أمد/ أبلغني أحدُ أقاربي في شهر يناير 2024م ممن يملكون مؤسسة كبيرة في وسط حي الرمال بغزة، أنه كان يتواصل كل يوم مع مالك العمارة الواقعة في أرقى أحياء غزة للاطمئنان على شركته وما تحويه من ممتلكات ثمينة داخل الشركة، لأنه أُرغم على الهجرة إلى المنطقة الوسطى بعد دمار منزله.
ظل مالكُ العمارة الفاخرة يحفظ هو وأبناؤه أمن العمارة من سطو اللصوص والمرتزقة إلى أن داهمتها دبابات الاحتلال، فاختبأ في زاوية ضيقة قريبة في مقر الشركة، وعاش فيها ثلاثة أيام من الرعب، لأنهم أمطروا المكان بالرصاص والقذائف، كان خلالها يخشى أن يسعل أو يعطس، كان يسمع أحاديثهم بوضوح بالإضافة إلى أنه ظل بلا طعام أو شراب، ولم يَغفُ سوى لحظات خلال تلك الأيام، كان يعرف اللغة العبرية لأنه عمل في إسرائيل عدة سنوات، قال: لم أسمع من الجنود الذين اتخذوا من الشركة مقرا لهم كلمة عبرية واحدة، فقد كانوا يتكلمون باللغة الإنجليزية والفرنسية! حتى أنني رأيتُ مخلفاتهم حينما غادروا مقر الشركة بعد أن فجروا خزنة الشركة بالديناميت وسرقوا آلاف الشواكل والدولارات والوثائق وحطموا كل محتوياتها من أجهزة كمبيوترية ثمينة يصل سعر أرخص جهاز كمبيوتر الى ثلاثة آلاف دولار!
كانت مخلفاتهم تحتوي على بقايا علب سجائر فرنسية، وتحتوي على بعض مِزق الأوراق مكتوبة باللغتين الإنجليزية والفرنسية!
أعادتني هذه القصة للتذكير بعلاقة إسرائيل بشركات حفظ الأمن العالمية، كما تسمي نفسها، على شاكلة الشركة الأمريكية، بلاك ووتر ودورها في تنفيذ المجازر في العراق، هذه الشركة أسسها وقادها في البداية عضو مؤسسة السي آي إيه، جيمي سميث، هذا الشركة الأمريكية مدعومة من حكومة أمريكا بأكثر من مليار دولار، استخدمتها أمريكا لتنفيذ ملفها الأسود المتمثل بالقتل والاغتصاب والدمار في كثير من بلدان العالم، بخاصة في أفغانستان وسوريا والعراق وليبيا والسودان، منحتها الحكومة الأمريكية كذلك حق عدم التوقيع على ميثاق الأخلاق بشأن عملياتها الإجرامية، ومنحتها حق الحصانة من المطاردة القضائية كذلك!
لم أفاجأ حين قرأتُ في الأخبار المنشورة في مجلة وول ستريت جورنال، أن مسؤول الشركة الجديد، إيريك برنس هو صاحب الاقتراح بإغراق أنفاق غزة بالمياه، وقد أشرف على نقل مضخات المياه القوية لإسرائيل، وهو خريج سلاح البحرية الأمريكي، غيَّر اسم شركة، بلاك ووتر سيئة السمعة ليصبح اسمها الجديد(أكاديمي) بعد ارتكاب مجرمي الشركة مذبحة جسر النسور في العراق عام 2007م!
أما المفاجأة فهي أن، إيهود باراك رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق يعتبر ضمن طاقم شركة، بلاك ووتر، وأن لمؤسس الشركة علاقة وثيقة بنتنياهو، كما فضحت صحيفة، هآرتس العلاقة بين مدير مكتب نتنياهو السابق، أري هارو، وبين إيريك برنس رئيس عصابة، بلاك ووتر، وأشارت إلى أن بين الاثنين شراكة تجارية ليس فقط في الشركة نفسها، ولكن في شركات كبرى عديدة!
تُقدر الجهات المختصة بالرصد والتوثيق أن عدد الشركات الأمنية التي تملكها إسرائيل في العالم يصل إلى ثلاثمائة شركة في أكثر من سبعين دولة، وهذا الشركات تختفي تحت تسميات ليست إرهابية مثل، حفظ الأمن، جمع المعلومات، اختطاف المعارضين وتصفيتهم والاشراف على نقاط التفتيش والحراسة الأمنية!
شرعت الحركة الصهيونية في إنشاء هذه الشركات والمنظمات الخاصة في وقت مبكر جدا بادعاء حفظ أمن المطارات، ومراقبة المطلوبين، وبيع منتجات التجسس الإلكترونية، وإنتاج فايروسات التدمير والتخريب، مثل شركة إن إس أو سيئة الصيت!
يجب علينا أن نتذكر أن أول شركات خاصة لتنفيذ الملفات السوداء هي عصابة الهاجاناه أسستها المنظمة الصهيونية في عام 1920، وهاشميرا اليهودية عام 1937م، والأراغون والبالماح والليحي وشتيرن هي العصابات المسؤولة عن كل المجازر.