سليم يونس الزريعي
أمد/ فيما يواصل جيش الاحتلال الصهيوني حرب الإبادة في غزة لليوم الـ173، دون أي اعتبار لقرار مجلس الأمن رقم 2728، بما يعنيه ذلك من رفض للقرار، وعدم الالتزام به، في حين رحبت حركة حماس بالقرار بأن قالت: “ترحب حركة المقاومة الإسلامية، بدعوة مجلس الأمن الدولي اليوم لوقف فوري لإطلاق النار”، لكن المعطيات تقول بأن القرار سيبقى قرارا معنويا لا أكثر.
إن معنوية القرار، هي في عدم إلزاميته، وفق تعقيب أكثر من مسؤول أمريكي، بما يعنيه أن الولايات المتحدة الأمريكية قد مررته لأهداف سياسية، بأن جعلته دون قوة ملزمة تجبر الكيان الصهيوني المعتدي على الانصياع له ووقف الحرب، فقد قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر للصحفيين “إنه قرار غير ملزم”.
كما صرحت مندوبة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد بأن قرار مجلس الأمن حول غزة الذي تم تبنيه يوم 25 مارس الجاري، يتسم بطابع “غير ملزم”. وبررت الولايات المتحدة ذلك، بتكييفها للقرار 2728 بأنه غير ملزم، كونه استخدم عبارة “مطلوب وقف إطلاق النار” بدلاً من عبارة “يقرر ضرورة وقف إطلاق النار” في القرار.
نافذة التبريرات الأمريكية هي ضوء أخضر للكيان الصهيوني لإدانة
قرار مجلس الأمن، الذي اعتبره عدد من مسؤوليه “غير ملزم” لتل أبيب، ولذلك واصلت محرقتها قي غزة دون التفات للقرار الأممي.
بل إن إدارة الرئيس الأمريكي ستلتف على القرار عبر هندسة معركة رفح التي ستشارك فيها الكيان، فقد نقلت القناة الـ 13 الإسرائيلية، مساء يوم الأربعاء27 مارس، عن مسؤولين أمريكيين أن إدارة الرئيس جو بايدن تعتزم إرسال جنرالات أمريكيين ليبحثوا مع ضباط الجيش الإسرائيلي الخطط العملانية في رفح.
وأفادت القناة بأنه من المتوقع أن يصل الجنرالات الأمريكيين قريبا إلى تل أبيب على أن يلتقوا بكبار المسؤولين العسكريين الإسرائيليين، وهو الموقف نفسه الذي جرى قبيل دخول الجيش الإسرائيلي في العملية البرية بقطاع غزة في الثامن والعشرين من شهر أكتوبر الماضي. وهذا يكشف أن معركة رفح هي خيار عسكري وسياسي أمريكي صهيوني وإن اختلفت مجريات الإعداد لها بين الجانبين، لكنهما يتفقان على الهدف منها، وهو تصفية حماس عسكريا.
هذا الدور الأمريكي يستهدف من جانب آخر التغلغل في القطاع برداء إنساني عبر ميناء غزة، وهو ما تكذبه الوقائع طوال أشهر المحرقة، ويأتي رصيف ميناء غزة كمدخل إنساني مشروع لتمكين الكيان الصهيوني من تحقيق أهداف حربه على غزة،
وقد كشف المقرر الأممي الخاص المعني بالحق في الغذاء مايكل فخري الذي ندد بالاقتراح الأميركي لبناء الرصيف البحري. ووصف الدور الأمريكي بأنه مشبوه، علما بأن فكرة رصيف الميناء، كانت في الأساس مقترح لرئيس وزراء الكيان الصهيوني، سبق أن عرضة وفق صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية في 31 أكتوبر على الرئيس القبرصي نيكوس كريستودوليديس، وفي 19 يناير أعيد النظر في الأمر خلال حوار بين نتنياهو وبايدن، عندما اقترح نتنياهو، تشكيل فريق لاستكشاف الإمدادات البحرية عبر قبرص، بعد فحص شامل لجميع البضائع.
وقد عبر فكري عن استغرابه من فكرة إنشاء الرصيف قائلا: إنها المرة الأولى التي أسمع أحداً يقول إننا بحاجة إلى استخدام رصيف بحري. لم يطلب أحد رصيفا بحريا، لا الشعب الفلسطيني ولا المجتمع الإنساني”. سيما وأن “إسرائيل” هي التي ستتولى تأمين حماية الموقع الذي سيتواجد فيه فريق من الأمريكيين المشاركين في تفريغ وتوزيع المساعدات الإنسانية لقطاع غزة.
كما ذكر تقرير أعده مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك، أن بناء الميناء يحقق مصالح “إسرائيل” بالسيطرة على شاطئ غزة ومحاولة تهميش معبر رفح البري على الحدود مع مصر وانتزاع السيادة الفلسطينية عليه، وهو إضافة لذلك سيكون ذريعة للولايات المتحدة و”إسرائيل” للسيطرة على جزء من شاطئ غزة تحت حجة حماية الميناء وتسهيل وصول المساعدات ومنع حركة “حماس” من السيطرة عليها.
لكن هناك مؤشرات تقول أن البعض من حماس لم يستوعب تجربة الأشهر الماضية وأنه ما يزال يعيش حالة انفصال عن الواقع عبر فكر شعبوي يتعامل مع ما يجري بذهنية الفزعة وهي التي سبق أن انتقدها حسن نصرالله زعيم حزب الله اللبناني، بعد أن انتقد بعض مسؤولي حماس مستوى دور الحزب من حرب الكيان الصهيوني على غزة، عندما قال إن عملية تحرير الأقصى والقدس ستكون بالنقاط وليسن بالضربة القاضية.
لكن المفارق هو أن تصبح ذهنية ” الفزعة” مكونا فكريا أساسيا لدى حماس، ففي الوقت الذي تهيئ فيه الولايات المتحدة المسرح مع الكيان الصهيوني لعملية عسكرية كبيرة في رفح، دعا محمد الضيف، قائد كتائب القسام مساء الأربعاء 27مارس، المسلمين في العالمين العربي والإسلامي إلى “الزحف الآن وليس غدا نحو فلسطين”، وهي مطالبة غير واقعية ولا موضوعية في كل الأحوال، بل وكأن هناك من لم يستوعب مفاعيل المحرقة المستمرة منذ ستة أشهر وما هي الأولوية الآن؟ وما يخطط لرفح، وتكامل الدورين الصهيوني والأمريكي، عبر دور مباشر لأمريكا للاحتلال من خلال التغلغل غير الخشن “الناعم” من الداخل، من خلال ما يسمى ميناء غزة، ليكون السؤال ما هي الحلقة المركزية الآن؟ هل هي تحرير الأقصى؟ أم وقف المحرقة في غزة؟ ومن ثم كنس الاحتلال الصهيوني والتصدي للدور الأمريكي المرتقب في غزة، عبر رصيف الميناء، وهندسة معركة رفح.