جبريل ابو كميل
أمد/ بعد ستة أشهر نعيشها في حرب لا يقوى على عذاباتها جبال، يؤلمنا أن تداعياتها ستلاحق أجيال..فالحرب لم تبقي بشر ولا حجر ولا شجر بعيداً عن أهدافها، الحمدلله على نعمة الحمد التي تعزز فينا الصبر بينما القلوب تنفطر والعيون تنهمر بالدموع على ما نعيش والسؤال يحاصرنا دوماً ، ماذا بعد!!؟
ربما يعجز الفلاسفة والأدباء عن وصف تغير ملامح وجه طفلي وقدماه الحافيان، بينما صرخات جوع رضيع جارتي لم تنقطع في الخيمة الملاصقة لخيبتي في ملجئي.
في الصباح تسأل صغيرتي أين حقيبتي، ظننت لحظة أنها تحتفظ بداخلها بزينة ما كتبت من علم في دفترها أو ترغب قراءة كتاب، لكن المشهد زادني البكاء، في الحقيبة حقيقة علبة سردين ولحمة ترفض أكلها الكلاب لكن صغيرتي حلمت أن تلك العلبة سترفع عنها الجوع لتخفف العتاب وهي تقول يا ليتني لم أحرق الكتاب في نار كان وقودها سهر الليالي وبرد الشتاء .
في الصيف حرب وللشتاء شقيه بينما للربيع والخريف نصيبه، تلك حقيقة لا نريدها لكننا نعيشها عنوة في غزة فلسطين، ظروف جعلتنا نعود إلى ما هو أبعد من فصول نكبة ألف وتسعمائة وثمانية وأربعين.
كان لي بيت صغير في عيني هو وطن كبير، دمرت الحرب بيتي وبقي مفتاحه يؤنس ضعفي، ظننت أن هذا النصيب وكفى لكن الجرح والله ما شفى، لم تضع الحرب أوزارها بعد، لاحقت طموحي الذي بدأ يشق طريقه بعد أربعة عقود من عمري عشت مع عائلتي بدايتها مرارة الفقر المفعم بالعزيمة والإصرار حتى وصلت إلى هنا أمام دمار جديد ” مكتب عملي” كان يعج بحكايا الناس فيها قصص الألم والأمل، يصدر منه الخبر ولم أكن أعلم أنه سيتحول إلى خبر.
الحمدلله أننا نستند على قدرة الله في تضميد جراحنا وننهض بما نقوى لنكمل ما تبقى من الطريق المعبد بالسراب.
هنا في غزة، الصغير والكبير والرضيع في السرير” اللهم هدنة أو هجرة” والقلب يبكي أين نسير أو المصير،
ستة أشهر ويزيد والسياسي جالس يفاوض بدماء شعبه من بعيد، ماذا يريد!!!!؟
يباركون لنا الصبر والصمود ونحن لا نريد، أوقفوا الحرب واحفظوا ما تبقى من دم شعب عجز الصخر عن صبره ولا يستحق من دمه المزيد.