مسك محمد
أمد/ فيما لاتزال الحرب مستمرة في قطاع غزة، يبقى مركز حدود رفح مقابل مصر هو النقطة الوحيدة التي تربط الغزيين بالعالم الخارجي ومركز العبور الوحيد الذي يمكن الغزيين من الهروب من آتون الحرب التي حصدت أزيد من 30 ألف شهيدا، وبينما يكابد السواد الأعظم من الغزيين في ظروف أقل ما يقال عنها أنها مزرية ولا يجدون حلا آخر سوى انتظار أن تضع الحرب أوزارها وتخفف عنهم وطأة المعاناة، كان للبعض منهم القدرة على دفع مقابل مادي باهض مقابل الهروب من جحيم الحرب نحو مصر ومنها ربما الى وجهة أخرى لكن المال وحده لا يكفي بل لا بد للحظ أن يلعب دوره .
اليوم و مع استمرار الوضع في غزة متردياً، يدفع المزيد والمزيد من السكان مبالغ ضخمة للهروب دون ضمانات من الجهة التي تتولى الترحيل وقد يكونون في غالب الأحيان عرضة للنصب والإحتيال، في حين استغل المسؤولون المحليون سلطتهم لتأمين ترتيبات خاصة لمغادرة أقاربهم، مع إعطائهم الأولوية في قوائم المتقدمين بطلبات العبور الى مصر عبر وسطاء تابعين لشركة تولت في وقت سابق التنسيقات واجراءات العبور، أما التجّار وأصحاب رؤوس الأموال فقد اضطر الكثيرون منهم لتقديم مبالغ باهضة تخطت 10 آلاف دولار من أجل تأمين العبور وتمكن العديد منهم من المغادرة في الأيام الأولى من بدأ التنسيقات بما فيهم أقارب المسؤولين المحليين والتابعين في الغالب لحركة حماس وفي العديد من الأحيان ثم تسهيل اجراءات التنسيق عبر الوساطات التي تجمعهم مع المسؤولين المحليين في شركة التنسيقات .
وفقًا لتحقيق أجراه مشروع الإبلاغ عن الجريمة المنظمة والفساد (OCCRP) والموقع المصري المستقل لتقصي الحقائق ” صحيح مصر” ، يبيع الوسطاء هذا التصريح الثمين بأسعار تتراوح بين 4500 دولار إلى 10000 دولار (4100 إلى 9200 يورو) للفلسطينيين. ومن 650 دولارًا إلى 1200 دولارًا للمصريين، هذا العمل المربح للغاية فتح شهية العديد من النصابين لتقديم خدمات التنسيق والوساطة مع الشركة الكفيلة بالملف الى أن تفجرت الفضيحة وقامت السلطات المصرية بسحب الاعتماد من شركة التنسيقات واستحدثث تنسيقا تابعا لوزارة الخارجية.
تكشف صفحة معبر رفح البري أخبار ومستجدات على منصة فيسبوك التحديثات اليومية بكشوفات شركة التنسيقات هلا والتي تسير وفق تراتيب معينة منها تاريخ الايداع وحالة وصفة المقدم للطلب وتستند الموافقة لشروط منها الموافقة الأمنية للجانب الإسرائيلي لكن ومن خلال قراءة تعليقات العديد من المقدمين لطلب المغادرة نجد أن العديد منهم كانو قد قامو بدفع المبلغ الباهض دون أن يتم الى حد اليوم الاعلان عن اسمائهم في كشوفات المسافرين .
قبل الحرب بسنة كان كبار قادة الفصائل الفلسطينية غادروا منازلهم في قطاع غزة متجهين نحو الدوحة واسطنبول وكان أول من شارك في هذا النزوح هو إسماعيل هنية، الزعيم السياسي لحماس في الخارج، الذي غادر منزله في مخيم الشاطئ للاجئين إلى الدوحة رفقة زوجته وأولاده الخمسة ( حازم ، منى ، أمال ، ريم ، ايناس ) حسب ما ذكرته صحيفة أمد الفلسطينية المحلية، وفي ذلك الحين شنّ فلسطينيون حملة ضد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، واتهم رواد مواقع التواصل الاجتماعي هنية وأبناءه وعوائلهم بترك أهالي غزة في مواجهة الحصار الخانق المفروض عليهم منذ أكثر من عقد ونصف عقد، بالإضافة إلى العدوان والحروب والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المأزومة.
مسؤولون كبار آخرون في حركتي حماس والجهاد الإسلامي كانو قد غادرو غزة إلى الخارج، بعد إسماعيل هنية، حيث غادر خليل الحية الذي يشغل منصب نائب زعيم حماس في غزة والمسؤول عن علاقات الحركة بالدول العربية والإسلامية وانتقل إلى للعيش في قطر، كما انتقل صلاح البردويل مع عائلته إلى قطر، وتبعه سامي أبو زهري، المتحدث باسم الحركة، وطاهر النونو، مستشار إسماعيل هنية، وكذلك اثنان من كبار السن في تنظيم الجهاد الإسلامي وهما، الشيخ نافذ عزام، الذي انتقل إلى لبنان، ومحمد الهندي إلى تركيا، بحسب تقارير اعلامية .
خروج قيادات حماس من غزة قبل عام من اندلاع الحرب يجرنا إلى تساؤل مهم ..هل كانو على علم بموعد تنفيذ طوفان الأقصى ؟ وهل كان خروج عائلاتهم من قطاع غزة جزءا من الترتيبات أم صدفة محضة ؟ واذا كانو بالفعل على علم بمخطط السنوار فما الذي كان يمنع عودتهم الى غزة قبل بدأ الحرب كما كان الحال في مغادرتها من باب أنه كان من الأولى أن يكونو في الصفوف الأولى من المشاركين في الطوفان أو على الأقل لكي يتقاسموا جزءا من معاناة الغزيين .