محسن عقيلان
أمد/ منذ ان اعلن الرئيس الامريكي عن عزمه اقامة ميناء بحري او رصيف عائم على سواحل غزة دون تواجد قواته على الارض أثار تساؤلات كثيرة عن التوقيت و المكان و النوايا و الاهداف المرجوة سواء من الطرف الامريكي او الاسرائيلي و عن موقف صاحب الارض من تلك الخطوة
في البداية لا نعرف هل هذا الميناء لتهجير الفلسطينيين ام ميناء بديل في حالة الحرب الشاملة مع لبنان ام هو لالغاء دور وكالة الغوث الاونروا و الاستغناء عن معبر رفح او لتسهيل ايصال المساعدات في ظل التعنت الاسراىيلي ام هو من ضمن الترتيبات الامريكية للمنطقة ام جميع ما سبق صحيح لكن المشكلة في ترتيب الأولويات
قبل ان نبدا بالاجابة يجب ان نكون على قناعة تامة بان خطوة كبيرة مثل تلك لم تأتي من فراغ و ان القوة العظمى صاحبة الفكرة لها تصوراتها الخاصة بغض النظر عن تبادل الادوار او الاستخفاف بالعقول فيكفي امريكا ان تهدد اسراىيل بمنع السلاح عنها او مجرد التلويح بعدم استخدام الفيتو لوقف الحرب كفيل بثني اسرائيل عن موقفها لكن لعبة الشرطي الجيد و الشرطي السيء للاسف تعاد امام اعيننا و نصدقها
الامر الاخر يكفي لمصر ان تصر على ادخال المساعدات من رفح و بموقف حازم اسراىيل ستتجنب المواجهة و في نفس الوقت ستسحب مبرر انشاء ميناء مشكوك في نوايا اصحاب فكرته على الرغم ان الميناء مطلب و مصلحة وطنية عليا لكن تحت اشراف فلسطيني ليس إلا
اما بالنسبة لمكان الميناء اتضح انه في نفس المكان لمشروع الميناء الذي وضع تصوره و مكانه زمن الزعيم الراحل ابو عمار و هذا يؤكد شكوكنا انه ليس مجرد ميناء عائم او ممر بحري مؤقت انما نواة ميناء رسمي بتصورات و ترتيبات امريكية لان لها حسابات اخرى استراتيجية في معادلات الشرق الاوسط و شرق المتوسط و نفوذ روسيا المتمدد و رغبات تركيا و اطماعها في احتياطيات غزة من الغاز و قطع الطريق ايضا على اي خطوة روسية ايرانية صينية مستقبلية للاستفادة من موقع ميناء غزة وهي خطوة استباقية لتحركات حصول فلسطين على اعتراف الامم المتحدة كعضو دائم و ليس مراقب وطبعا هناك سبب انتخابي لا يمكن اغفاله و هو ارضاء اصوات كثيرة في المجتمع الامريكي و خاصة الناخب المسلم و ايضا المتعاطفين الذين انتقدوا سياسة امريكا المنحازة بالكامل لاسراىيل
ولكن ماذا بالنسبة للغضب المصري المكتوم الذي اعلنت عنه قناة كان العبرية حيث قالت حسب مصدر مصري مطلع ان القاهرة تخشى أن يقلل الممر البحري الإنساني من دور مصر، وبشكل أكثر تحديدًا اغلاق معبر رفح، اعرف ان مصر متخوفة من المشروع الايراني في المنطقة و تمدده على حساب مصر لكن هذا لا يمنع ان سكوتها عما يحدث من مشاريع جديدة في المنطقة يجب ان يكون له خطة محكمة بحيث توقف التمدد الايراني و في نفس الوقت ان تكون طرف في المعادلة الجديدة لرسم خريطة الشرق الاوسط لان ما يدور من احداث في المنطقة يخص في كثير منه امن و مصالح و اقتصاد مصر سواء باب المندب او قناة السويس او معبر رفح او مشروع ميناء غزة فمصر الان ليست بصدد مناقشة ان حماس تنظيم اسلامي ينتمي او انتمى سابقا لجماعة الاخوان المسلمين لان النار الان ليست بعيدة عن مصر فهى على ابوابها تهدد مصالحها و امنها و نفوذها و سمعتها للخطر و ستترك المجال لاطراف اقليمية يرسمون مستقبل القضية الفلسطينية بما تحمله من ملفات ساخنة من ترسيم حدود برية و بحرية و موانئ استراتيجية و ثروات نفطية .
و بالنسبة لاسرائيل لم تكن راغبة يوما بميناء فلسطيني لكن رضخت لتصورات امريكا البلد الحاضن لها لكن كيف ستمرر اسرائيل المخطط يجب ان تكون مبررات على شكل انه ميناء بديل في حالة اندلاع حرب شاملة مع لبنان و ان الميناء هذا سيعجل بسقوط حركة حماس كما ادعى جالانت وزير الدفاع الاسرائيلي اما حركة حماس صرحت من خلال
المكتب الاعلامي الحكومي ان الميناء مطلب فلسطيني منذ ٢٠ عام و القيادي محمد نزال قال انه يثير تساؤلات اكثر ما يقدم من اجابات اي ان الموافقة الضمنية موجودة و لن تقف ضد انشائه
و بالنسبة للاطراف المشككة جاء موقف روسيا على لسان المتحدثة باسم الخارجية الروسية ، ماريا زاخاروفا: “خطط الولايات المتحدة لبناء ميناء بحري مؤقت بساحل غزة، رقصا على العظام، وسخرية من الناس. ، نحتاج إلى التحدث عن مصائرهم وليس بعض المشاريع المستقبلية الوهمية” اي ان روسيا تعرف المشاريع المستقبلية لهذا الميناء و ليس تقديم المساعدات الانسانية و اخيرا هناك شيئ غريب امريكا تريد إنشاء ميناء في غزة بسبب التعنت الاسرائيلي لادخال المساعدات و من يقوم بمتابعة و حماية الانشاءات الجيش الاسراىيلي و هذا ما يدفعنا الى تصور اخر على شاكلة انه متفق عليه في حوارات باريس و الدوحة تحت الضغط الامريكي و خوفا من ردة فعل الداخل الاسرائيلي تم اخراجه بهذه الطريقة و بتبريرات غير منطقية لتتماشى مع الظروف المعقدة في المنطقة لكن الميناء بغض النظر عن الظروف و التوقيت هو مصلحة وطنية فلسطينية لكن هل يستطيع الجانب الفلسطيني ان يتحدى الرغبة الامريكية الجامحة التي تريد ان تقطع الطريق على اي قوة دولية او اقليمية تطمع في هذا الميناء و ما تحتويه المنطقة من كميات غاز و بترول و ايضا من مكان استراتيجي في ممرات الملاحة و التجارة الدولية لا استبعد تكبيل الجانب الفلسطيني باتفاقيات تضمن لها التحكم و السيطرة على الميناء و الثروات البحرية لسنوات او عقود قادمة .