سري القدوة
أمد/ أمر قضاة محكمة العدل الدولية دولة الاحتلال بالإجماع باتخاذ كل الإجراءات الضرورية والفاعلة لضمان دخول إمدادات الغذاء الأساسية لسكان غزة دون تأخير وقالت المحكمة إن الفلسطينيين في غزة يواجهون ظروف حياة صعبة في ظل انتشار المجاعة وقال القضاة “تلاحظ المحكمة أن الفلسطينيين في غزة لم يعودوا يواجهون فقط خطر المجاعة … بل إن هذه المجاعة قد ظهرت بالفعل”.
لقد أدت الحرب الهمجية المتواصلة حتى اللحظة إلى وضع كارثي في قطاع غزة وإن الصورة مروعة ولا يمكن وصفها وما زالت تتواصل فقد استشهد حتى يومنا هذا حوالي (32,500) شهيد، منهم حوالي (13.800) طفل، إضافة إلى ما يقارب من خمسة وسبعين ألف جريح، وحوالي ثمانية آلاف مواطن في عداد المفقودين تحت الأنقاض ونزح حوالي مليون وتسعمائة ألف مواطن، أي ما نسبته 85% من سكان القطاع، وكل واحد منهم قصة إنسانية، وعائلة وآمال ويعاني كافة المواطنين في القطاع من انعدام الأمن الغذائي، منهم 1.1 مليون مواطن يواجهون مستويات كارثية، حيث فقد ما لا يقل عن ثلاث وعشرون طفلا حياتهم من الجفاف وسوء التغذية أمام نظر العالم أجمع وتوقف العمل في 83% من آبار المياه الجوفية، وكذلك الأمر لأنظمة معالجة مياه الصرف الصحي التي توقفت عن العمل بالكامل .
ودمرت آلة الحرب الإسرائيلية أكثر من 70% من الوحدات السكنية ما بين تدمير كلي أو جزئي، ولا يعمل سوى 24% مركزا من مراكز الرعاية الصحية الأولية، واثنا عشر مستشفى من أصل 36، تحت ضغط هائل وبنقص حاد وفقد 625 ألف طالب حقهم في الحصول على التعليم، وتعرضت 396 مدرسة من أصل 495 مدرسة من مدارس الأونروا والمدارس العامة لأضرار ويضاف إلى ذلك الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية والكهرباء وشبكات التوزيع وأنظمة الطاقة الشمسية ونقاط توصيل الكهرباء إلى القطاع .
ويواصل الاحتلال حربه في مدينة القدس وباقي محافظات الضفة التي وصل عدد الشهداء فيها إلى 454 شهيدا في الستة أشهر الماضية فقط، مع استمرار الاقتحامات والاعتقالات وتدمير البنية التحتية، وهدم المنازل مع تسريع الاستيطان وتعاظم إرهاب المستوطنين والإغلاقات التي تقطع أوصال الضفة الغربية .
وكانت جنوب إفريقيا قد رفعت في التاسع والعشرين من شهر كانون الأول/ديسمبر الماضي دعوى ضد إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، على خلفية تورطها في “أعمال إبادة جماعية” ضد شعبنا في قطاع غزة، وأيدتها عشرات الدول، في سابقة تاريخية في الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، وقدمت جنوب إفريقيا إلى المحكمة ملفا محكما من 84 صفحة، جمعت فيه أدلة على قتل إسرائيل لآلاف الفلسطينيين وخلق ظروف “مهيئة لإلحاق التدمير الجسدي بهم”، ما يعتبر جريمة “إبادة جماعية” ضدهم .
الوقت حان للعمل بشكل جماعي، بما يتماشى مع القانون الدولي، لوقف حرب الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل على شعبنا الفلسطيني ووضع حد لاحتلالها الاستعماري غير القانوني ونظام الفصل العنصري وضرورة أن تكون هناك مساءلة وعواقب على الانتهاكات الخطيرة التي ترتكبها بما في ذلك فرض حظر تصدير الأسلحة الى إسرائيل، وتطبيق عقوبات عليها بهدف وقف انتهاكاتها المنهجية لحقوق الإنسان وخروقاتها الجسيمة للقانون الدولي، ويجب العمل على اتخاذ جميع التدابير اللازمة لفرض امتثال إسرائيل للقانون ولضمان حماية شعبنا الفلسطيني وحقوقه غير القابلة للتصرف، بما في ذلك حق تقرير المصير والاستقلال .