عبد الباري فياض
أمد/ تواصل الحرب على غزة وحشيتها، فلم تخضع دولة الاحتلال الإسرائيلي لقرار مجلس الأمن بوقف إطلاق النار، بل استمرت في عمليات القصف والضرب والتخريب وارتكاب المجازر، حتى سجلت الحرب بعد اليوم الـ 173 أكثر من 33 ألف شهيد و75 ألف مصاب.
ما يزيد الأمر تعقيدا على أرض غزة ومع التهديد الإسرائيلي لاجتياح رفح وقتل أكثر من 1.5 مليون فلسطيني هناك في مخيمات الإيواء، هو تعنت حركة “حماس” برفضها التسوية، فمازالت تتمسك بشروطها التي تصب في صالح الحركة فقط وذلك على حساب الشعب الفلسطيني الجريح، إلا أن ذلك يبدد بالتأكيد جهود الوسطاء للتوسط في صفقة تبادل الأسرى.
ويبدو أن موقف “حماس” غير المرن يغلق نافذة المفاوضات من أجل إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين، فمازالت تتمسك بشرط الإفراج عن جميع عناصر الحركة من سجون إسرائيل مقابل الرهائن، وهو ما ترفضه تل أبيب وتتذرع بأنه سببا غير منطقي والذي يؤدي إلى دخول المفاوضات نفق مغلق، وتلاشي جهود الوسطاء للهدنة بين الطرفين ووقف الحرب في غزة، أو تقليل معاناة الشعب الغزاوي.
تابعنا عبر وسائل الإعلام خلال الساعات الأخيرة، طاهر النونو، المستشار الإعلامي للمكتب السياسي لحركة حماس، يقول إن المباحثات للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة والتي كانت تجرى في العاصمة القطرية الدوحة “انتهت ولا يوجد أي جديد يذكر”، مشددا على أن الحركة تتمسك بمواقفها المتعلقة بضرورة الوقف الدائم لإطلاق النار وانسحاب القوات الإسرائيلية من قطاع غزة وتدفق المساعدات بشكل أكبر والدخول في صفقة حقيقية لتبادل الأسرى، وأبلغت الحركة الوسطاء بأنها متمسكة برؤيتهم التي قدموها في 14 آذار لأن الرد الإسرائيلي لم يستجب لأي من مطالبهم”.
ونلمس من خلال تصريحات “النونو” أن حماس تعرقل أي مفاوضات لا تخدم مصالح الحركة، خاصة وأنها طلبت الإفراج عن 300 أسير لأعضائها من سجون الاحتلال مقابل 40 محتجزا إسرائيليا.
أما عن موقف الوسطاء، فمن الواضح أن قطر ومصر والولايات المتحدة الأمريكية مازلوا يتبعون سياسة النفس الطويل من أجل إقناع الطرفين بقبول بعض الشروط، والتنازل عن أخرى من أجل حقن دماء الشعب الفلسطيني الذي يدفع فاتورة الحرب منفردا بعيدا عن أي حركات أو قوى سياسية تحاول الحصول على مكتسبات على حساب الشعب المعذب.
مفاوضات الوسطاء الجارية ما بين القاهرة والدوحة قد وضعت أسس أو مقترحات للتفاوض، كانت تتلخص في وقف إطلاق النار وعودة غير مشروطة للنازحين، وانسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي من غزة ودخول المساعدات ومواد الإغاثة وإعادة الإعمار، إلا أن إسرائيل رفضتها بسبب استكمال حرب الإبادة الجماعية للشعب الغزاوي والقضاء على كل ما هو فلسطيني، كما رفضتها حماس لرغبتها الأولى في إخراج جميع أعضائها من سجون الاحتلال.
وعلى الرغم من طول نفس الوسطاء للرغبة الملحة في إنهاء تلك الحرب غير الإنسانية إلا أن جميع تلك المحاولات والمبادرات والاجتماعات تبوء بالفشل ومعها تزداد هموم الشعب الفلسطيني.
حماس تستشعر صعوبة التفاوض وتدرك أن التنازلات قد ترفع يدها عن غزة، فتخشى سيناريو الإبعاد السياسي الذي قد تفرزه فترة ما بعد المفاوضات على يد الشعب الغزاوي الذي وصل إلى ما هو فيه بسبب قرار منفرد من حركة لا تريد إلا مكتسبات سياسية على حساب الشعب الذي يسكن الآن في الخلاء ودور الإيواء.
وربما تتجدد مبادرات الوسطاء للحل السياسي في غزة ووقف الحرب خلال الفترة المقبلة، لكنها ستواجه بحائط سد من قبل “حماس” ترمي بكل تلك الجهود عرض الحائط.