منجد صالح
أمد/ في مسجد الاسراء القابع في حيّنا، حي المصايف في مدينة رام الله والبيرة يسترسل إمام الجامع من على منبر الخطابة بخطبة الجمعة الرابعة والاخيرة من شهر رمضان المبارك لهذا العام، يتبعها صلاة الجمعة
المسجد يعجّ بالمصلين، فطوابقه الاربعة مليئة عن بكرة ابيها بالمصلين الراغبين بمزيد من الايمان بالمشاركة في هذا اليوم من الشهر، وخاصة واننا على مرمى “خبط العصا”، من المسجد الاقصى، في اكناف بيت المقدس، لكن اجراءات الاحتلال القمعية العنصرية البغيضة لا تُتيح للشباب من الوصول إلى الاقصى والصلاة فيه،
فجر هذا اليوم والمسجد الاقصى يكتظّ بالمصلين في صلاة الفجر والله سبحانه وتعالى ينزل على عباده المؤمنين الرحمة، امطر جيش الاحتلال المنفلت من عقال الحضارة المصلين بعشرات قنابل الغاز من طائرة مسيّرة، مما ادى إلى اختناق العديد منهم،
الله سبحانه وتعالى يُنزّل غيث الرحمة على عباده المصلين المرابطين في المسجد الاقصى في الجمعة الاخيرة من رمضان، والاحتلال الغاشم يُمطر المصلين المؤمنين بالغاز السام والمسيل للدموع،
فهل يقوى حقدهم وغازهم المسيل للدموع على شذرات ايمان المصلين الفلسطينيين ومرابطتهم وصمودهم في جنبات المسجد الاقصى؟؟!! “الذي باركنا حوله”،
وهل استطاعت همجيّتهم وتدميرهم لقطاع غزّة وتحويله إلى اكوام من الركام من النيل من عزيمة شعبنا، قبل رمضان وخلال رمضان، الصابر المرابط المتمترس في ارضنا وبيارات برتقالنا وحقول زيتوننا وعلى الروابي وما تبقّى عليها من سنابل قمح حرقوه بصواريخهم وقنابلهم وغطرستهم،
الجمعة الاخيرة من رمضان جاءت وترحل ويرحل معها الشهر الفضيل، لكن شعبنا الفلسطيني ثابت في ارضه كاشجار السنديان، كاشجار الزيتون الرومي المُطرّزة بها جبال وتلال فلسطين، كأشجار النخيل في غورنا واطراف البوادي،
فلسطين من البحر للنهر مثخنة بالجراح، نازفة احمرا قانيا، لكنها مليئة بالامل والايمان في هذه الجمعة الاخيرة من رمضان،
ما زال في بلادنا يمتزج صوت الآذان مع صوت اجراس الكنائس، وما زال المسجد الاقصى يُعانق كنيسة القيامة وكنيسة المهد وكنيسة البشارة،
شعبنا الفلسطيني رغم فداحة المصاب وحجم التضحيات يزداد تجذّرا في ارض وطننا، والاحتلال الجاثم على ارضنا تتخلخل وتتزعزع جذوره وفروعه وكيانه يوما بعد يوم،
فلسطين لم تعد وحدها وانما يؤازرها ويسندها العالم بأسره، من باب المندب إلى جنوب لبنان إلى بغداد والجزائر وبلاد الاندلس وحتى فنزويلا وكولمبيا والتشيلي وبوليفيا والبرازيل،
حرب اسرائيل العدوانية على الشعب الفلسطيني مستمرة وتزيد من اوارها شحنات الاسلحة الامريكية لقتل الفلسطينيين والعرب، والتباكي بالتالي على سبعة رجال شجعان ابطال من المطبخ المركزي العالمي الذي انشأه اسباني، والذين سقطوا شهداء غيلة وظلما واغتيالا بطائرات اسرائيل التي تغتال كل شيء في قطاع غزة،
الدم كله لونه احمر ويتشابه، ونحن نعتبر كل من يسقط من اجل فلسطين وشعبها وقضيتها العادلة شهيدا، من راشيل كوري الامريكية إلى المتطوعين في المطبخ من بولندا واستراليا وبريطانيا وكندا وامريكا وفلسطين،
بالمقابل اسرائيل تتعمد سفك كل دم فلسطيني أو عربي او اممي يتماهى مع الدم الفلسطيني،
وتسوق بعدها التبريرات والقصص والفذلكات والاختراعات والحقيقة ظاهرة في كبد السماء كالشمس انها دولة عدوانية معتدية محتلة بُنيت على دماء الضحايا الفلسطينيين منذ زرعها من قبل الغرب في ارضنا عنوة ودون حق ولا منطق،
الغربان السود تُزاحم بلابل الدوح على فنن اشجار الزيتون واللوز،
الجراد يُزاحم العصافير على نباتات الزعتر والميرمية والحنون البلدي يزيّن جبال وتلال فلسطين في الربيع،
الشعب الفلسطيني باق متجذّر في ارضه والاحتلال إلى زوال،
وفي الجمعة الاخيرة من رمضان نزداد ايمانا بهذه الحقيقة وبحتمية التاريخ.