مصطفى منيغ
أمد/ لن تتوقَّف إسرائيل عن الرَّقص فوق جثامين الشهداء الفلسطينيين المدنيين العُزَّل المذبوحين بشظايا القنابل والصواريخ الأمريكية الصنع في مجملها ، ما دامت دقات “الطَّبْل البَلَدي” المصري منسجمة مع إيقاع لحن الفرح لاستقبال السخاء الأوربي وهو يغدق على نظام جمهورية مصر العربية بملايير من العملة الأوربية الموحدة “الأورو” المخصَّصة للاستثمار في بعض المشاريع بشرط تجميد هجرة المصريين غير الشرعية صوب دول أوربا كلّها . لن تحيد إسرائيل عن ارتكاب أفظع المجازر التي ذهب ضحية رخيصة لهولها ، ألاف الفلسطينيين أكثر مِن نصفهم نساء وأطفال وشيوخ لا حول لهم ولا قوة دون رادعٍ لها ، مادامت المملكة العربية السعودية منهمكة أشدَّ ما يكون الانهماك في إعداد سهرات فنية خرافية لا مثيل لها تفوَّقت شكلاً وبهرجة َوصخابةً وإهداراً للأموال من تلك المنظمَّة للخليفة العباسي هارون الرشيد في بغداد الشهيرة بأزهى لياليها ، احتفاء بألحان أغاني عاطفية تُدخل البهجة والسرور على قلوب المنتقلين بالعيش مِن الضروري إلى الكماليات بأقصى ما يمكن من البذخ وعدم الانتباه للعازفين الإسرائيليين على شرايين منزُوعة من أجساد نساء غزَّة المرميَّة بالعشرات في شوارع لم تعد شوارع وإنما سطور ممدودة في مقال كهذا مُهْدَى لمن في العروبة انسَحَبَ عن سِمَتها ، لن تتخلَّى إسرائيل عمَّا بدأته منذ السابع من أكتوبر المنصرم عن سحق عظام الفلسطينيين الأبرياء مهما استنجدوا حَصَدَ رؤوسهم رصاص الغدر والانتقام المقيت من عساكر جيش الدفاع الإسرائيلي عن أسباب لا مبرر لها ، ما دامت الجزائر مشغول رئيسها في ترتيبات شتَّى تمهِّدُ لانتخابه من جديد قبل الوقت المُحدَّد على رأس الدولة حتى يستطيعَ كما ادَّعى في كل خرجاته الإعلامية المتكرِّرة بمناسبة أو غيرها ، تخليص الجزائر ممَّا تعانيه في جل المجالات لتتبوأ حسب قناعاته زعامة القارة الإفريقية برمَّتها ، مانحاً الدليل على قدرة الجزائر في عهده الزاخر بالكلام ثم الكلام ثم الكلام تصنيع “ثلاجة” بنسبة سبعين في المائة من احتياجاتها ، إذن لا وقت يكفى للانتباه لما يتعرَّض له أهل غزَّة من شديد ألم وجراحٍ مميتة لا مناص آنياً من تجاوزها . لن تكف إسرائيل عمَّا حملته في ذاكرة أجيال من عِرْقِها كرغبة متجدِّدة عبر أحقاب في إفراغ مساحات شاملة أرض فلسطين بالكامل من أهلها ، لإقامة الدولة العبرية الكبرى من الفرات إلى النيل مَهْمَا مِثْل الفِعل كلّفها ، ما دامت السودان حُبلى بالفتن الجاعلة جناحها العسكري الواحد يُصاب بعلة الانشطار لفريقين يتقاتلان حتى اللحظة بهدف إنفراد أحدهما بالتربُّع على كرسي الحكم دون الآخر الشيء المنتهي إن استمر الحال على نفس المنوال إلى تقسيم السودان من جديد بمباركة مَن يترقب مثل الحدث من قوى أجنبية بما فيها مصر والإمارات والسعودية وما يسبق هؤلاء كالولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة أقرب حلفائها ، وهكذا السودان مُبعدة عن الانشغال بما يجري في غزة وما قد يؤول إليه مصيرها . لن ترفع إسرائيل أنامل يديها ورجليها عن أي زناد يطلق النار على الفلسطينيين لأجلٍ غير محدَّد حسب ادعاءاتها ، مادامت سوريا كيتيمة تبدو وقد فارقت عناية وليَّة أمرها ، روسيا الاتحادية المضطرَّة لتخصيص كل المجهودات المتوفرة لحربها مع أوكرانيا لتظل سماء تلك الدولة العربية اليتيمة غير مستعدة لمواجهة ولو طائرة واحدة أتت ضاربة قنصلية إيران في دمشق كسابقة لم تعرف المقرات الدبلوماسية عبر العالم جريمة تضاهيها ، إذن لا حيلة أمام العاجزة عن حماية حتى هيأة قنصلية مقيمة رسمياً فوق أرضها ، بالأحرى المساهمة مهما كانت بسيطة في التخفيف ممَّا يُمارَس على مواطني غزة كإبادة شرسة ما استطاع أحد إيقافها . لن تنأى إسرائيل عما تمارسه من تقتيل وتدمير وتهجير الشعب الفلسطيني في غزة شمالها كجنوبها ، ما دامت لبنان تحيا أسوا وضعيات سياسية واقتصادية قد تدفع بمصيرها إلى بحر هائج تحفر أمواجه العاتية جنبات سدِّ الطوائف المتنافسة لينهار في أي لحظة فيختلط الحابل بالنابل ممَّا يستوجب تدخل إيران أولاً ثم فرنسا ثانية والعاقبة لمن له القوة الكافية لانقاد ما يمكن إنقاذه يخص نفس الإجراء الدولتين المتدخِّلَتين كلاهما ، لذا أمر غزة متروك بالكامل لحزب جنوب لبنان والأخير يحتاج لإذن واضح وصريح من ايران صاحبة قرار التصعيد أو الاكتفاء بمناوشات تؤكد تواجد نفوذها . (للمقال صلة)