات إسقاط المساعدات الإنسانية مكلفة وخطيرة وغير دقيقة ولا تحلّ أزمة الجوع.
وتَحدثَ عن رحلة له على متن مقاتلة سي- 130، الطائرة الأمريكية التي انطلقت من الأردن، وتحمل أطناناً من المساعدات الإنسانية، مثل الطحين والأرز والباستا. واستغرقت ساعتين بكلفة 30,000 دولار، وطاقم من 9 أشخاص لديهم خبرة جيدة في هذه العمليات. ومع ذلك فالكمية من المساعدات لا تكفي إلا لإطعام 4,000 مواطن من سكان القطاع المحاصر، والبالغ عددهم 2.2 مليون نسمة.
وبدأت الولايات المتحدة مع حلفائها العرب والأوروبيين عمليات إنزال المساعدات الإنسانية هذا الشهر، لكن الجهود المبذولة لم تحقق سوى القليل من التأثير على أزمة الجوع التي تسبَّبَ بها الردّ الإسرائيلي على هجوم “حماس”، العام الماضي. ولا يمكن مقارنة حتى أضخم عملية إسقاط مساعدات مع 16.5 طن، هي حمولة الشاحنات التي تحملها من مصر إلى غزة وبأقل الكلفة.
وقبل الحرب كان معدل الشاحنات التي تدخل غزة يومياً هو 500 شاحنة.
ومع تراجع عدد الشاحنات التي تحمل المساعدات إلى شمال غزة، حيث الجوع الحاد، وسّعت الولايات المتحدة عمليات الإغاثة من الجو إلى البحر، وتواصل الضغط على إسرائيل لفتح المعابر البرية، حيث تصل معظم المساعدات الإنسانية إلى القطاع من معبرين رئيسين في جنوب غزة.
وأعلن الرئيس جو بايدن عمليات المساعدات الإنسانية من الجو في 29 شباط/فبراير، وبعد مقتل حوالي 110 أشخاص، عندما أطلقت القوات الإسرائيلية النار على الفلسطينيين الذين تجمّعوا حول قافلة مساعدات، قالت إسرائيل إنهم هدّدوا الجنود، فيما قال الفلسطينيون إنهم كانوا يبحثون عن الطعام.
وقال بايدن: “لا يوجد ما يكفي تقريباً”، و”نحتاج لعمل المزيد، وستقوم الولايات المتحدة بهذا”. وعلّق المتحدث باسم مجلس الأمن القومي، جون كيربي، وبعد فترة قصيرة من تصريحات الرئيس أن الولايات المتحدة بحاجة للعثور على “طرق إبداعية لإيصال المساعدات سريعاً وعلى قاعدة أوسع”.
ويقول ديف هاردين، مدير مجموعة جورج تاون الإستراتيجية، والمدير السابق لبعثة وكالة المساعدات الأمريكية (يو أس إيد) في الضفة الغربية وغزة، إن إنزال المساعدات من الجو مكلفٌ وخطير وغير فعّال لحل الأزمة في غزة. وقال إن إدارة بايدن تستخدم المساعدات الجوية “للتغطية على الفشل الذريع في السياسة”، وعدم فعلها الكثير للضغط على الحكومة الإسرائيلية لمعالجة الاحتياجات الإنسانية.
ويقول المسؤولون الأمريكيون إن إنزال المساعدات جواً ليس الحل، ولكنه يمنح نوعاً من الراحة.
وتترافق مع عمليات كهذه عدة تعقيدات، منها صعوبة توجيه المساعدات لمجتمعات بعينها، والتأكد من عدم حصول “حماس” عليها. وتكون أحياناً خطيرةـ فقد فشلت مظلية حاملة للمساعدات وسقطت على الأرض وقتلت فلسطينيين اثنين على الأقل، حسب شهود عيان.
ورحبت الأمم المتحدة وجماعات الإغاثة الإنسانية بالجهود، ولكنها حذّرت من أنها ليست كافية. وقالت وزارة الصحة الفلسطينية إن 27 شخصاً، معظمهم من الأطفال، ماتوا بسبب نقص التغذية والجفاف. وحذروا أنه بدون طريقة مناسبة لإيصال المساعدات الإنسانية سيموت الكثيرون.
وتقول جماعات الإغاثة إن الحل هو فتح مزيد من المعابر البرية، ووقف إطلاق النار بشكل يعيد قوافل الإغاثة البرية بشكل كامل.
وقال بايدن، الأسبوع الماضي، إنه يتوقع من إسرائيل فتح معبر جديد من الشمال، لكن شيئاً لم يحدث.
وقال الجنرال أليكس غرينكفيتش، من سلاح الجو الأمريكي الذي يشرف على العمليات: “مهما حدث على المعابر الحدودية، ومهما حدث في آليات النقل الأخرى، فهذه إضافية على الأقل، وأنت تساعد الناس على الأرض”.
وبعدما أسقطت طائرته، يوم الأحد، أقل من حمولتها الـ 22 طناً، خشية إسقاط حزم كبيرة تعرّض حياة الناس على الأرض للخطر، اعترف أن عمليات إسقاط المساعدات تترك أثراً محدوداً. وقال: “نعترف أنها ليست كافية، وهناك حاجة لعمل المزيد”، و”عليه هذا هو نهجنا: ساعِدْ أكبر عدد من الناس”.
وقام الطيران الأمريكي، منذ 2 آذار/مارس، بسبع عمليات إسقاط مساعدات من الجو، وأكثر من 200,000 وجبة جاهزة، وحوالي 50,000 قنينة مياه لسكان يحتاجون لمليون وجبة طعام إضافية كل يوم.
وانضمت الطائرة الأمريكية لسرب طائرات من مصر والأردن وفرنسا وبلجيكا، ولم تمض الطائرة سوى خمس دقائق فوق غزة، حيث أفرغت حمولتها المكونة من 16 حزمة طعام.
وتم التحضير لعملية الإنزال بشكل كبير، مثل استخدام صور أقمار صناعية ومسيّرات لتحديد مكان رمي المساعدات، وتجنب إصابة الناس أو تدمير مبانٍ.
وانتهت بعض الحزم الموجهة نحو الشاطئ بالمياه، فيما سقطت بعض المساعدات من دول أخرى في “أراضي إسرائيل”.
ويجب أخذ الارتفاع وسرعة الطائرة وحركة الرياح للتأكد من عدم تصادم الحزم مع بعضها البعض، أو أن تسقط سريعاً بشكل يعرّض من هم على الأرض للخطر. ويجب أن تكون الحزم كبيرة بدرجة تفتح فيها المظلة الشراعية، ولكن ليست ضخمة بشكل تسقط معه سريعاً وتعرّض حياة الناس للخطر.
ويعلق غرينكفيتش: “علينا عمل حسابات دقيقة”.
والطائرات التي تنطلق من الأردن تحلّق فوق الضفة الغربية المحتلة، ثم تل أبيب، وتدور فوق البحر المتوسط، قبل أن تحصل على إذن من مراقب الحركة الجوية الإسرائيلية، وأن الأجواء فوق غزة خالية من المسيّرات التي تراقب وتقوم بهجمات.