منجد صالح
أمد/ في هذا الوقت من العام وفي شهر آذار، كما تقول الحكمة الشعبية الفلسطينية حول طقس آذار” “في آذار مرّة شميسة ومرّة امطار ومرّة مقاقاة الشُنّار”،
الطقس متقلّب في آذار:” هبة ساخنة وهبة باردة، صباح بارد وليل ابرد وظهر ساخن،
هذا هو طقس الطبيعة أمّا طقس غزة فهو ثابت مشبع هواؤها برائحة النار والبارود، نهارها احمر قاني لون دماء اطفالها المسفوكة ظلما وعدوانا من قبل صواريخ وطائرات الاحتلال الممهورة بنجمة داوود السداسيّة،
ليلها اشدّ احمرارا، ودم اطفالها اشدّ سطوعا حتى ان القمر اصبح يستحي من سطوع دماء اطفالها وينزوي في قرنة وراء سحابة داكنة بفعل الشتاء وبفعل غبار ودخان القنابل والصواريخ بعد ارتطامها بالبيوت والابراج وباجسادهم الغضة،
سطوع الشمس تغطي على القمر في النهار وسطوع دماء اطفال غزة تغطي على طلوع القمر في الليل،
الدماء تنافس الشمس والشمس تنافس الدماء في التغطية على بزوغ وسير وضوء القمر،
دماء اطفال غزة اصبحت اقمارا تضيء سماء غزة، سماء فلسطين، سماء العرب، سماء العالم،
لكن من ينتصر لدماء اطفال غزة غير غزة نفسها؟؟!!،
حُراس باب المندب الشجعان ينتصرون لدماء اطفال غزة وينثرون اقمارا تغطي سماء البحر الاحمر وبحر العرب، اطفال اليمن السعيد الآن يُناجون اطفال غزة ويبعثون لهم تحيات مغلفّة بالدعم والعز والفخار، اليمن اصل العرب واللآن تندمج مع غزة ليصبحا فخر العرب،
اسود الجنوب تزأر انتصارا لدماء اطفال غزة، تتسلل كل يوم لتدنو من شمال فلسطين، لتقترب من اطفال غزّة، ويُناجون وقت السحور قمر غزّة ليبقى يُظلّل ببهائه على جراحاتهم ولينير قبسا من دامس ليلهم،
قمر باب المندب وقمر الجنوب يسطعان ويزوّدان قمر غزة المستحي من دماء اطفال غزة بمزيد من النور والعزة،
لكن اقمار العرب الاخرى من المحيط إلى الخليج سابتة لا تبان لا في الليل ولا في النهار، لا في ليال الشرق الصافية ولا في ليال الشرق المشوبة بالسحب،
اقمار العرب الاخرى يبدو انها اخذت اجازة طويلة وسافرت إلى امريكا واوروبا، تُنير ضفاف بحيرة جنيف وحديقة الحيوانات في لندن، وان آخر همّها ما يتناول اطفال غزة على مائدة الافطار، ما دامت موائدهم عامرة زاخرة بالخراف المحشية والمشوية والمندي والكبسة والبخاري والمهلّبية،
قمر غزة ينزوي ويختفي وراء سحابة تجري في سماء رفح وخان يونس لانه يستحي من دماء اطفال غزة،
فطور اطفال غزة مثل سحورهم، ان وجد عندهم واهاليهم شيء للفطور وللسحور، وقمر غزة يحاول ان يبعث بمقدار نور شمعة يبدد بعضا من حلكة ليلهم، صبرا وانتظارا ليوم تشرق فيه الشمس وليل يبزغ فيه القمر، قمر غزة، قمر فلسطين.