فراس ياغي
أمد/ يجب ان لا يتفاجأ أحد بأن “إسرائيل” سوف ترد على الرد “الإيراني”، وسبب عدم التسرع هو الضغط “الامريكي” الذي يطلب مشاورته في الرد قبل تنفيذه، وتصريحات الرئيس “بايدن” بان “أمريكا’ لن تقوم بمهاجمة “إيران” هو لمنع قيام “إسرائيل” برد سريع يؤدي لعواقب غير محسوبه
إسرائيل أخذت قرار بالرد، وهي تدرس طبيعته والمكان الذي سيتم فيه وحجمه وهل سيكون تكتيكي محدود ام إستراتيجي حاسم؟ وهي تناقش في مؤسسات صنع القرار السياسي والأمني الأسس التي سيستند إليها في إتخاذ قرار رد، فهل يكون الأساس يستند إلى عنوان مفهوم النوايا للضربة الإيرانية وتنفيذها ضربة بإتجاه قاعدة جوية إستراتيجة “وهذا يعني رد إستراتيجي”، او تحت عنوان النتائج التي احدثتها الضربة اي مفهوم الأضرار التي حدثت “بمعني رد محدود وتكتيكي”، ومن يعتقد غير ذلك فهو واهم ولا يعرف طبيعة العقلية الصهيونية التي تربت على عقيد الصهيوني “جابوتنسكي” والتي تستند لما يعرف بِ “الجدار الحديدي”، وهناك أمثلة، “أمريكا” طلبت من رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق “بيغن” عدم ضرب المفاعل النووي “العراقي”، فرد عليهم وقام بتنفيذ الضربة، و”أمريكا” طلبت من رئيس الوزراء السابق “اولمرت” ان لا يضرب المفاعل النووي “السوري” فكان من “اولمرت” ان اعطى الاوامر بتنفيذ الضربه، وهو لا يزال على قيد الحياة فإسألوه
السؤال هو لماذا سيرد الكيان الصهيوني على الرغم من الموقف الامريكي؟
اولا- مكانة وردع “إسرائيل” في كل المنطقة من الناحية الأستراتيجية، يعتبر مصلحة عليا لا يمكن التعامل معها بتساهل
ثانيا- هذه دولة مستوطنين تريد أمن وإزدهار، ودون تحقيق الامن سيغادرها كثر، فكيف عندما تتعرض كل المستوطنة لضربة لدرجة أنها بالمجمل لم تعد آمنه، لذلك عدم الرد سيعزز فرضية انها عاجزة
ثالثا- “نتنياهو” وجنرالات الجيش السابقين والحاليين لن يسجلوا في إرثهم وتاريخهم انهم رضخوا ولم يردوا، فهذا يعتبر سجل عار
رابعا- “إسرائيل” المغرورة كانت فرجة لكل العالم ويترسخ في ذهن الصغير والكبير شجاعة “إيران” وخنوع “إسرائيل”، وهذه الصورة يريدون محوها والعمل على تغييرها، كما فعلوا ويفعلون في غزة بعد السابع من أكتوبر/تشرين، وهم لم ولن ينجحوا في تحقيق ذلك
خامسا- بالنسبة إلى “نتنياهو” والدولة العميقة فهي حلم وفرصة لتوجيه ضربة إلى “إيران”، لكن الموقف “الأمريكي” هو الذي سيحدد طبيعتها إن لم يستطع منعها وهو لن يستطيع، وسيعمل على ان لا يكون الرد بمفاهيم إستراتيجية وإنما برد محدود لا يؤدي إلى حرب شاملة في الشرق الأوسط، وهذا ما صرح فيه “مسؤول إسرائيلي”
سادسا- في “إسرائيل” حكومة متطرفة ، أو بالأحرى “حكومة مجانين”، وهذا يعني انها ستذهب في مغامرة كما تفعل وفعلت في “غزة” و”الضفة”، وهي مستعدة للذهاب إلى ابعد حد في مغامراتها وهذا ما نلمسه منذ اكثر من ستة شهور، وهي تستند بذلك لدعم رأي عام قلق مرتعد متخوف على امنه ومستقبله ويريد إستخدام القوة المفرطة ومزيدا منها بسبب ذلك، معتقدا أن ذلك سيجلب له الامن المفقود والإستقرار الضائع، بسبب من تداعيات السابع من أكتوبر/تشرين، والذي جاء في خضم صراع وتناقض داخلي على هوية دولة الكيان عصف بها لدرجة بدأ جزء من مستوطنيها اصبح يفكر في مغادرة دولة اللبن والعسل
أخيرا، دولة الكيان الصهيوني المجروحة من هزة السابع من أكتوبر/تشرين، والتي تعاني من إستعصاء ومراوحة في المكان بعد ستة أشهر من حرب الإبادة على قطاع غزة، وعدم القدرة على تحقيق الأهداف السياسية، ومعاناتها في المجتمع الدولي بسبب مما احدثته من كارثة إنسانية، وتحولها إلى دولة تحاكم امام محكمة العدل الدولية، والإنعطافة الكبيرة في الرأي العام العالمي الذي اصبح أكثر تأييدا للقضية الفلسطينية، هذا إضافة لوضع رئيس الوزراء “نتنياهو” الشخصية وطبيعة إئتلافه الحاكم اليميني المتطرف، كل ذلك يُشير إلى أن الدولة الجريحة ونخبها المجروحة، سوف يؤدي بالضرورة للقيام برد، واعتقد أن هؤلاء النخب يفكرون بجبهة لبنان “الشمال” قبل غيرها وحتى قبل “طهران”، لان من يريد ضرب “إيران” فيجب أن يمر أولا من البوابة اللبنانية
مرة أخرى تُخطيء هذه الدولة، وعسكرها، لأن اي خطوة ومهما إعتقدت تلك الدولة بانها ستكون محدودة، ستؤدي حتما لرد الحرب الشاملة، لان قواعد الإشتباك السابقة قد إنتهت إلى غير رجعة بعد الضربة “الإيرانية’ والرد “الإيراني” المباشر، فكل الخطوط “الحمر” مُحيت وأصبح الإشتباك مباشر، وهذا ما سيكون