حمادة فراعنة
أمد/ سواء اتفقنا مع السياسة الإيرانية أو اختلفنا، قبلنا بعض الأولويات أو رفضنا، تبقي ايران جارا تاريخيا، کما تركيا واثيوبيا، لا نستطيع التخلص منها، وتخلصها منا، شركاء في الدين والجيرة، يقع بيننا التنافس احيانا، فنتصادم كما حدث في الحرب العراقية الإيرانية التي استنزفت البلدين، لتعود لتقع وترتفع وتقترب المصالح المشتركة، كما حصل في اللقاء السعودي الايراني بوساطة صينية، وهكذا اذا توفرت الحكمة وطول البال لطرفينا عربا وإيرانيين.
الذي يجمعنا أقوى وأوسع ما يُفرقنا، وهذا يحتاج للإدراك أن لا يقع التدخل من قبل الطرفين في الشؤون الداخلية للطرف الآخر .
لدينا التعددية: عرب وكرد وأمازيغ، مسلمون ومسيحيون ودروز، بل لدينا يهود في البحرين وتونس والمغرب، وسنة وشيعة، ولديهم الفرس والعرب والكرد والأذريين و يهود، وسنة وشيعة، ولذلك يمكن أن يلعب كل منا في ملعب الآخر ويؤذيه، ولكننا سنخسر كما سيخسرون، ولهذا ليقع الاحترام، وعدم التدخل، و حفظ التفاهم والقواسم المشتركة، حتى يكسب العرب ويكسب الإيرانيون، وهي معادلة لعلها تسود مع تركيا و اثيوبيا، ومع كل الجيران .
نحترم ايران ، لأن إدارتها للسلطة وتجديدها وتداولها يتم بوسائل مدنية تعتمد على إفرازات صناديق اقتراع ونتائجها، وخيار الشعب في اختيار ممثليه عبر الانتخابات الرئاسية والتشريعية البرلمانية أسوة بقيم العصر مع الدول الديمقراطية في العالم.
ولأنها تقدم الدعم لفصائل المقاومة الفلسطينية، في طليعتها الجهاد الإسلامي وحركة حماس، بهدف مواجهة المستعمرة، ونيل الحرية والاستقلال والعودة، تفعل ذلك مع بعض الاطراف والتنظيمات العربية كحزب الله في لبنان، وساهمت في حماية سوريا من التدخلات الاجنبية، ولهذا دفعت وتدفع ثمن إنحيازها، سواء لخدمة مصالحها أو لاسباب ودوافع منهجية عقائدية، وتعرضت قياداتها للاغتيال على يد أدوات المستعمرة، ولهذا تفرض علينا سياسات المستعمرة ونهجها العدواني التوسيعي في السيطرة على کامل خارطة فلسطين، وعلى مجمل المنطقة كما تُريد وتسعى وتطمع، تفرض علينا سياسات المستعمرة العدوانية لان نكون و اطراف الاقليم: إيران وتركيا واثيوبيا، في خندق واحد لمواجهة الاحتلال والتوسع الإسرائيلي.
الفعل الهمجي المشين الذي أقدمت عليه المستعمرة باغتيال وقتل 7 من قادة فيلق القدس لدى الحرس الثوري، عبر قصف مبنى قنصلية السفارة الايرانية في دمشق، فعل ليس أول جريمة تقترفها، وتمادت بأفعالها لانها لم تجد الردع المناسب الموازي، لأن ايران يبدو لا مصلحة لها بفتح معارك مباشرة على أرضها، ولكن المستعمرة لا تأبه بنتائج ما تفعل، متوهمة أن أفعالها ستحميها الى الأبد، وتبقى قوية مسيطرة متنفذة .
الافعال المشينة لدى كل البلدان التي تفوقت، تؤدي بها إلى الهلاك والهزيمة، هذا ما حصل لألمانيا النازية، وبريطانيا العظمى، وفرنسا الممتدة، والولايات المتحدة المنفردة، وخطيئة الاتحاد السوفيتي في افغانستان، وكل البلدان الأوروبية المستعمرة ، عاشت هستيريا التفوق وغرور فرض الهيمنة على بلدان العالم الثالث في آسيا وافريقيا وأميركا اللاتينية، وحصيلة سياساتها الاندحار والهزيمة، وهو ما سوف تلاقيه المستعمرة الإسرائيلية على خلفية تماديها و غرورها المقيت وتطاولها القاتل.