عدنان الصباح
أمد/ بعد اسبوع واحد من انتصار الثورة الاسلامية في ايران اعلنت سفارة دولة الاحتلال في طهران مقرا لسفارة دولة فلسطين وبعد شهور قليلة اعلن الامام الخميني يوم الجمعة العظيمة من رمضان يوما للقدس ومع انني كنت اتغنى بثورة مصدق في ايران قبل ذلك واتمنى عودتها الا ان ما قامت به الثورة الاسلامية في ايران وشجاعة الامام الخميني وما تبين من ان الشعارات ليست محض اقوال جعلني ارى في كل من يعتدي على ايران آنذاك عدوا أيا كانت شعاراته التي يسوقها وها نحن اليوم نرى بعد اكثر من اربعة عقود على اعلان يوم القدس ما الذي آلت اليه الامور وكيف يجري الاصطفاف في مواجهة المشروع الصهيو – اميركي ومن هم اولئك الذين يحاربون هذا المشروع بالفعل لا بالأقوال والكذب.
على ارض غزة يلتحم اليوم المسلم الحقيقي من كتائب القسام وسرايا القدس مع الوسطي من ابناء شهداء الاقصى واليساري من ابناء كتائب ابو علي مصطفى وكتائب عمر القاسم وآخرين دون ان يشكل ذلك خللا او فعلا غريبا ما دام العدو للبشرية واحد بينما تجد هناك ابواقا لا تفعل سوى الهجوم على المقاومة وتبرئة الاعداء من كل جرائمهم بل ان البعض وصل به الامر اتهام ايران بانها سبب ما يجري من مذابح على ارض قطاع غزة مع ان ايران دفعت ولا زالت تتدفع اثمانا باهظة ثمنا لإسنادها لحماس وفصائل المقاومة وهو ما اكدته فصائل المقاومة بنفسها وهي دعمت الجميع بلا استثناء بغض النظر عن توجهاتهم ومشاربهم ما داموا يقاتلون من اجل حريتهم وهي اي ايران صنعت حلفا حقيقيا للمقاومة ظهر جليا بالصمود والبسالة والمشاركة من قبل ابطال المقاومة في لبنان واليمن وسوريا والعراق دون ان يتغير فكر حماس ولا فكر الجبهة الشعبية في شيء.
منذ 25 يوم اواصل الاضراب عن الطعام مشاركة لأطفال غزة جوعهم والما على ما يجري لهم ومحاولة للقول لكل الجالسين على الجدار انزلوا الى منتصف الطريق باقل ما لديكم اذا كنتم حقا حريصين على غزة بدل كيل الاتهامات لحماس وايران فلا حماس منعتكم من المشاركة والتحرير ولا ايران اغلقت ابواب الكفاح امامكم وبالتالي فإما ان تنضموا لهم او تصنعوا باقل ما يمكنكم او فلتصمتوا الى الابد.
جدتي التي اعرف وهي التي ربتني تنحدر من ” آل الزين ” العائلة اللبنانية المعروفة وهي التي زرعت بي كل قيم الخير وكانت تجلسني على شباك ديوان جدي لاستمع لاحاديث الصفوة من رجال القرية آنذاك ولم اعرف يوما من أي طائفة تنحدر جدتي حتى فهمت ذلك وحدي بعد ان عرفت لأي طائفة ينتمي آل الزين في لبنان, لقد ولدت في بيت من تلك البيوت المتعددة السر وكان حوش الدار يجمعنا مع بيت عمي الشاعر الكبير ” عساف طاهر صباح ” وهو من اشهر الشعراء الشعبيين في فلسطين والاردن ان لم يكن اشهرهم على الاطلاق لكنه لم يأخذ حقه بسبب انتماءاته اليسارية وقد صحوت على الدنيا وانا استمع لأشعاره الكفاحية ولن انسى ان اشعاره كانت هتافات المتظاهرين في الخمسينات ومنها ” دولة بتحكم بالكرباج بشرها بزوال التاج ” وهو صاحب هتاف ” وشلون ماكو أمر يا صالح زكي وبناتنا عند الهجانا بتشتكي ” وذلك في معارك 1948 ويقال ان شعاره هذا غير مسار المعركة في جنين جينها وتم تحرير جنين في 3 حزيران 1948 بعد ان كانت قد سقطت بأيدي المحتلين الصهاينة وقد كان عمي ولا زال نموذجا لي في حياتي وهو ما دفعني للاتجاه الى محاولة كتابة الشعر في مطلع حياتي رغم اننا فقدناه مبكرا لكن صورته لم تغب عن خيالي يوما, وعند تحولي للمدرسة وجدت امامي نموذجا جديدا يحتذى وهو معلم الزراعة في مدرسة برقين ” القرية الفلسطينية التي انتمي اليها في محافظة جنين ” حتى حرب عام 1967 الشيخ عبدالله عزام رحمه الله والذي كنت الازمه كظله في سنوات دراستي الاولى وتلقيت على يديه كل ما هو جميل وخير قبل ان يغادرنا بسبب مطاردة الاحتلال له.
هؤلاء الثلاثة وهم جدتي المسلمة الشيعية التي ربتني كمسلم وانسان ولم اسمع منها يوما كلمة واحدة تشير الى فرق ما بينها وبين نساء القرية اللهم الا بلهجتها البنانية المحببة وانا قتها المثيرة للإعجاب من كل من عرفها وجمال وجهها الذي لا يضاهيه جمال وبحسب اهل القرية فان جمال وجهها الفتان السبب في لبس حجابها الرقيق وقد ظلت كذلك حتى توفيت رحمها الله وعمي اليساري الذي لم تسمح لي الدنيا بان انهل من معرفته طويلا فقد خطفه الموت منا باكرا لكن تعامله معي واسماعي كطفل بعض اشعاره التي لم اجد بها ما بنم الا عن الحب لكل الناس والاجناس والاماكن ومعلمي المسلم السني الذي بات معروفا للقاصي والداني بانه من قادة الاخوان المسلمين في العالم ومن اشد المحاربين ضد الشيوعية في افغانستان والذي لم اعرف عنه الا حسن الخلق والشدة ضد الظلم ايا كان مصدره فحارب الانظمة المستبدة وحارب المحتلين الغرباء بما فيهم السوفييت الذين جاءوا الى افغانستان محتلين.
من هؤلاء الثلاثة العظام في حياتي تعلمت وصغت شعاري الذي لن اتنازل اعنه ما حييت ” كل مظلوم انا وكل ظلم احتلال ” فمن اذن يمكنه القول اليوم ان من يقف الى جانب الحق ويسعى اليه ويحارب من اجله كما فعل الامام الخميني وكما فعلت جدتي ” ملكة الزين ” وفعل عمي ” عساف طاهر صباح ” وفعل معلمي ” الشيخ عبدالله عزام ” ويفعل تلاميذه اليوم ان الطائفة يمكنها ان تقف ضد الحق يوما ومن قال ان الخير حكر على احد ومن قال ان في الاسلام طائفية اصلا او في غيرها من الاديان ومن قال ان حرية فلسطين ممنوعة عمن يريد لها الحرية ان لم يكن من صنف معين فصاحب الشعلة هو من يدافع عن الحق ويقاتل الظلم وصاحبه أيا كان لون رايته.
أبدا لم يكن آرون بوشنيل فلسطينيا من رفح ولا عربيا ولا مسلما ولا من البلدان الفقيرة المظلومة ولم يكن بلا عمل وبلا مستقبل ولم يكن عجوزا بلا أمل بل كان طيارا في أسوأ جيوش الارض ومع ذلك مات احتجاجا على ما يجري لأطفال غزة بل واوصى بتحويشة عمره لهم ولم بفكر ماذا سيعتقد البعض بطريقة احتجاجه ومن سيعتقد انه مات منتحرا لان بوشنيل يملك من الايمان بالحق حد القناعة ان الله ضد الظلم مهما كان لبوسه وأنه وحده صاحب الحق المطلق والوحيد بتصنيفه وتصني موته أيا كان رأي البشر كل البشر