ألاء ماجد
أمد/ بعد مرور أكثر من 165 يوما على الحرب الشعواء الذي يتعرض فيه قطاع غزة لكارثة مكتملة الاوجه، في ظل أكثر من 31 ألف شهيد، وضعفهم من الجرحى، وتدمير أكثر من 70% من بنيتها التحتية ومنشآتها، اعترفت حركة حماس أخيرا، بأنها لم يكن في حسبانها نتائج وعواقب عملية السابع من أكتوبر، والتي نفذتها ضد إسرائيل.
اعتراف حماس جاء على لسان القيادي البارز في الحركة، موسى أبو مرزوق، خلال مقابلة على قناة الغد، عندما سُئل هل كنتم تتوقعون حجم الرد الإسرائيلي على هجوم 7 أكتوبر؟ فأجاب: “لا أحد توقع هذا الهجوم الوحشي!”، إذن فإن حديثنا بأن أبو مرزوق ورفاقه قد أقدموا على عمل غير محسوب النتائج، وبعيد كل البعد عن أي تقدير عسكري استراتيجي، ودون أن يكون هناك استعدادات توازي حجم ردة الفعل، لم يكن افتراء على المقاومة، بل حديث واقعي لما قد تفعله إسرائيل على عملية كبيرة مثل التي وقعت.
لقد أثبت أبو مرزوق وجميع قيادات حماس الذين يعيشون في الخارج، خصوصا في تركيا وقطر ولبنان، بأنهم يعتاشون على مجاعة ودماء أهل القطاع، وبأنهم أدخلوا غزة وأهلها في حرب لم يكن القطاع بحاجة لها، وكان يمكن تفاديها، لولا هوس بعض قادتها وتفاخرهم بأنهم يعرفون قراءة تفكير الساسة والمجتمع الإسرائيلي، بمجرد أنهم قد اعتقلوا في سجونهم بضع سنين، إلا أن الواقع أثبت خطأ هذا الافتراض، فليس كل من اعتقل في سجون إسرائيل قادر على توقع ردة فعلها على عملية كبيرة مثل التي وقعت في السابع من أكتوبر.
إن سكان غزة المنكوبة، يرون عملية السابع من أكتوبر كانت إلقاءً بهم وبمستقبلهم الى التهلكة ومغامرات طائشة لقيادات الحركة، والمتابع جيدا لمواقع التواصل الاجتماعي، ووسائل الاعلام التي تنقل الواقع بشكل حقيقي، يرى بأن أهل غزة لا يرون بأن هدف العملية يساوي عندهم إراقة قطرة دم واحدة من طفل، أو إعطاء مسوغ للابادة الجماعية بغطاء دولي لتعود غزة الى أكثر من 100 سنة الى الوراء، ولعل الأدلة كثيرة والصور والفيديوهات أكثر.
لقد كانت قيادة حماس بئس الراعي لشعب أعزل ما كان يأمل سوى أن يعيش مثل بقية العالم والخلق، فقد كفر قادة الحركة الربانية بعنادهم غير آبهين بشعب يباد، مما جعل الكثير من أبناء الشعب الغلبان يعلونون براءتهم من حماس وكفرهم بتفكير الحركة.
على قادة حماس وأصحاب القرار بغزة، إن بقي لديهم قرار وحكمة، أن المجاعة في مدينة وشمال غزة، قد أصبحت واقعا يعيشه الشعب هناك بكل تفاصيله، من أطفال وشباب ونساء ومسنين، رغم شاحنات المساعدات التي دخلت اليومين الماضيين، والتي لا تغني من الجوع أصلا، وأن كل مقومات الحياة قد انعدمت، وأن الإنجاز الوطني الذي سيحسب للحركة الآن هو رفع أو تخفيف معاناة الشعب الذي يتعرض لإبادة لم يشهد لها التاريخ مثيلا، في ظل صمت عالمي كان متوقعا من قبل العملية، حتى من أقرب الناس لنا وهم العرب، الذين يتفاخرون بإنهم يقومون بإنزال جوي للمساعدات الممزوجة بالذل والهوان لشعب أكرمه الله.
ينبغي على حماس وقادتها، انقاذ ما يمكن إنقاذه، في ظل أننا لا نمتلك ترف الانتظار، والاستماع لصوت المكلومين والمشردين والجوعى والشعور بمعاناتهم، في ظل الواقع المرير، لأنه لا وقت للتفكير واتخاذ القرارات من منطلقات حزبية وفئوية، وإلا فليذهبوا للجحيم، في ظل أن الهدف الأسمى المفترض أن يكون لديهم هو تقديم المساعدات وتثبيت الشعب الفلسطيني على أرضه وحفظ كرامته وسد جوعهم واغاثتهم.
يا سيد “أبو مرزوق”، أؤكد لك أن واقعنا أكثر سوادا مما تراه في أسوأ كوابيسك، وإننا نعيش التجويع بلا أي رحمة، وإن كنتم تتوقعون أن يتغير الحال في الضفة الغربية أو الداخل المحتل، أو العالم العربي والإسلامي، فقد مر أكثر من أسبوع في شهر رمضان، ولم يتغير شيئا في ظل التشديدات العسكرية التي قام بها الاحتلال، وقبضة الحديد التي تحكم العالمين العربي والإسلامي، فمن ينقذ غزة إن لم تكونوا أنتم خصوصا وأنكم السبب فيما نحن فيه؟